بشكل مفاجئ، أعلنت وسائل إعلام أمريكية وعبرية، ان وزارة العدل الأميركية أبلغت مؤخراً وزارة العدل الإسرائيلية، بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف.بي.آي) فتح تحقيقاً في مقتل الصحافية الفلسطينية - الأميركية شيرين أبو عاقلة، التي تم اعدامها بيد قوات جيش الاحتلال في شهر مايو بمدينة جنين.
القرار، اعتبرته وسائل الإعلام العبرية، بأنه "غير عادي" و"غير مسبوق"، بعدما أصدر جيش الاحتلال في وقت سابق، ان هناك خطأ حدث، ولكنه نفى عملية "تعمد القتل"، وصمتت الإدارة الأمريكية على ذلك، الى أن أعلنت قرارها الأخير، ما يعني أنها ستبدأ في تحقيقات تشمل لقاء جنود ومسؤولين من جيش الاحتلال، والذي سارع وزيرهم غانتس، برفض البيان الأمريكي ووصفه بـ "الخطأ الفادح" ولن يتعاون معه.
مبدئيا، القرار الأمريكي، يمثل انحيازا "نسبيا" الى الرواية الفلسطينية، بأن جيش الاحتلال تعمد استهداف شيرين وقتلها، كجزء من قتل "الرواية" التي تفضح مسار جرائم الحرب المرتكبة بشكل يومي، في أرض فلسطين المحتلة، ما سيزيد من عبئ الضغط السياسي – الأمني على دولة الاحتلال والممارسات الإرهابية، التي تنفذها بشكل مستمر.
يبدو واضحا، ان القرار الأمريكي حول فتح التحقيق كان جاهزا، ومعدا الى وقت مناسب، مرتبط بنتائج الانتخابات النصفية الأمريكية، والتي خرج منها الحزب الديمقراطي بمكاسب غير متوقعة، بل عاكست كل الاستطلاعات التي توقعت "طوفانا أحمر" على حساب "الأزرق"، وكذلك نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي، رغم ان المؤشرات كانت تسير لصالح "التحالف الفاشي المكثف" برئاسة نتنياهو.
ومع "الربح الديمقراطي" في أمريكا، وهزيمة "تحالف بايدن" الإسرائيلي، قررت واشنطن ان تسارع في محاصرة الفريق الحكومي الجديد، والذي سيضم فيما يضم، ممثلين رسميين لحركات تعتبرها أمريكا "إرهابية"، بشكل أو بآخر، وقد كان تصريح الناطق باسم الخارجية برايس ردا على أقوال بن غفير في احتفالية "كاهانا" بأنها تصريحات مقيتة، اعتبرته أوساط في الكيان، بأنه "أمر غير معتاد" بين تل أبيب وواشنطن، لكنها رسالة سريعة مما بدأت تتخوف منه، ببروز العنصرية الصريحة.
التصريح الأمريكي بفتح التحقيق في مقتل شيرين أبو عاقلة، بالقطع ليس بحثا عن "الحقيقة" حبا في "العدالة"، بقدر ما هي محاولة سريعة ورسالة مبكرة جدا، لفريق نتنياهو الفاشي، والذي كان منحازا الى الرئيس السابق ترامب، بل أنه لم يكن مع موقف واشنطن في حرب أوكرانيا، ويهمس دون ضجيج أنه أقرب الى بوتين، ولذا فالبيان الأمريكي يمثل جرس إنذار مبكر جدا عما سيكون، في ذهاب "التحالف الفاشي المكثف" بعيدا في ممارساته الإرهابية.
إدارة بايدن تدرك جيدا، ان التطرف الإسرائيلي القادم سيربك موقفها العام في المنطقة، ويحرجها كثيرا أمام "حلفائها"، بعدما بدأت تهتز الأرض من تحت أقدامها في أكثر من زاوية، بل أن بعض من كانوا "حلفاء مخلصين جدا"، كسروا "جدار الطاعة التاريخي"، والذهاب لسياسة اللا محاور، كما بدأت في قرار "أوبك بلس"، عندما قادت السعودية والإمارات مع روسيا موقف حول إنتاج النفط اعتبرته أمريكا "عدائيا لها.
وفلسطينيا، بدأت "الرسمية الفلسطينية" التسلل البطيء نحو كسر "البلادة السياسية" التي اصابت مواقفها سنوات طويلة، وبعد النجاح بانتزاع تصويت تاريخي في اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، والذهاب الى محكمة العدل الدولية لبحث "ماهية الاحتلال" والعنصرية والتطهير العرقي، ما سيدخل الولايات المتحدة في مأزق تصادمي مع مؤسسة استخدمتها في مواجهة الآخرين، كما أنها لن تضمن بقاء "السكون السياسي الفلسطيني" طويلا للذهاب نحو تفعيل قرارات "فك الارتباط" مع دولة الاحتلال الاحلالي، الأمر الذي سيضعها في "مأزق خاص" مع المنطقة لو أنها حاربت التوجه الفلسطيني، في ظل "حكومة فاشية عنصرية" في تل أبيب.
وبالتأكيد، كان لجلسة الاستماع في لجنة التحقيق بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الخميس 10 نوفمبر 2022، حول عملية اغتيال شيرين أبو عاقلة، اثرا مباشرا على القرار الأمريكي، ما قد يكون شكلا من "أشكال المناورة الالتفافية" على مسار لجنة التحقيق في المجلس الأممي، مستغلة أن شيرين تحمل الجنسية الأمريكية، وأنها بدأت تحقيقا بذلك، ما قد يربك مسار اللجنة الأممية، ويعرقل عملها.
وبعيدا، عما كانت "نوايا إدارة بايدن" فقرار فتح تحقيق في اعدام شيرين، يمثل خطوة هامة لفضح جرائم حرب جيش الاحتلال من جهة، ولتعميق طبيعة الاختلاف المرتقب بينها والحكومة الفاشية القادمة، بحذر ودون أوهام كبرى!
ملاحظة: زوجة بن غفير كشفت جوهرها الإرهابي، ليس ضد الفلسطيني لحاله، بل ضد غيره..لما راحت "لقاء زوجات التحالف" وهي حاملة مسدس، ولسانها يقول أنها لا تثق بشرطة الكيان وبدها تحمي حالها بحالها...هيك نماذج بقدر سوادها بقدر ما فيها خدمة.."الوقاحة الإرهابية ممكن تصير نعمة سياسية" لو الشغل بيصير مش هرقلة!
تنوه خاص: كما اليوم في 15 نوفمبر 1988، أعلن الخالد المؤسس بصوته، الذي لا زال حاضرا قوة وكبرياء وطني، "إعلان الاستقلال" ..نصا لتاريخ سياسي جديد نحو الكيانية الأولى فوق أرض فلسطين..إعلان ينتظر استكمال أركانه قبل أن تتمكن دولة الكيان و"حرس حدودها الجدد" من كسر اقدامه..التاريخ لا ينتظر مترددا ولا يحترم مرتعشا!