جرت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة بداية الشهر الجاري، وهي الانتخابات الخامسة خلال أربع سنوات، وحصد فيها معسكر" بنيامين نتنياهو" (64) مقعدا، حيث شهدت أحزاب اليمين واليمين المتطرف ما يمكن تسميته " بالسياحة اليمينية "، أي الانتقال من قطب إلى آخر داخل اليمين، فحركة "البيت اليهودي" مثلاً خسرت كل مقاعدها التي أستأثرت بها في الانتخابات السابقة لصالح "الصهيونية الدينية والقوى اليهودية"، في تجسيد للانتقال من حزب يميني إلى حزب يميني آخر متطرف.
وكذلك خسر معسكر "غانتس " و" ساعر" مقعدين لصالح الليكود، ويمثل هذا سعياً يمينياً لتمتين جبهته ورأب الصدع مع الليكود، وتجاوز الخلافات القائمة على شخص " نتنياهو" ( تهم فساد ، علاقته مع إدارة بايدن، أطول فترة حكم في تاريخ اسرائيل"، والالتفاف على اليمين كجامع لهذه الأحزاب.
في المقابل، نجد أن الأحزاب اليسارية تشظت؛ فحزب ميرتس مثلاً خسر كل مقاعده، وبالمثل خسر حزب العمل (3)، مقاعد من أصل (7)، مقاعد استأثربها في انتخابات 2021، وقد تكون الأحداث الأخيرة التي شهدتها الضفة الغربية والتعقيد الراهن في ملف المفاوضات بين حماس واسرائيل حول الجنود المحتجزين في قطاع غزة أحد أبرز الأسباب التي غيرت في البنية السياسية للمعسكرات اليمينة واليسارية.
اسهمت المتغيرات السياسية والأمنية الأخيرة في تنامي فكرة القومية اليهودية والصهيونية الدينية كمناط لتدبير الأزمات الأمنية الأخيرة بطريقة أكثر تطرفاً ودموية، على اعتبار أن التجربة السابقة التي أقصت "معسكر نتنياهو" فشلت في إحكام القبضة الأمنية على الضفة الغربية وقطاع غزة، لاسيما بعد فشل "كاسر الأمواج"، وتواصل العمليات في العمق الإسرائيلي.
تجدر الإشارة كذلك إلى مدى عمق الخطر الكامن في صعود أحزاب متطرفة كحزب الصهيونية الدينية والقوى اليهودية، الذي تنامت مقاعده من (6)، مقاعد الى (14)، مقعداً، وتمكين أيقونات التطرف الكامنة في أشخاص مشبعين بالفكر العنصري وإقصاء الآخر "كإيتمار بن غفير"، هذا الأخير الذي يواجه أكثر من (60)، تهمة جنائية !
ينذر هذا بمزيدٍ من التطرف تجاه الفلسطينيين؛ لاسيما أن حزب "بن غفير وسموتريتش" حصد ما يربو على (20%)، من الأصوات داخل الجيش الإسرائيلي، وبالتالي ستتحول مكونات الجيش الإسرائيلي من التطرف إلى التطرف الجامح.
فلسطينيًا؛ لا بد من تمتين الجبهة الداخلية وإتمام المصالحة الفلسطينية، وكذلك، خلق وبلورة رؤى استراتيجية فلسطينية متكاملة لمواجهة حكومة متطرفة، وتمكين النخب السياسية الفلسطينية، كما لا بد من خلق منهجية موحدة للعمل السياسي للأحزاب العربية في الداخل الفلسطيني.