فاز معسكر نتنياهو / بن غفير في الانتخابات ، لكن "اسرائيل" هي التي خسرت ، خسرت سمعتها وصورتها ودعايتها وادعاءاتها وكل مساحيق تجميلها وما حاولت الظهور به عبر سبعين سنة من انسانية وتاريخ عريق وحضارة وتمدن ورقي ورفاه و ديمقراطية وسلام وتعايش وتعدد، حتى ان لابيد في آخر اجتماع للامم المتحدة قبل اسابيع قليلة قال: ان اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي قامت عبر كتاب ، يقصد التوراة ، ودعا ممثلي العالم لزيارتها ورؤيتها على حقيقتها، فجاءت هذه الانتخابات المكثفة، لتكشف حقيقتها الحقيقية التي لا يستطيع لابيد ولا غيره انكارها او تغييرها اوتجميلها .
صحيح ان البعض الفلسطيني ، كان يراهن على سقوط هذا اليمين ، لكي يمضي قدما في عملية السلام التي توقفت منذ ثلاث عشرة سنة، وعمد الى تقديم يد المساعدة لتحقيق ذلك عبر الصوت العربي في الداخل، ولكن هذا ايضا لم ينجح في سبر غور حقيقة هؤلاء الناس وهذا الكيان ، حتى ظهرت النتائج بفوز مريح لكتلة نتنياهو اليمينية المتطرفة من 64 مقعدا ، لكن هذه نصف الحقيقة ، فالكتلة بدون نتنياهو تحصل على أكثر من 80- 90 مقعدا . ما يفيد ان ما تحاول إظهاره و كشفه للملأ والعالم في ثلاثين سنة، هي عمر رحلة سلام اوسلو ، تظهره لك بضعة ايام . ومن هنا تستطيع ان تبدأ من جديد ، وتستطيع ان تبني على هكذا مدماك ، لا يمكن لعربي مهما قدم وضحى وتنازل اقامة سلام مع من يدعو لقتل العربي ، وهو ما أشارت اليه صحيفة "يديعوت احرنوت" غداة الفرز ، من ان الفائز الاكبر هو بن غفير و شعار"الموت للعرب". وهو ما جعل اميركا بما تمثل لهذا الكيان الاعراب عن "أملها" بأن تحافظ الحكومة الجديدة على القيم الديمقراطية، الصياغة الرديفة لهذا الامل ، هو تخوف اميركا من تنفيذ وتطبيق الشعار الفائز "الموت للعرب" على نحو لا يستطيع العالم احتماله اكثر مما احتمله على مدار عمر هذا الكيان ، خاصة وان تصريحا نوعيا صدر عن شخصية كبيرة هو رئيس لجنة الخارجية والامن في الكنيست رام بن براك الذي شغل سابقا موقع نائب رئيس "الموساد"، حيث قال: ان هتلر وصل السلطة عبر الانتخابات الديمقراطية . لم يقل ترامب ، ولم يقل نفتالي بينيت ، ولم يقل تاتشر، ولم يقل بوش الذي عندما تزامن فوزه بفوز شارون ، قال له الاخير : المبادئ هي التي تفوز .
نقل عن والد نتنياهو (1910- 2012) عندما قيل له ان ابنك يريد ان يعترف بدولة فلسطينية ، قوله : ابني يضحك عليهم . وفي معركة الانتخابات الاخيرة ، كان احد اهم شعارات نتنياهو ، إلغاء اتفاقية ترسيم الحدود المائية مع لبنان ، كما ألغى اتفاقية اوسلو . او على الاقل التحايل عليها ، من نفس باب "ابني يضحك عليهم" .