في الوقت الذي تكتب فيه هذه السطور، فان حقيقة واحدة آخذة في الاتضاح، وان كان ليس بيقين تام: الحزب الجمهوري، الذي كان حتى الآن حزب الأقلية في مجلس النواب، سيصبح أغلب الظن حزب الأغلبية في المجلس، وان كان بفارق طفيف. وهكذا ستتسع ايضا هوامش المناورة التي ستمنح له في أعماله. وذلك بهدف التضييق على خطى وإجراءات التشريع من إدارة بايدن ووضعها في موقف الدفاع الدائم بفضل سيطرة الأغلبية في لجان مجلس النواب، مثلما أيضا بفضل قدرتها على أن تؤخر بل تحبط المخططات الطموحة للرئيس في مجالات المناخ والبيئة، البنى التحتية، التعليم، الصحة، والميزانية.
بالمقابل، لم تحسم بعد المعركة الكبرى على السيطرة في مجلس الشيوخ، ومن الواضح أن "الموجة الحمراء الجارفة"، التي بشر بها المرة تلو الأخرى دونالد ترامب، لم تغمر القارة.
إذا ما نجح الحزب الديمقراطي بالفعل في الحفاظ على تفوقه الأدنى في المجلس فإن التحول الذي وقع على ما يبدو في مجلس النواب لن يكون أكثر من مجرد تحول صغير. إذ إن استمرار سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ، اذا ما تحققت بالفعل، سيضمن، في مجال أساسي واحد على الأقل، تصميم طبيعة وصورة المحكمة العليا لسنوات طويلة، ويمكن للادارة ان تصد مسيرة تحويل المؤسسة إلى قلعة محافظة جدا بوضوح، مع كل الآثار القيمية والايديولوجية الناشئة عن ذلك.
يدور الحديث عن "انتصار" ديمقراطي محدود الضمان جدا، إذ ان هذا الإنجار ايضا لن يمنع تجنيد عملية التشريع لمجلس النواب (اذا ما حقق الجمهوريون الصدارة في هذا المجلس) وذلك ضمن إمكانية حقيقية لشل عمل الادارة، مؤقتا على الأقل، والانزلاق إلى عصر من الجمود والمواجهات الحزبية الداخلية المتواصلة. هذه المواجهات ستبث ضعفا واسعا في المجال الداخلي والدولي معا، وستجعل من الصعب بل الصعب جدا أن تؤدي الولايات المتحدة دورها بقوة عظمى قوية وذات مصداقية وتبث زعامة قاطعة في وجه التحديات التي على الأبواب.
ومع ذلك من الواضح أن زخم ترامب الهائل في حملته عائدا إلى البيت الأبيض توقف، أول من أمس. كل مرشحيه لمجلس الشيوخ فشلوا وأغلب الظن سيحرم حزبه من السيطرة في المجلس.
كما أن الرئيس بايدن هو الآخر خرج مرضوضاً ومتعثراً من انتخابات التجديد النصفي. إذ إن محاولة الولايات المتحدة مواصلة تصميم المحيط الدولي بيد واثقة وقوية حين تكون سيطرة الإدارة في الداخل جزئية وهزيلة جداً قد تضررت بشدة.
ما ينشأ عن ذلك واضح: ستحظى حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة الآن بالمجد وبحرية مناورة واسعة لتعظيم المزايا الكامنة في وهن الزعامة هذا. وستحاول بالتالي أن توثق أكثر فأكثر العلاقة مع القاعدة الجمهورية المتماسكة والصقرية الملتزمة بإسرائيل.
عن "إسرائيل اليوم"
