إن تعيين رئيس وزراء بريطانيا الجديد ذي الملامح الهندية، ريشي سوناك، هو إحدى المحاولات البريطانية لمحو تاريخها الاستعماري الأسود، لكي تتحول بريطانيا من دولة استعمارية إلى دولة ديمقراطية!
سحنة، ريشي سوناك الجديدة أدهشت العالم كله، أسعدت المضطهدين في أوطانهم، ظنوا واهمين أن بريطانيا ذات التاريخ القمعي صارت عروساً للديمقراطية!
هؤلاء المضلَّلونَ لا يعلمون أن وجه ريشي سوناك ستارة مصنوعة في مصانع السياسة البريطانية، تُخفي خلفها عنصرية الرجل الأبيض، ليس ريشي سوناك سوى علبة طلاء حديثة اكتشفها حزب المحافظين، ترمي لطمس صورة الاحتلال والقمع والعنصرية، هو ليس وريثاً لتاريخ الهند فهو ليس من سلالة الزعيم غاندي، ولا هو من أحفاد جواهر لال نهرو، هو ابنُ الدفيئة السياسية البريطانية!
هذا الهندي المهاجر إلى بريطانيا هو اليوم ضد كل المهاجرين إلى بريطانيا، دعا في حملته الانتخابية لمراقبة كل مهاجر أجنبي جديد، وطالب بإيقاف سفن المهاجرين إليها من فرنسا بالقوة، تبلغ ثروة زوجته، أكشاتا مورتي مليار دولار!
خضع ريشي سوناك قبل أن يتولى منصبه الجديد لعملية اختبار في فن إدارة المال، حين كان مصرفياً بارزاً ووزيراً للمالية، فأثبت أنه كفءٌ لإدارة ثروة بريطانيا، وليس لنصرة الكادحين في العالم، فهو لم يقرأ تاريخ إذلال المحتل البريطاني لأهل الهند، ولم يقرأ عن حادثة قرصنة الأسطول البريطاني وسرقة كنز هندي ثمين من سفينة هندية في بحر العرب العام 1695 ليُضاف هذا الكنز المنهوب إلى خزينة بريطانيا العظمى، صُنعت منه تيجان وقلائد لملوك بريطانيا!
وهو إلى جانب ذلك من أشد المخلصين لإسرائيل، يدعم بقوة نقل سفارة بريطانيا من تل أبيب إلى القدس. قال: «القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، هذه حقيقة لا جدال فيها» وهو أيضاً يسمي إسرائيل (مملكة الأمل) ويتغزل في كل مؤتمر ولقاء بإنجازاتها التكنولوجية والعلمية، ولا يذكر بكلمة واحدة جرائم احتلالها لفلسطين.
نجح إعلام بريطانيا أيضاً في خطته الجديدة أثناء تشييع جثمان ملكة بريطانيا الراحلة، إليزابيث الثانية باعتبارها ملكة (الديمقراطية)، تذكروا آخر مسلسلات بريطانيا (الديمقراطية) متمثلاً في إذاعة «هنا لندن»، هذه الإذاعة التي تمكنت من تنويم العرب مغناطيسياً عقوداً طويلة، وعاشوا على وقع أنغامها يحلمون بتطبيق ديمقراطيتها على بلدانهم العربية! وحين تفكك هذا العالم العربي، أغلق البريطانيون (الديمقراطيون) هذه الإذاعة بعد أن حققت أهدافها، ورسخَّت في أذهان العرب ديمقراطيتها الزائفة!
تمكنت الآلة الإعلامية البريطانية من أن تجعلنا نُصفق لديمقراطيتها الزائفة، وننسى في الوقت نفسه تاريخها الأسود في العالم العربي، ولا سيما في فلسطين، عندما سلمت بريطانيا وطننا للحركة الصهيونية، في الثاني من تشرين الثاني1917م في وعد بلفور:
«إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس (وطن قومي) للشعب اليهودي في فلسطين» وعندما عاتبَ الصهيوني البارز، حايم وايزمن آرثر بلفور على تعبير (وطن قومي) وليس (دولة) ردَّ اللورد بلفور الخبير بالعرب المولعين بقشور النصوص، وليس بمضمونها: «استعملنا تعبير وطن قومي، وليس دولة لليهود حتى لا نستثير العرب، لأن العرب سيُرحبون بتعبير، (وطن قومي) ولكنهم سيثورون إن كتبنا (دولة)!»
تذكروا أن بريطانيا العُظمى لم تكتفِ بالاحتلال العسكري وسرقة ثروات البلدان التي احتلتها، بل أقدمت على ما هو أبشع، عندما احتلت الصين في منتصف القرن التاسع عشر، ونهبت كنوزها وثرواتها كما فعلت في دول العرب، ثم أقدمت على أبشع أنواع الجرائم في التاريخ، حينما زرعت شركتها الاستعمارية الكبرى، شركة الهند الشرقية نبات الأفيون في الهند، وصارت تسوقه للصين إجبارياً لتُخضع الصين والهند اقتصادياً.
لا تنسوا، أن لحم بريطانيا وشحمها من ثرواتكم، تذكروا أنّ لكم حقوقاً في بريطانيا العظمى يجب عليها أن تعيدها لكم بأثر رجعي تراكُمي!