لم يوجد شعب عانى من ظلم السياسة والتاريخ والجغرافية كالشعب الفلسطيني الذى يعانى من قسوة الاحتلال وعنصريته إلى يومنا هذا، وحرم من قيام دولته المستقلة كأى دولة أخرى في العالم. هذه المعاناة وديمومة الاحتلال خلاصتها ثلاثة لعنات تجمعت على فلسطين . والسؤال لماذا فلسطين دون غيرها؟ والجواب تجمع في السياسة الدولية وحقبة الإستعمار وبروز الحركة الصهيونية وتحالفهما معا ، وفى التاريخ وأحداثه وتطوراته وهذا يرتبط بالسياسة , وبالجغرافيا المكان الجيوسياسى الذى حقق أهدافها للدول الإستعمارية وما زال يحقق الأهداف منه. وقد يقول قائل أن فلسطين لإرتباطها بالسرديات والمقولات الصهيونية والتي تزعم ان فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ، وبالحق الدينى اليهودى في فلسطين . والحقيقة أبعد وأعمق من ذلك ، فالحق التاريخى مثبت للشعب الفلسطينى الذى لم يغادر أرضه . وظل متجذرا فيها حتى ألآن ولم يتخلى عن مقاومته. ولكنه التحالف اللإستعمارى الصهيوني . فالسياسة والتاريخ معا حالت دون قيام الدولة الفلسطينية . وأن القوى ألإستعمارية ألأوروبية التي تحكمت في المنطقة طوال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين والتي جسدتها الإمبراطورية البريطانية والتي أولى مظاهرها وعد بلفور الذى منح وطنا قويا لليهود في فلسطين ، والهدف كان واضحا إيجاد حلا للمشلكة اليهودية في فلسطين وعدم إندماجهم في أوروبا، والهدف الآخر ان تؤسس قوة ودولة غريبة عن الجسد العربى تكون قادرة على الحيلولة دون وحدتها ولها السيطرة ، فالمنطقة العربية منطقة مستهدفة جيوسياسيا من قبل القوى الأخرى ،وهذا نراه اليوم في دور الوكالة الذى تلعبه إسرائيل. فتاريخيا لم تقم الدولة الفلسطينية والهدف كان واضحا للتمهيد لقيام الدولة اليهودية ، وهنا اليس هدف نظام ألإنتداب الذى أقرته عصبة الأمم هدفه الأخذ بيد الشعوب المستعمرة لنيل حقها في تقرير مصيرها وقيام دولها. وكان أن وضعت فلسطين تحت الإنتداب البريطاني عن قصد لتنفيذ وعد بلفور، وبدلا من أن تعمل برطانيا على قيام الدولة المستقلة الواحدة في فلسطين وتضم كل رعاياها بما فيهم اليهود ، ولتحقق ذلك ما نشأت القضية والا شهدت المنطقة حروبا كثيرة راح ضحيتها ألألأف من المدنيين الأبرياء. بل عملت بريطانيا على تسهيل هجرة اليهود لفلسطين ونقل الأراضى الفلسطينية وتسهيل بناء المؤسسات اليهودية والمليشيات العسكرية وتعاملت بقسوة وإجهاض لاى ثورة فلسطينية , وصولا لعرض القضية على الأمم المتحدة وإستصدار القرار الأممى 181ا والذى صدر بدون ممارسة الشعب الفلسطينى لحقه في تقرير مصيره ولمنح الدولةالهودية ما يقارب ال54فى المائة من مساحة فلسطين علما ان عدد سكان اليهود لم يكن يزيد عن 30 في المائة.وهذا أول مظاهر اللعنة السياسية التى وقعت بفلسطين وشعبها, واللعنة الثانية المذابح والتهجير القسرى لآلآف الفلسطينيين الذين دمرت قراهم وهم اليوم يعيشيون في المخيمات ويحلمون بيوم العودة ويمثلون أصعب وأقسى مشلكة للاجئيين في العالم.والصورة الثالثة لهذه اللعنة السياسية حرب 1948 والتى أحتلت بموجبها إسرائيل وبدعم أوروبى وأمريكى ما قارب 25 في المائة من المساحة المخصصة للدولة العربية بموجب القرار المذكور،أما الوجه ألآخر الأكثر قسوة للعنة السياسية عجز ألأمم المتحدة والمجتمع الدولى عن تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والفيتو ألأمريكى الذى وفر الحماية لإسرائيل من تطبيق الفصل السادس والسابع من الميثاق ، ولحماية إحتلالها اليوم للأراضى الفلسطينيية والذى يعتبر أطول إحتلال يعرفه العالم والمصاحب بالحصار والإعتقال وتدمير المنازل وإقتلاع الشجر ومصادرة الآراضى الفلسطينية ، حتى المنطقة ج وهى التي تعتبر جزءا من الدولة الفلسطينية التى يطالب بها الفلسطينيون وهى اقل بعشرين في المائة عن القرار الأممى يحرم على الفلسطينيين البناء فيها. ومن مظاهر هذه اللعنة السياسية المعايير وألإزدواجية الدولية الغائبة عن فلسطين أرضا وشعبا، ولعل مقاررنة سريعة بالحرب في أوكمرانيا وكيف تعاملت أمريكا وأوروبا معها ، وكم من المليارات التي أنفقت تعكس هذه الأزدواجية الدولية والعدالة الغائبة عن فلسطين. ولعل السب الرئيس لأنها إسرائيل.ومن صور هذه اللعنة السياسية والإزدواجية أربعة حروب تشن على غزة ألأكثر كثافة في العالم والتي يعيش على على مساحة 340 كيلو متر مربع أكثر من مليونيين تحت الحصار والتهديد بالحرب. وإلى جانب هذه اللعنة السياسية لعنة المكان أو الجغرافيا، لوكانت فلسطين في غير مكانها وموقعها ما لحقت بها هذه النكبات المتوالية وسببها الجغرافيا والمكان وألاض. واللعنة الجغرافية صورتها ألأولى في إختيار فلسطين لقيام إسرائيل الدولة ورفض قيام الدولة الفلسطينية ,الصورة الثانية اليوم الإنقسام السياسي والذى في حقيقته تتحكم فيه إسرائيل بفصل غزة عن بقية ألأراضى الفسطينية في الضفة وهناك إنقسام واقعى غير معلن بتقسيم الضفة الغربية إلى مناطق منعزلة تتحكم فيها الثكنات العسكرية ,ورغم يد السلام الممدودة فلسطينيا وتوقيع إتفاقات أوسلو وألإعتراف بحق إسرائيل كدولة من قبل المنظمة ، فما زالت إسرائيل ومعها المجتمع الدولى ترفضان قيام الدولة الفلسطينية بل ومصادرة القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين. هذه اللعنات الثلاث ستبقي وصمة عار على جبين العدالة الدولية والقيم الديموقراطية التي تتغنى بها المجتمعات الغربية . فالعدالة وألإنسانية والسلام في فلسطين أرض الأنبياء وأرض السلام ,ولا بديل لذلك إلا بالتعايش والتسامح بين الشعبين وبقيام الدولة الفلسطينية الديموقراطية المدنية السلمية.