مع ساعات صباح الأربعاء 23 نوفمبر 2022، أعلنت قوات أمن الاحتلال حدوث عملية تفجير قرب محطات حافلات بالقدس الغربية، أدت لاحقا لمقتل طالب في مدرسة دينية وعشرات الجرحى...
موضوعيا، تفاعل الشعب الفلسطيني سريعا مع الحدث فرحا، خاصة وأنه جاء بعد ساعات من قيام جيش الاحتلال بعملية اعدام الفتى أحمد أبو شحادة في نابلس، تلاه استشهاد مصابين آخر، واعتبرت العملية رد فعل طبيعي على جرائم لا تتوقف من دولة غازية، تحتل أرض دولة فلسطين، وزاد قيمتها السياسية فلسطينيا، انها في القدس الغربية، مع ما أصاب المؤسسة السياسية – الأمنية للكيان العنصري هلعا وارتباكا.
ولكن، وبعيدا عما أصاب الفلسطيني بشكل عام من تفاعل إيجابي عال مع تلك العملية، ومسارعة الفصائل بكل مسمياتها الى اصدار بيانات تأييد وتهديد في آن، (كما عادتها وكأنها بيانات مسجلة كمسودات في أجهزة الكمبيوتر)، فما لفت الانتباه، وبعد دقائق معدودة قيام أجهزة الإعلام العبري تطوعا، وبلا أي مصدر أمني، باتهام حركة حماس بأنها قد تكون هي من يقف وراء ذلك، مستندة الى بيان يقال في كل مناسبة، رغم انه مرتبك وغير واضح، معتبرة ذلك سندا ووثيقة اتهامية لها.
سرعة قيام الإعلام العبري لحماس، كان مفاجئا خاصة بعد الحديث الرسمي من قبل رئيس حكومة الاحتلال لابيد، والذي خسر الانتخابات، عن صفقة شاملة مع الحركة الإسلاموية وحكومتها، نتج عنها ترتيبات أمنية شرق قطاع غزة ومنع أي عملية كانت، او مواجهة قوات الاحتلال التي تقوم يوميا بعمليات تخريب مزارع سكان المناطق الشرقية على طول السياج، مقابل "امتيازات اقتصادية خاصة".
الاتهام السريع لحركة حماس وخاصة من يتواجد في تركيا، يبدو أنه كان يحمل رسالة خاصة، أسفرت وبشكل سريع جدا على قيام الخارجية التركية باستنكار العملية، بل واعتبارها "عمل إرهابي"، في تغيير نوعي لما كان سابقا، بل يمكن اعتبارها "انقلابا مفاهيميا وسياسيا" من تركيا لوصف العمليات العسكرية ضد دولة الكيان واحتلالها.
البيان التركي وضع حماس تحت ضغط سياسي، فقامت بإصدار بيان غريب، لا سابق لها به، تنفي صلتها بالعمل وتبرأ تركيا من أي تهمة أصدرها الإعلام العبري.
عاملان يجب التوقف أمامهما قبل الذهاب بعيدا في تحليل تلك العملية، وكيفية استغلال دولة الكيان العنصري لتمرير "أهداف سياسية" وراء تركيب اتهامات لهذا الفصيل أو ذاك، وبلا شك حققت بعض مرادها، ببيان تركي انقلابي عن السابق، وتبرأ حماس الفوري، ما أدخلها في نفق اتهامي جديد، سيربك موقفها أمام الشعب الفلسطيني، بعدما أجبرتها تركيا على بيان غير معتاد فلسطينيا.
ولكن المثير حقا وبعد انتهاء غاية الاتهامات، قيام أجهزة الكيان بالإعلان، انها لم تتمكن من معرفة الشخص الذي قام بوضع الحقيبة التي حملت متفجرات، كون كاميرات المراقبة كانت معطلة لحظة التفجير، ما يفتح شكوكا كبيرة حول الحدث، فلا يعقل أن تكون كاميرات مراقبة في منطقة حساسة بالقدس الغربية معطلة دون أن تنتبه لها "الفرق الهندسية المسؤولة"، الى أن قام هاكرز إيراني باختراق "الغرفة الخاصة" ولتفضح مكذبة التعطيل.
فيديو الهاكرز الإيراني، سيفتح باب لمناقشة حقيقة العملية وطبيعتها ومراميها ومن يقف وراءها، وخاصة بعدما لجأت بعض أوساط أمنية – إعلامية بالذهاب الى اتهام حركة داعش، بأنها قد تكون هي "الأقرب لتنفيذ عملية حافلات القدس"، فبدأت تشير الى عمليات اعتقال لخلايا ذلك التنظيم، في النقب والناصرة، وكذلك خلية تم اعتقالها بالقدس في شهر مايو 2022، وكلهم يحملون "الهوية الإسرائيلية".
الحديث عن تعطيل كاميرا المراقبة، والذي ثبت أنه ادعاء كاذب، ثم الانتقال من اتهام حماس بعدما حقق غايته السياسية، الى البحث عن "داعش"، يشير الى أن هناك مخططا تم تحضيره للمرحلة المقبلة من المواجهة، لا يستبعد فيها اللجوء لعمليات تربك كليا حالة "الغضب الفلسطيني العام"، والتي تنمو بتسارع ملفت، بشكليها الشعبي والمسلح، لتخلط بين "الحق الوطني" نحو مواجهة عدو محتل، وعمليات تستدعي حملات "تضامن" مع الكيان، كما حدث يوم الأربعاء بعد عملية القدس، فسارعت دول وأطراف بالاستنكار للحدث، دون ان ترمش لها عين بعد اعدام فتى في نابلس سقط قبلها بساعات.
الإعلان المتلاحق عن وجود "تنظيم داعش" في داخل الكيان والقدس، لا يجب التعامل معه كخبر اعتقالي بقدر ما يجب أن يدق "جرس إنذار سياسي – أمني" للفلسطينيين، رسميا وفصائليا، من الهدف وراء ذلك في مرحلة تشهد نمو "الفاشية اليهودية الدينية"، واستعدادها لفرض مشروع تهويدي شامل في الضفة والقدس.
عملية حافلات القدس، يجب أن تكون حافز تفكير وليس حافز انفعالي لسرعة التأييد والتبريك، حافز لليقظة الوطنية العامة، مما سيكون أثرا على مسار "فعل الغضب العام" لاحقا.
ملاحظة: أمريكا قامت بتسمية هادي عمرو "ممثلا خاصا" لها للتواصل مع السلطة..طيب لو بجد حابين التواصل افتحوا قنصلية القدس وهيك بيصير الطرق اقرب وأسرع.. لكن الصراحة قراركم ه مهزلة فريدة..ومظهرا لرشوة فاسدة..ومكلمة فارغة ويا ريت السلطة تعتبرها كأنها لم تكن!
تنويه خاص: نهاية قضية جثة الشاب الدرزي وتسليمه، بالطريقة اللي صارت فيها، كانت مخسر مركب..احتجاز غير ذكي وتسليم أقل ذكاء...كان لهم أن يكلفوا أبو الشهداء الخازم القيام بتسلميه الى محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا في 48..مع مؤتمر صحفي يتحدثون فيها عن قضية احتجاز جثامين شهداء القضية والوطن..لكن "الولدنة السياسية" و"عنترة فارغة" خسرت الفلسطيني مرتين..لعلها تكون قرصة تفيد "المتعنطزين"!