التصعيد ضد "عرين الأسود" والانتخابات الإسرائيلية

aac57ec2b3ab917b9541a226e90c25eb.jpeg
حجم الخط

بقلم: مصطفى إبراهيم

 


في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بمواصلة عملياتها العسكرية الإرهابية والقتل اليومي، ووضع الخطط للقضاء على المقاومة الفلسطينية في شمال الضفة الغربية خاصة مجموعة "عرين الأسود"، كما قال بعض المحللين الإسرائيليين أتها نجحت في توصيف نفسها بظاهرة جديدة تتمتع بشعبية. ورغم عدد أعضائها القليل، فإن أي ادعاء يتعالى بشأن تحطيمها في الفترة القريبة لن يكون موثوقا. ولأنه لا توجد هنا خلفية تنظيمية راسخة أو هرمية واضحة.
عمليا هي فكرة أكثر من كونها بنية تنظيمية، وكونها كذلك يصعب وقف انتشارهاـ وحقيقة ذلك الجنازات المهيبة في توديع شهداء العرين، ومئات الفلسطينيين اللذين يتجمهروا حول المستشفيات في نابلس، عند إحضار الجرحى وجثث الشهداء. وهذا يدل على أنه توجد هنا ظاهرة هامة، وشعبية العرين تتزايد، ولن تُقمع بسهولة.
وكل ما يمتلكه العرين الروح الوطنية وعزيمة وحماس الشباب اللذين يمثلون أبناء جيلهم وطموحهم واختياراتهم الوطنية، واحباطهم من الهياكل السياسية التمثيلية المتقادمة والمتآكلة. يخوضون مقاومة التف حولها الشعب الفلسطيني الذي يرى فيها ظاهرة فدائية نبيلة تعبر عن طموحهم في مقاومة الاحتلال، والانتصار للكرامة الوطنية، بعد غياب لمقاومة من هذا النوع منذ عقدين من الزمن.
وهو تعبير عن رفض الواقع الفلسطيني وحال التيه التي تعيشه القيادة الفلسطينية والفصائل والقيادات، التي امتهنت اصدار بيانات وتصريحات الدعم والفخر والتهنئة والمباركة لعملياتهم ونعي الشهداء الأبطال منهم.
وغرض الفصائل استثمار عمليات مجموعة "العرين الأسود"، وهناك ادعاءات بدعم وتمويل العرين، قد يكون هذا صحيح، لكن من غير الواضح مدى قدرتها على القيام بذلك، ومحاولاتها القاصرة عن النجاح في استعادة قوتها وعافيتها.
على إثر اغتيال الشهيد تامر الكيلاني عبر بعض القانونيين الإسرائيليين عن قلقهم من وجود قضايا قانونية، من حيث القانون الدولي، التي تضع مصاعب أمام تنفيذ اغتيالات من الجو في الضفة الغربية، "خلافا للوضع في قطاع غزة".
لكن الواقع يقول عكس ذلك، بل أن تصريحات المسؤولين في الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، هي الاستمرار بالعمليات العسكرية، على الرغم من أن محللين إسرائيليين قالوا، أن اغتيال الاحتلال الإسرائيلي الشهيد تامر الكيلاني، من قيادات "عرين الأسود"، لا يغير قواعد اللعبة"، وأن من شأنه أن يعزز قوة التنظيم.
وأن قرار إسرائيل التعتيم على الاغتيال لا يدل على مستوى ردع مرتفع، بل على العكس. وأن هذا التعتيم يعظم جدا هذا التنظيم الصغير، الذي لا تتحمل إسرائيل الكبيرة مسؤولية وتستخدم تقنيات اغتيال كبار المقاومين.
والملاحظ ربط محللون إسرائيليون بين العملية العسكرية التي نفذتها قوات الاحتلال في نابلس، وبين انتخابات الكنيست التي ستجري بعد خمسة أيام. لا يمكن تجاهل العلاقة بين المجهود الأمني والخلفية السياسية.
وثمة أهمية بالنسبة للحكومة، قبل أسبوع من الانتخابات، أن تُبرز أنها تحارب تهديدا (إرهابياً) جديدا ومتصاعدا. وطولب الجيش الإسرائيلي والشاباك بإظهار نتائج، الأمر الذي يفسر أيضا التواجد غير المألوف لرئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك، رونين بار، في غرفة قيادة العمليات أثناء تنفيذ العملية" في نابلس، الليلة الماضية.
وأن العملية العسكرية في نابلس كانت عملية اغتيال وليست عملية اعتقال، وأن الجيش والشاباك استخدم فيها قدرات استخباراتية ووحدة التنصت 8200 في الجيش الإسرائيلي، وأن الشاباك استخدام قبل العملية برنامج "بيغاسوس"، الذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلي NSO لاختراق الهواتف الذكية والتجسس على حامليها والمحيطين بهم.
وتساءل المحللين حول توقيت العملية واغتيال الناشط في "عرين الأسود"، الشهيد تامر الكيلاني، قبل ذلك بيومين، ولماذا لم يُنفذ ذلك حتى اليوم ضد تنظيم قدراته ضئيلة، لكنه نفذ عمليات مسلحة في منطقة نابلس ضد قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.
وإن الجيش الإسرائيلي لم يفعل ذلك حتى الآن، إثر قرار اتخذ في المستوى الأمني في إسرائيل، بدعم المستوى السياسي.
وأن استخدام الصورة التي عممها الجيش الإسرائيلي لرئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك، رونين بار، ورئيس شعبة العملية، في غرفة قيادة العمليات أثناء العملية العسكرية في نابلس لن تخدم الردع الإسرائيلي، وبث صور قيادة رفيعة بهذا المستوى تدير حدثا كهذا ضد تنظيم صغير. على العكس، هذا يُعظم عرين الأسود أكثر.
ويبدو أحيانا أنهم في جهاز الأمن يتحدثون بصوتين، من جهة، يحصل المُغتالون في البيانات الرسمية على أوصاف محترمة ويصورون كقادة تنظيم، كأن هذا أحد التنظيمات (الإرهابية) البارزة في العالم. ومن الجهة الأخرى، يوصي مسؤولون أمنيون آخرون بعدم تعظيم هذا التنظيم بهذا الشكل. وأن تعظيم مبالغ فيه لعملية عسكرية ناجحة قد تعود كسهم مرتد إلى جهاز الأمن، وتطور ظاهرة تقليد وتشكيل تنظيمات مشابهة في مناطق أخرى في الضفة الغربية. ومع أن السرعة في الحصول على معلومات استخبارية هامة، سمحت بتنفيذ اغتيال بواسطة تفجير دراجة نارية، تؤكد أن مستوى الحرفية المنخفض.