تجاوزت"عرين الاسود" خلال الاسبوع المنصرم ، حدود نابلس والياسمينة والرطروط والقصبة، الى ما هو أبعد من ذلك ببعيد ، ووصلت ان تصبح القضية رقم 1 بامتياز لدى الشعب الفلسطيني والامة العربية وخاصة عبر وسائط التواصل الاجتماعي . السيد نصر الله في معرض الحديث عن اتفاقية الغاز ، اشاد بهم ووجه تحياته لهم ، وهذه اشارة الى انهم ليسوا وحدهم.
تجاوزت المسألة موضوع التعاطف مع المجموعة التي تعرضت لهجوم اسرائيلي نوعي قتلت فيه عددا من قيادتها واصابت العشرات بجراح تكاد تكون قد أخرجتهم من خدمتها، ذلك ان الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته وأضراب فئاته، اصبح في حاجة ماسة ان يغير نمط حياته في مسألة نوعية التعاطي مع اسرائيل التي تحتله وتمارس معه أسوأ وأبهظ اشكال الاحتلال قديمها وحديثها على الاطلاق باسم السلام . لا ينفع الاستمرار على هذه الوتيرة المختلة ثلاثين سنة أخرى ، ومن هنا جاء كل هذا الاهتمام والتناول لهذه الظاهرة الوليدة،"عرين الاسود".
جزء أساس من التناول جاء من "الاهتمام" الاسرائيلي بها ، بحثا وتمحيصا واستقراء لدى كبار المحللين والخبراء على مدار أيام واسابيع ، حتى وصل الامر ببعضهم ان يخطّـّيء محاولة القضاء عليهم كما حصل مؤخرا، ليس من باب التعاطف معهم ومع نضالهم – هذه كانت اصوات قليلة ومحصورة ومعدودة على الاصابع واعتبرت نضالهم ضد جنود الاحتلال ليس ارهابا-، بل من باب انه من الصعوبة بمكان الاجهاز على الظاهرة ، كما ان بعضهم، حّذّر من انتشارها في بقية المحافظات، واستندوا في ذلك الى جنازات التشييع ، وهم في هذا محقون.
الجزء الآخر من التناول، استند الى جملة "الشائعات" التي صاحبت واعقبت العملية الاجرامية، من على شاكلة تسليم بعض العناصر نفسها للسلطة، او صعوبة الاستمرار في المقاومة والكفاح ، حتى وصل الامر ببعض الشائعات ان المجموعة حلت نفسها وانتهى أمرها ها هنا.
ورغم انه لا بد ان يكون لبعض الشائعات جانبا من الصحة ، الا ان الامر لا يؤخذ على هذه الشاكلة من البساطة والسذاجة والسطحية ، وكأننا امام شركة جديدة حديثة التشكيل خسرت او تعثرت في اولى مهامتها، فقامت بحل نفسها خوفا من استمرار النزف، لو كان الامر كذلك لقلنا "كفى العرين شر القتال".
الامر متعلق جوهريا وتاريخانيا بحالة وحاجة نهوض شعب ، كبى فترة كافية من الوقت في عملية خداع دولية معقدة لمعظم اركان قيادته المتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية ، وآن اوان انتهاء عملية الخداع ، وكانت "عرين الاسود" تعبيرا عمليا صادقا عن رفض الخداع وخلق مقومات مقاومته، ولهذا اشرف على عملية القتل كل مفاصل الدولة ، ولهذا ما زال الحصار المضروب على المدينة بأكملها مستمرا ويدخل اليوم اسبوعه الرابع . وعودة سريعة قصيرة الى الوراء شهرين ، ترينا اين كنا واين اليوم اصبحنا ، يومها قالت والدة الشهيد ابراهيم النابلسي، انه سيكون هناك العشرات منه ومن أمثاله ، فتفتق الامر عن عرين أسود ، القضاء على عرين نابلس ، سيتفتق عنه عشرات العرائن، وحسب القاموس ، عرائن او عرن.