إن طلاق الرجل زوجته وهي حائض هو أمر محرم في الكتاب والسنة بالإضافة إلى أنه حُرم من قبل علماء المسلمين، وإن ليس بين أهل العلم نزاع في تحريمه ويعتبر من الطلاق البدعي الذي يخالف السنة، وإن تطليق الزوجة في حال الحيض غير جائراً ولا حتى وهي في حال النفاس، ولا في طهر قد تم الجماع بينهما حتى تظهر، ولا بد من أن تتطهر من الحيض أو النفاس ثم يطلقها الرجل قبل أن يمسها، وإن في هذه الجزئية قد ورد حديث شريف للنبي عليه الصلاة والسلام، فقد قال عليه الصلاة والسلام لاين عمر لما طلق امرأته وهي حائض غضب عليه وأنكر وقال: “راجعها، ثم أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شئت طلقها قبل أن تمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق على النساء “وفي رواية للبخاري: “وحسبت طلقة”، ولا تكون الرجعة إلا بعد طلاق سابق، وإذا مسها زوجها لا يطلقها حتى تحيض ثم تطهر، ثم يطلقها قبل أن يمسها، فهذا ما ورد في الحديث الشريف السابق وغضب على ابن عمر وأمره باتباع ما تم ذكره، ومثل هذه الحالة أيضاً تقع على النفاس، وهنا قد اختلف علماء وفقهاء الدين في أن في هذه الحالة هل يقع الطلاق على المرأة أم لا يقع، وهنا نجد عدة آراء:
-
وإن أكثر أهل العلم قد ذهبوا إلى أن الطلاق في هذه الحالة واقع مع إثم فاعله، وإن الأئمة الأربعة وهم أصحاب المذاهب المتبوعة قد ذهبوا في هذا الاتجاه أيضاً.
-
ولكن الشيخ ابن تيمية بالإضافة إلى ابن القيم وهو تلميذ ابن تيمية قد ذهبا إلى حرمة الطلاق وعدم وقوعه.
لماذا لا يجوز طلاق المرأة وهي حائض
إن الحكمة من عدم جواز طلاق المرأة وهي حائض هو لدفع الضرر عن المرأة حيث أنه لو وقع الطلاق أثناء الحيض ففي هذه الحالة ستبقى المرأة ثلاثة أطهار وبعض أيام حيضها التي وقع الطلاق فيها، وإن هذا على القول الذي يقال: إن القرء هو الطهر، أو من الممكن أن تظل ثلاث حيضات وبعض حيضة على قول من يقول أن القرء هو الحيض، ونجد أنه في كلا الحالتين تتضرر المرأة حيث أن تطول عدتها، وإن الإمام ابن قدامة قال في المغني: “ إن الحيضة التي تطلق فيها لا تحسب من عدتها بغير خلاف بين أهل العلم، لأن الله تعالى أمر بثلاثة قروء فتناول ثلاثة كاملة، والتي طلق فيها لم يبق منها ما تتم به مع اثنتين ثلاثة كاملة فلا يعتد بها، ولأن الطلاق إنما حرم في الحيض لما فيه من تطويل العدة عليها، فلو احتسبت بتلك الحيضة قرءاً كان أقصر لعدتها وأنفع لها، فلم يكن محرماً. انتهى“.
عدة طلاق الحائض
نجد أن الطلاق في الحيض يضر بالمرأة حيث أنه يعوقها عن الشروع في العدة حيث أن الحيض الذي طلقت فيه لا يتم احتسابه من العدة باتفاق العلماء الذين قالوا أن المرأة تعتد بثلاث حيض، وإن هناك من العلماء ذهبوا إلى أنها تعتد بثلاثة أطهار أما الطهر الثاني فيكون ظاهراً وأما الأول فلأن الحيضة التي وقع الطلاق في خلالها لا تحسب، حيث أن الشرط الذي يجب أن يتواجد هو أن تكون الحيضة كاملة وبعد وقوع الطلاق ففي هذه الحالة لا يعتد بالناقصة ولو لحظة.
إن التعليل السابق يؤيده الشافعية والمالكية وقد قالوا في عدة الحائض أن المرأة تعتد بالطهر لا بالحيض، فإذا طلق الزوج زوجته في الطهر الذي لم يقربها فيه، ففي هذه الحالة تشرع في العدة فوراً بعد هذا الطلاق مباشرة بدون أن يفوتها من الزمن شيء، ويكمن السبب في أن الطهر الذي طلقت فيه يحسب لها من الأطهار الثلاثة التي تنقضي بها عدتها، فمثلاً إذا طلق الرجل زوجته قبل طلوع الشمس بخمس دقائق وهي في حالة الطهر ثم قد نزل بها دم الحيض بعد طلوع الشمس حسبت لها الخمس دقائق طهراً كاملاً، فإذا كانت المرأة من النساء اللواتي يحضن كل خمسة عشر يوماً مرة ثم حاضت مرة ثانية وطهرت فيحتسب لها هذا الطهر ثانياً، فإذا حاضت بعد خمسة عشر يوماً مرة ثالثة وطهرت فيحسب لها طهراً ثالثاً وإن عدتها تنقضي بمجرد أن ينزل عليها دم الحيضة الرابعة، ويكون الأمر على هذا القياس.
يحرم الطلاق في الحيض إلا في ثلاث حالات
إن هناك بعض الحالات التي تعتبر من الحالات المستثناة من تحريم الطلاق في الحيض وتتجلى في:
-
إذا حدث الطلاق قبل أن يخلو الزوج بزوجته أو يمسها فلا بأس أن يطلقها وهي حائض، لأن في هذه الحالة لا يوجد عدة عليها فلا يخالف طلاقها لقوله سبحانه وتعالى: “فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ”.
-
إذا كان الزوجة حاملاً.
-
في حال حصول الطلاق على عوض فبهذه الحالة لا بأس أن يطلقها وهي حائض.