منذ مطلع العام الجاري تشهد مدن الضفة الغربية تصعيد عسكري إسرائيلي وتوتر في عدد من المدن خاصة نابلس وجنين والخليل وكذلك القدس الشرقية، حيث أدت المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى مقتل 25 إسرائيليا خلال أكثر من 2200 عملية نفذها مقاومين فلسطينيين خلال 10 أشهر في الضفة والقدس، ما يشير إلى زيادة حدة التوتر ووجود توجه فلسطيني جديد نحو المقاومة المسلحة ردا على التعنت الإسرائيلي الرافض لتفعيل عملية السلام والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
عزيزي القارئ وأنت تقرأ هذا المقال تفرض سلطات الاحتلال الإسرائيلي حصارا خانقا على مدينتي نابلس منذ ثلاثة أسابيع بالإضافة لحصار مدينة الخليل منذ ساعات، وذلك في محاولة إسرائيلية لمجابهة المقاومين الفلسطينيين الذي شكلوا كيانا مسلحا جديد تحت اسم "عرين الأسود" والذي يقوده عدد من الشبان الرافضين لسلب إسرائيل حقوق الفلسطينيين والرافضين لسلوك الفصائل الفلسطينية التي تتصارع على النفوذ والمصالح.
تعد مدينة جنين أحد أبرز معاقل المقاومين الفلسطينيين الذين نفذوا عددا كبيرا من العمليات في العمق الإسرائيلي وكذلك في الضفة الغربية، وأحدثوا زلزالا تحت أقدام المستوطنين الذين يبسطون سيطرتهم على مناطق عدة بالضفة، إلا أن التحرك الذي قاده الشبان الفلسطينيين في جنين أرسل رسالة عاجلة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بأن الفلسطيني متمسك بأرضه ومستمر في مقاومته إلى حين نيل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
الحصار العسكري الخانق المفروض من جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدينة نابلس يسعى لتحجيم العمليات التي ينفذها مقاومين في المدينة إلا أن هذا الحصار الجائر يؤثر بشكل كبير على المحافظة التي تعد عاصمة فلسطين الاقتصادية والمركز التجاري والصناعي في كافة محافظات الضفة الغربية، حيث تكبد التجار في المدينة خسائر تقدر بملايين الدولارات خلال ثلاثة أسابيع بسبب الحواجز والقيود التي تفرضها إسرائيل بإغلاق مداخل المدينة.
تعتمد محافظة نابلس في نشاطها التجاري على المتسوقين من المحافظات الأخرى والقرى المجاورة والأهالي في الداخل المحتل، وتشتهر نابلس بقطاع تصنيع المفروشات وصناعة الأثاث التي تحوي عدد كبير من العمالة التي تشكل 40% تقريبا من الصناعات التي تحوي أيدي عاملة، وتتواجد في نابلس 850 منشأة لتصنيع الأثاث بمتوسط 10 آلاف عامل فلسطيني.
منذ عام 2015 وحتى 2022 استشهد مئات الفلسطينيين وأصيب عشرات آلاف المدنيين في عمليات نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي سواء في قطاع غزة أو مدن الضفة الغربية والقدس، فيما قتل 141 إسرائيليا خلال عمليات متفرقة وفردية نفذها فلسطينيون وتركزت العمليات في الداخل الفلسطيني المحتل أو مدن الضفة الغربية، كل هذه الأرقام تشير إلى أن العنف والقتل الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي سيقابل بمقاومة ورد فلسطيني، وهو ما يؤكد ضرورة اللجوء إلى الحوار والمفاوضات كي يحصل الفلسطيني على حقه بإقامة دولته المستقلة، ويعد هذا الخيار الوحيد والامثل لإيجاد حل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الممتد منذ عقود.
خلال ساعات سيصدر البيان الختامي للقمة العربية التي تحتضنها الجزائر وستتضمن عدد من البنود الخاصة بالقضية الفلسطينية والتي ستؤكد على ضرورة الحل السلمي واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ودعم حل الدولتين، وهذ جهد مقدر ومشكور لكن ما نحتاجه فعليا هو تفعيل ما يتم الاتفاق عليه بين العرب في القمم العربية السابقة وكذلك مبادرة السلام العربية التي أعلنتها السعودية في قمة بيروت عام 2002.