بهدوء، دون أي ضجيج، ودون معارضة، يتبلور توافق بين كل عناصر الائتلاف بأن مادة ما ستجاز: تسوية "الاستيطان الفتي".
وبكلمات أخرى، تحويل البؤر الاستيطانية بخاصة تلك التي أقيمت بعد العام 2001، إلى بلدات شرعية وقانونية.
في كل واحدة منها سيكون حكم محلي، وربما يُعين حاخام أيضا، وستربط بالشبكات، وستدفع رواتب. وكل ذلك لأجل الدفع قدما بمشروع دولة واحدة كبرى.
يوجد نقاش جماهيري في مواضيع مهمة، مثل فقرة التغلب، أو فصل النساء عن الرجال، أو المسار القانوني الذي عبره سيكون ممكنا تعيين آريه درعي وزيراً، لكن من بين كل هذه الأمور جميعها، الموضوع الأكثر أهمية الذي من شأنه أن يؤدي بالمشروع الصهيوني إلى نهاية ثنائية القومية، نسي وكأنه لم يكن.
لم يحصل هذا في حكومات سابقة. ولا حتى في السنوات التي كان فيها بنيامين نتنياهو رئيسا لحكومة مع ائتلاف بأحزاب يمينية صرفة. لم يحص هذا؛ لأن نتنياهو نفسه أيضا يعرف أن هذا هدف يسجل في مرمى الذات. هو ليس مؤيدا لدولة فلسطينية حتى لو قال هنا وهناك إنه يؤيد هذا الحل. لكنه يخشى الدولة ثنائية القومية، ويعرف أن هذا سيئ لإسرائيل.
يعرف أن هذا انتهاك لتعهد قطع منذ 2003 بإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية. وهو يعرف أن هناك شيئا واحدا أسوأ من دولة فلسطينية: دولة ثنائية القومية.
لحظة، لحظة، يمكن منذ الآن سماع الأصوات. إذ إن هذا ما قررته أغلبية الشعب.
تلقت الكتلة اليمينية – الحريدية التفويض. عمليا، في كل ما يتعلق بالموضوع السياسي، وفي مركزه النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، فإن أغلبية أولئك الذين انتخبوا الكتلة لم ينتخبوا البرنامج السياسي لبتسلئيل سموتريتش بل بالذات برنامج بنيامين نتنياهو.
نعم، هذا نتنياهو الذي امتنع عن الضم. هو نتنياهو ذاته الذي فضل التوقيع على اتفاقات إبراهيم. هو نتنياهو ذاته الذي كان شريكا لمخطط ترامب الذي يتضمن دولة فلسطينية، لكن سموتريتش عارض. هذا نتنياهو ذاته الذي هدمت حكومة يمينية برئاسته مباني في بؤرة حومش الاستيطانية في العام 2021.
وماذا الآن؟ يريد سموتريتش حقيبة الدفاع. هو لن يقرر حقا متى ستقصف طائرات سلاح الجو في سورية، فهذه الأمور يقررها أساسا قادة جهاز الأمن.
هم يوصون ورئيس الوزراء يقر، وكذا وزير الدفاع. لكن يوجد مجال واحد لوزارة الدفاع فيه تأثير دراماتيكي، هو مجال الاستيطان. وزارة الدفاع، من خلال الإدارة المدنية ومحافل أخرى، هي الحكم. ويريد سموتريتش أن يكون رئيس حكومة "يهودا" و"السامرة".
هو الذي يقرر ما يحصل في حومش، في أفيتار، وفي باقي البؤر الاستيطانية، وكذا في الخان الأحمر.
لا توجد هدية أفضل لـ BDS. بقدر ما يدور الحديث عن قرار أغلبية الجمهور تؤيده، فليكن. فالأغلبية مسموح لها أن تقرر أيضا انتحارا زاحفا. لكن الادعاء أن هذا ما قرره الجمهور هو تضليل.
في هذه الأثناء، حسب منشورات أول من أمس، سموتريتش مستعد لينزل عن الشجرة وأن "يكتفي" بحقيبة المالية. لكن يوجد له شرط: نقل الصلاحيات المتعلقة بـ "يهودا" و"السامرة" من وزارة الدفاع إلى وزارة المالية.
هو أيضا يقرر في شرعنة البؤر الاستيطانية، وربما أيضا في بؤر استيطانية أكثر بكثير، وكذا سيكون الرجل الذي يمولها. "حكومة الإخوان المسلمين" لم تكن هنا، لكننا من شأننا أن نتلقى "حكومة فتيان التلال"، في مجال الاستيطان الأقل.
هكذا يكون أن سموتريتش لم ينزل عن أي شجرة، بل العكس. هو يريد منا كلنا أن نصعد إلى الشجرة. ونحن سنقع.
إن القرارات المتعلقة بالاستيطان في "يهودا" و"السامرة" قد تكون الأهم، في المدى البعيد، في كل ما يتعلق بضمان وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. قرارات كهذه لا يمكن أن تتخذ بسبب أن حزبا متطرفا نجح في فرض سياسته. رسميا هذا ممكن. هذه هي الديمقراطية وهذه أيضا تشويهات الديمقراطية. لكن قرارات كهذه توجب نقاشا جماهيريا واسعا.
يجب أن تتخذ القرارات في هذا المجال في ظل إجماع واسع قدر الإمكان. بالضبط مثل القرارات في القوانين الأساس. فقد نال هذا الموضوع بالذات نقاشا بائسا في حملة الانتخابات.
شرك "فقط لا بيبي" أغشى عيون المعسكر الذي يريد دولة يهودية وديمقراطية.
بدلا من الإيضاح للكثير من مصوتي كتلة نتنياهو أن من شأنهم أن يودعوا مصير الحلم الصهيوني في أيدي مؤيدي الدولة ثنائية القومية، أطلقوا شعارات ضد "رئيس وزراء مع لائحة اتهام".
لوائح الاتهام هي بالتأكيد موضوع مهم وأخلاقي. لكن دولة تكف عن أن تكون يهودية هو موضوع وجودي. أفلم يفهموا أن هذا موضوع أهم؟
يوجد فقط شخص واحد يمكنه أن يقف في وجه سموتريتش وينقذنا من مصيبة دولة ثنائية القومية. وهو يدعى بنيامين نتنياهو. يمكنه أن يفعل هذا من خلال حكومة أخرى، وشريطة أن ينزل لابيد وغانتس عن الشجرة. هو يمكنه أن يفعل هذا مثلما فعل خلال معظم سنواته في حكومة اليمين. هو ببساطة منع التوسع المبالغ به للمستوطنات.
هو لم يمنح الشرعية للبؤر الاستيطانية. هو أخلى حومش، وغيرها. فهل ستكون له القوة والإرادة لمنع المصيبة؟ نحيا ونرى.
عن "يديعوت"
يديعوت احرنوت: ترامب يصل إلى إسرائيل مطلع الأسبوع المقبل
09 أكتوبر 2025
