هذا السؤال يتجدد مع كل حكومة جديدة يتم تشكيلها بعد كل انتخابات إسرائيلية ، لكن هذه المرة الإئتلاف الحكومي يختلف ، فليس ألأمر يتعلق بعودة نتانياهو فقط لرئاسة الحكومة ، ولكن بدخول الصهيونية الدينية بقوتها البرلمانية وبيمينيتها المتشددة التي يمثلها كل من بن غفير وسموتريتش، واللذان فازا في الانتخابات تجسيدا ليمينية المجتمع الإسرائيلي ،وإمتدادا لحركة الكهانية الموصوفة بالإرهاب،ومطالبتهما بمصادرة أي حق في ألأقصى ، وبضم كل الأراضي الفلسطينية وبعدم قبول أي شكل للدولة الفلسطينية، بل يذهبان لطرد العرب في الداخل. إذن الفلسطينيون أمام نموذج جديد لحكومة يمينية متشددة متطرفة ، وألأمر الثاني أن هذه الحكومة تتوفر لديها أغلبية مريحة في داخل الكنيست 64 مقعدا وهذا معناه إمكانية إستمرار حكومة نتانياهو أربع سنوات. وألأمر الثالث لهذه الحكومة انها ستتلاعب بالورقة إلإيرانية النووية فهدف نتانياهو أن يقيم علاقات مع السعودية العربية وبذلك تطوى القضية الفلسطينية. والأمر الرابع تقوية وجود هذه الحكومة مع الشعبوية المتنامية في أوروبا وفي الولايات المتحجة الأمريكية وألأمر الأخر وهو ألأهم العمل على تجديد فكرة الوطن البديل في ألأردن والضغط على النظام ألأردني . ولا خلاف ان نتانياهو يعود للحكم وأمامه متغيرات وتطورات وبيئة سياسية جديدة في داخل إسرائيل ذاتها وعلى مستوى السياسة الفلسطينية وبوادر إنتفاضة فلسطينية ثالثة قد تقلب كل المعايير أمام هذه الحكومة وقد تقود لإنتخابات سادسة في أقرب ما يمكن توقعه. وفي ضوء نظرية المدخلات والمخرجات لهذه الحكومة لا بد من الإشارة إلى عامل مهم وهذا العامل يمكن أن يكون عنصر قوة أو عنصر ضعف لها واقصد المكون أو المتغير الفلسطيني الذي يشكل أحد أهم مدخلات هذه الحكومة . وبقدرة قوة وتأثير هذا المتغير وضغطه على الحكومة الإسرائيلية بقدر الحد من يمينية هذه الحكومة بل وبقدر تفكيكها وإسقاطها. وهنا السؤال كيف يفكر الفلسطينيون؟وكيف يمكن تفعيل هذا المتغير ؟وما هي المقاربات الفلسطينية للتعامل مع مثل هذه حكومة؟. الفلسطينيون في حاجة لفكر ومقاربات جديده في التعامل مع هذه الحكومة ومع أي حكومة إسرائيلية من منطلق ان كل الحكومات الإسرائيلية واحده في التعامل مع الحقوق الفلسطينية ، رفض لها والتعامل مع الشعب ككتلة سكانية ومع السلطة على أنها مجرد آلية للتنسيق وإدارة مدنية للشعب الفلسطيني ، ومع إسترار الإنقسام ورفض قيام الدولة وشرعنة الإستيطان وفرض الاحتلال بل وعدم الإعتراف بان إسرائيل محتلة لآرض فلسطينية. هذه المفاهيم لا بد من تغييرها وفرض الرؤية والمفاهيم الفلسطينية وإشعار إسرائيل ان إحتلالها له ثمن كبير من أمنها، والعمل على أن لا أمن ولا سلام لإسرائيل إلا مع السلطة الفلسطينية المنتخبة وشعبها، وانه لا بديل لذلك. هذه المفاهيم تحتاج رؤية ومقاربة وخطوات كثيرة في إطار إستراتيجية شاملة وكلية او ما يعرف بإستراتيجية الحزمة الواحده. وهذا يتطلب التخلي عن إلإستراتيجية المفككة أو المتقطعة أو الرهان على الغير. الرهان ينبغي أن يكون فلسطينيا ثم يأتي دور المتغيرات ألأخرى ، فلا أطلب من غيري أن يفعل كذا وكذا وأنا كمتغير فلسطينيي لا أقدم النموذج المطلوب، فلا يجوز فلسطينيا الطلب من الغير ان يقوم بإتخاذ قرارات والإنقسام الفلسطينيي قائم ورهن القرار الفلسطيني بالخلافات العربية العربية .المقاربات والخطوات كثيرة وأولها لا بد من إنهاء الإنقسام وإجراء الانتخابات وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني الشرعي وتفعيل دور المنظمة بإنتخاب مؤسساتها ، وهذا يعنى توحد السلطة والقرار السياسي وتنظيم العلاقة بين قرار المقاومة والقرار السياسي الشرعي مع تفعيل المقاومة الشعبية الشاملة ، هذه هي المقاربة ألأولى . أو القاعدة ألأساس التي تبنى عليها كل المقاربات والإستراتيجيات الأخرى. ويأتي بعد ذلك بلورة إستراتيجية عمل جديده إنتقالية تتواءم ومرحلة إنهاء الاحتلال . وهنا تبرز المقاربة الثانية للتعامل مع مثل هذه حكومة الإعلان الصريح لمرحلة الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال لحين قبولها في ألألمم المتحده وهذا يعنى إلغاء لكل الإتفاقات السابقة والبدء في مفاوضات على أساس الدولة. ويأتي بعد ذلك العمل على إستعادة مكانة ودور القضية الفلسطينية عربيا ودوليا مع مراعاة المتغيرات والتطورات التي قد أستجدت على المنظومة العربية وعدم تجاهل أولويات ومصالح كل دولة ، وعدم مطالبتها بربط قرارها بالقرار الفلسطيني . فاليوم توجد حالة من السلام والتطبيع وبصرف النظر عن الموقف من هذا السلام فلا يمكن إلغاءه وتجاهله، وفى الوقت ذاته لا يمكن إسقاط المكون العربي كعمق إستراتيجي للقضية و العمل على توظيف ما هو قائم بالدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال. وبالتوازي مع المقاربة العربية الحتمية يتم التعامل من خلالها مع المقاربة الدولية، فالتأثير على مواقف كثير من الدول وخصوصا الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين وغيرها يحتاج تنسيقا وتوظيفا للقوة العربية ، فالدول العربية من تملك القوة وليس الفلسطينيون. وهنا المضي في رفع مستوى التمثيل لفلسطيني في ألأمم المتحدة الى دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال وفي حال تحقيق هذا الهدف فيجب مطالبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن برفع الاحتلال عن دولة عضو، وتفعيل لدور المسؤولية الدولية والتقاضي الدولي وتفعيل الإتفاقات الدولية كجنيف الرابعة .وفي نفس السياق تفعيل دور المنظمات الدولية المدنية ودور الجاليات العربية والإسلامية حيث تتواجد، ولدينا نموذجا في نجاح نواب في الكونجرس الأمريكي كرشيدة طليب إلى جانب نواب من أصول إسلامية. هذه بعض الرؤى للتعامل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة فالسياسة فعل والفعل قوة .
نتنياهو: أنا صاحب القرار داخل الحكومة "الإسرائيلية"
23 سبتمبر 2023