اسرائيل اليوم : اختبارات صعبة في انتظار الحكومة الجديدة

حجم الخط

بقلم: مئير بن شبات*

 


تحديات عديدة في مجال الأمن والخارجية تقف أمام بنيامين نتنياهو والحكومة التي سيشكلها. من معالجة التهديد الإيراني عبر إعادة الحوكمة وإدارة العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وحتى السلوك تجاه روسيا. ضمن أمور أخرى، توجد أيضا فرص خاصة، مثل الدفع قدما بمبادرات دول مختلفة تمنح إسرائيل مكاسب سياسية، اقتصادية وأمنية. لكل هذه سيكون نتنياهو مطالبا، بالتوازي مع التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي توجد على عتبته، فيما أن في الخلفية الاستقطاب الذي يهدد وحدة المجتمع.
لرئيس الوزراء الوافد لن يكون ترف العمل بمسيرة متدرجة، بل ولن تكون له أيام رحمة. حجم التحديات وإلحاحها سيلزماه بتوزيع أقصى للانصات. الهدف الفوري هو تهدئة الخواطر، بلورة خطة مرتبة وخلق أجواء عمل. هذه حيوية لأجل تثبيت الاستقرار في الحكم.

حكومة مستقرة – فرصة في الخارج
في جوانب الأمن القومي فإن حكومة مستقرة هي فرصة لإسرائيل. فهي ستقلل انعدام اليقين في مجالات عديدة، وتسمح بالتخطيط والتمويل للمدى البعيد، بتنفيذ منهاجي، تثبيت التعاون والعلاقات الخارجية وكذا وجود نمط حياة مستقر.
التهديد الإيراني هو التحدي السياسي الأمني الأهم للحكومة التي ستقوم. هذا تهديد وجودي يستدعي تثبيتا أو تحديثا للأهداف السياسية الإسرائيلية.
في جوانب الأمن والعلاقات الخارجية فإن لائتلاف قوي يوجد معنيان مهمان آخران. الأول: مكانة إسرائيل في نظر أعدائها. الثاني: تطوير علاقات سياسية جديدة. فخلق إطار إقليمي للتعاون على أساس اتفاقات إبراهيم، بمشاركة مصر، تركيا، قطر وعلى أمل السعودية أيضا، يمكنه أن يجد مخرجا ليس فقط لمشاكل الطاقة بل وأيضا لأزمة الغذاء العالمي، مشكلة المياه ولمشاكل في مجالات أخرى.
إن شبكة العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة هي ذخر ومصلحة عليا للأمن القومي الإسرائيلي. لا جدال في ذلك. وفوارق المناهج والمواقف بين إدارة بايدن والحكومة الوافدة في مواضيع جوهرية للطرفين من شأنها أن تتحدى العلاقات بين الطرفين. وبالذات لهذا السبب من المهم توثيق الخطاب والحوار الاستراتيجي، وفي هذا الإطار إيضاح "قواعد العب".
مع تسلمه مهام منصبه، ستشتد الضغوط على نتنياهو للنزول عن الجدار واتخاذ موقف بالنسبة للحرب في أوكرانيا. وبناء على ذلك سيكون مطالبا أيضا بأن يفحص السياسة الإسرائيلية في موضوع توريد المساعدة.
في ساحة الصراع بين روسيا والغرب، يجلب نتنياهو معه الفضائل من تجربته الشخصية وعلاقاته مع الرئيس فلاديمير بوتين. والمكسب لإسرائيل من مثل هذه الوساطة يمكن أن يجد تعبيره أيضا في السياق الإيراني.

الإرهاب الفلسطيني
ينبغي الافتراض بأن القرارات الأولى التي ستكون الحكومة مطالبة باتخاذها هي في محيط سياسة الرد على الإرهاب من المناطق. صحيح أن الاستراتيجية الحالية سجلت نجاحات لا بأس بها، لكن مع كل فضائلها فإنها توفر هوامش امن ضيقة للغاية. وعليه فإن جهاز الأمن سيكون مطالبا بأن يحصن الدفاع في خط التماس، ويشدد نشاطه الإحباطي. إضافة إلى جاهزيته لاحتمال حملة واسعة في المناطق.
تشكل اتفاقات أبراهام بنية تحتية يمكنها أن تخلق حلولا لبعض من المشاكل الأساس لقطاع غزة والتي لا تنطوي على إضافة مخاطر أمنية لإسرائيل. خيرا يفعل جهاز الأمن إذا ما حدد لنفسه "خطا أحمر" غير معلن بالنسبة للحد الأقصى الذي هو مستعد لأن يسمح به لتعاظم قوة محافل الإرهاب في غزة.
في موضوع الحوكمة، مطلوب جهد وطني بقيادة نتنياهو للدفع قدما بخطوات فورية لتعزيز الأمن الشخصي: تسريع بناء وتفعيل الحرس القومي الإسرائيلي وإعطاء صلاحيات حفظ نظام محددة لرجاله؛ تأطير وتوسيع خطة "مسار آمن" لمكافحة الجريمة؛ استنفاد قدرات عمل "الشباك"؛ تعزيز مهم لقدرات الشرطة، وغيرها.
مسألة أخرى ستوضع على عتبة الحكومة هي الإدارة الوطنية للساحة المدنية في إحداث الطوارئ. فالمبنى التنظيمي الحالي لا يدعم السياقات اللازمة لأجل ضمان نجاعة عليا. البدائل الممكنة: جعل وزارة الأمن الداخلي "وزارة الدفاع عن الوطن" أو الحاق "سلطة الطوارئ الوطنية" بديوان رئيس الوزراء وتوسيع صلاحياتها.

السلام الداخلي
التحدي الأهم لكل حكومة في إسرائيل هو الحفاظ على تراص الصفوف في المجتمع الإسرائيلي. فالتضامن والتكافل المتبادل كانا دوما من العلامات المميزة لشعبنا. أهميتهما لم تقل. الأمر حيوي لضمان حصانتنا الوطنية وقدرتنا على النجاح في الاختبارات التي يعدها لنا الزمن.
معظم الاسرائيليين يرون كهدف مشترك تحصين إسرائيل كدولة يهودية، ديمقراطية، قوية، آمنة ومزدهرة. سيكون من الصواب من جانب الحكومة أن تعمل على تعظيم التعاون بين الأجزاء المختلفة من المجتمع. فالتنازلات من اجل السلام الداخلي ليست خسارة.
عن "إسرائيل اليوم"

*باحث كبير في معهد بحوث الأمن القومي حالياً ورئيس هيئة الأمن القومي في حكومة نتنياهو سابقاً.