لا ينبغي الاستخفاف بقرار الأمم المتحدة طلب فتوى من محكمة العدل الدولية في لاهاي ICJ بالنسبة لآثار «الاحتلال»، لكن أيضا لا ينبغي أن تولى له أهمية اكبر مما ينبغي. فالمخاطر المحدقة بإسرائيل جراء ذلك ليست في المدى الزمني الفوري، لكن لا ينبغي إهمالها. والى جانب الصراع القانوني (غير المباشر) والسياسي، يجب النظر في خطوات تردع وتثقل على استمرار المعركة الفلسطينية لنزع الشرعية عن إسرائيل.
من الصعب أن نتوقع أن تكون الفتوى التي ترفع من محكمة العدل الدولية أن تكون مريحة لإسرائيل. السيناريو المعقول اكثر هو أن هذه ستكون نصا يشكك بإسرائيل وبشرعية إجراءاتها في القدس وفي «يهودا والسامرة».
فتوى كهذه، ستقرر رواية تاريخية سلبية تجاه إسرائيل، توفر سندا للتصريحات والقرارات ضدها من جانب دول تميل مواقفها منذ البداية إلى ذلك وتشجع منظمات المقاطعة ضد إسرائيل. كما أنها ستوفر ريح إسناد للمحافل الكفاحية في داخل معسكر «فتح». لا ينبغي بأي حال الاستخفاف بكل هذا. لكن الضرر الكبير على نحو خاص قد يلحق على مستوى آخر، في الوزن الذي قد يعطى له في الملف الذي يدور ضد إسرائيل في مؤسسة أخرى في لاهاي – محكمة الجنايات الدولية ICC.
كما يذكر، في آذار من العام الماضي، أعلنت فاتو بنتسودا، المدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية (التي أنهت حاليا مهام منصبها)، عن فتح تحقيق في شبهات جرائم ارتكبت في مناطق «يهودا والسامرة»، في شرقي القدس وفي قطاع غزة منذ 13 حزيران 2014. وذلك في أعقاب توجه السلطة الفلسطينية، وبعد فحص أولي قضى، بخلاف موقف إسرائيل، بأن للمحكمة توجد صلاحيات للبحث في هذه الشكاوى. وصفت إسرائيل هذا القرار كإفلاس أخلاقي وقانوني وأبلغت رسميا المحكمة بأنها لن تتعاون معها.
ينبغي أن نعرف بأن إجراءات التحقيق في الـ ICC تسمح أيضا بإصدار أوامر اعتقال واستدعاء ضد مشبوهين، دون بلاغ علني. الدول الأعضاء في المحكمة ملزمة بالتعاون مع التحقيق، احترام أوامر الاعتقال ونقل المشبوهين الذين في أراضيها إلى المحكمة. إن فتح إجراءات ضد محافل إسرائيلية، فضلا عن المس بهم من شأنه أن يؤثر على سلوك إسرائيل في الساحة الدولية وان يمس بشدة بمكانتها وباعتبارها.
في كل الأحوال، بشكل عملي لم يبدأ بعد تحقيق ضد إسرائيل، وهذا أيضا ما يسعى الفلسطينيون لأن يدفعوه قدما بواسطة الخطوة في الـICJ.
عمليا، يسعى أبو مازن ورجاله للوصول إلى قرار بأن «الاحتلال» دائم وانه كله (وليس فقط خطوات في إطاره) غير قانوني، وبالتالي يجب ممارسة الضغوط على إسرائيل وجباية ثمن منها على استمرار تواجدها في «يهودا والسامرة». الـ ICC ستجد صعوبة في أن تتجاهل فتوى الـICJ تتبنى هذه الأمور، كلها أو بعضا منها.
في هذه الأيام، يفترض بجدول أعمال المحاكم الدولية في لاهاي أن يكون مشغولا بمعالجات تتعلق بأحداث الحرب في أوكرانيا، في جورجيا، في أفغانستان، في إفريقيا وفي أماكن أخرى في العالم. لكن لا يمكن «التعويل» على انهم لن يجدوا الوقت للانشغال بإسرائيل.
عندما يصل توجه من الـ ICJ (بعد أن تصادق الجمعية العمومية على القرار بالتوجه إليها)، ستكون إسرائيل مطالبة بأن تقرر هل ستتعاون معه. يبدو أن الاعتبارات التي أدت في الماضي إلى القرار برفض ذلك سارية المفعول في هذا الوقت أيضا.
دون صلة بذلك، على إسرائيل أن تفحص إمكانية تغيير في نهجها تجاه أبو مازن والسلطة الفلسطينية. صحيح النظر في خطوات توضح بأنه يوجد ثمن للصراع ضدها وللمعركة التي لا تتوقف لنزاع شرعيتها. سلة الوسائل التي لدى إسرائيل ليست هزيلة. إن لم يكن فيها ما يردع أبو مازن – فهي ستثير، على الأقل، تذكيرا إضافيا في مسألة جدوى نهجه في أوساط زعماء يدعمون السلطة.
عن «إسرائيل اليوم»
بن غفير: لو كنت رئيسا للوزراء لأمرت باعتقال الرئيس أبو مازن
22 سبتمبر 2025
