الهستيريا تجتاح إسرائيل

GnimIN8Y
حجم الخط



ما يحدث الآن ضد «نشيط اليسار» المعتقل هو مقدمة لدولة شتازي. ما يحدث بخصوص منظمات مقاومة الاحتلال هو صيد الساحرات. لا توجد طريقة اخرى لوصف هذه الهستيريا التي تجتاح اسرائيل إلا بهذه المسميات الصعبة. 
لا توجد هنا مبالغة: مدخل الى شتازي، صيد الساحرات. وسائل الاعلام تؤجج. السياسيون يوسعون الشرخ فتسرع السلطات، واغلبية الاسرائيليين يتثاءبون، والجميع راضٍ، وائتلاف الراضين من الجدار الى الجدار – اليمين والوسط والحكم والاذرع الامنية ووسائل الاعلام واغلبية الجمهور، ائتلاف لا مثيل له في الديمقراطية. 
في أحد الايام، حينما تخرج الامور عن السيطرة، سيندم بعض هؤلاء لأنهم تعاونوا أو وقفوا متفرجين، لكن ذلك سيكون متأخرا جدا. فالنار ستحرقهم. حقيقة أن نقابة المحامين لم تعلن عن الاضراب، ومنظمات الصحف لم تعلن عن مظاهرة، ورؤساء المعاهد القانونية لم يوقعوا على عريضة – كل ذلك يثبت كم هو التحطم كبير. 
نشيط اليسار معتقل في ظروف سيئة. في اليوم الذي اعتقل فيه في المطار بصفته خارجا عن القانون وهاربا – هكذا تم تصوير اعتقاله في وسائل الاعلام المحرضة – دون أن يكون ضده أمر منع سفر من البلاد. في ذلك اليوم حدث شرخ في سلطة القانون. في اليوم الذي منع فيه من الالتقاء مع محاميه وكأنه معتقل أمني خطير أو «قنبلة موقوتة» أو حارق اطفال في دوما، سقطت لبنة اخرى في جدار العدالة المتهتك. ايضا الشبهات التي اتهم بها هي أكثر سخرية مما شهدناه هنا.
 محكمة السلام في القدس كمتعاونة مع الاجهزة الامنية قامت بتمديد اعتقاله ووافقت بشكل تلقائي على طلب الشرطة منعه من الالتقاء مع المحامي. وعلى رأس الاتهامات: الاتصال مع جهة اجنبية، الأجهزة الأمنية الفلسطينية. مقاولو أمن اسرائيل هم «الطرف الاجنبي». فهل نتوقع الآن موجة اعتقالات اخرى دون الالتقاء مع المحامين لجميع وكلاء اجهزة الامن والظلام في اسرائيل، الجيش الاسرائيلي، و»الشاباك» الذين يتصلون يوميا مع «الجهات الاجنبية»؟. 
 «نشيط اليسار» مشبوه ايضا باتهامات تستند جميعها تقريبا الى التحقيق في برنامج «عوفده». المساعدة على القتل دون قتل أحد، الصلة بمحاولة قتل دون قتل ونقل شخص متواجد بشكل غير قانوني، هذه بالتأكيد مخالفة يجب أن تُبقيه في السجن طول حياته. واذا كان هذا ليس كافيا، فقد أحضرت القناة 2 الدليل الذهبي: لقد حصل على 1400 شيقل من جمعية «لنكسر الصمت». من اجل ماذا؟ ما أهمية ذلك؟ اموال الدماء. كان يجب رؤية ملامح وجه داني كوشمارو عندما قرأ النبأ المزعزع. 
  «نشيط اليسار» هو الضحية السهلة لمن يريد صيد الساحرات. سكارى الانتصار المدسوسون يستمرون في عملهم وهم يقدمون المزيد من الأدلة من أقبية المنظمات. وما نشر، أول من أمس، في «يديعوت» في ثلاث صفحات غير معقول: الوزير ألون ليئال، مدير عام وزارة الخارجية السابق، التقى مع «لنكسر الصمت» وقام بارشادهم. هل تصدقون ذلك؟ تسجيل سري ضد المدسوسين الذين تجاوزوا خطوط العدو، حيث يُسمع ليئال وهو يقدم الاستشارة حول الدروس التي يجب استخلاصها من الصراع ضد الفصل العنصري في جنوب افريقيا، وكيفية العمل لمنع تعيين داني ديان سفيرا في البرازيل. واذا كانوا هؤلاء غير مجرمين فما هي الجرائم؟ لو كنت في مكان ليئال لكنت بدأت بالاستعداد للاعتقال. وهذا الاعتقال لن يكون مختلفا عن اعتقال «نشيط اليسار». 
 كل ذلك تقوم وسائل الاعلام بتأجيجه، تلك الوسائل التي «لا تعمل عند أحد»، كما تقول ايلانا ديان – إنها لا تعمل عند أحد باستثناء نسبة المشاهدة والسعي الى الارضاء. الخوف المخجل والفاشية التي وصلت الينا منذ زمن طويل.

عن «هآرتس»

-