في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء وردت في نص البيان الذي تلي في ختام انتهاء الجلسة، كلمات قليلة بدون شرح واف، ذكر فيها أنه جرى مناقشة موضوع تقسيم مناطق الدولة الفلسطينية المنشودة التي تضم 16 محافظة، موزعة على مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى أربعة أقاليم.
وذكر أن الهدف من هذه الخطوة المساهمة في عملية التنمية، غير أن «القدس العربي» بحثت في التفاصيل للوصول إلى معلومات أكثر حول الملف، ولمعرفة إن كانت له علاقة بما أشيع سابقا عن دعوات لاعتبار غزة «إقليما متمردا»، وهو ما نفي بشكل قاطع.
وبداية اتصلت «القدس العربي» بمسؤول كبير في حكومة التوافق الفلسطينية، فضل عدم ذكر اسمه، خاصة وأن الملف في طور النقاش والبحث والإعداد، وكشف المسؤول أن الملف الذي طرحه وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، نوقش للمرة الأولى في الاجتماع السابق للحكومة، وجرى تبادل الأفكار ومناقشة ما ورد خاصة بشأن التقسيم الهيكلي للمدن والمحافظات الفلسطينية التي ستوزع على الأقاليم الأربعة.
المسؤول الرفيع أكد في بداية الحديث على أن الهدف من المشروع برمته «تنموي وغير سياسي»، شارحا ذلك بأن التقسيم المناطقي للأقاليم الأربعة لا علاقة له بالمطلق بأي توجهات أو أفكار سياسية مستقبلية، وكان يرد على سؤال لـ «القدس العربي»، إن كان للمشروع علاقة بما كان يشاع سابقا من دعوات لاعتبار قطاع غزة، خلال الفترة التي تلت سيطرة حماس على غزة، وقبل تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية، لاعتبار القطاع «إقليما متمردا»، ورد على الفور «لا علاقة للمشروع بهذا الملف.» وتابع مؤكدا «هذا الملف لم يطرح للنقاش ولن يطرح أيضا للنقاش»، وهنا أشار إلى أن زيادة خدمات التنمية لمناطق الأقاليم ستشمل غزة «إقليم الساحل.»
ويؤكد المسؤول أن التقسيم يقوم على أساس اعتبار الأقاليم «تنموية». ويشير إلى أن هذا المشروع كان قديما، بهدف تفعيل وتنفيذ كل المشاريع التنموية التي لها علاقة بمشاريع البنى التحتية، والزراعة والري والمياه الصالحة.
ويرجع السبب في إعادة طرح المشروع من جديد إلى وجود محافظات تضم عدد سكان أكبر من عدد سكان ثلاث محافظات مجتمعة، كالخليل مثلا التي تضم قرابة الـ 700 ألف مواطن، وتتلقى دعما يقابل تلك المحافظات، وأن ذلك الأمر يدفع باتجاه إعادة هيكلة الإجراءات الإدارية لتكون ملائمة لعملية التنمية المرجوة.
وهنا يقول إن المشروع ينص على أن يعتبر قطاع غزة إقليما واحدا يسمى «إقليم الساحل»، وهو ما دفع عددا من الوزراء للطلب باعتبار القطاع إقليمين، خاصة وأن عدد سكانه يقدر بنحو مليوني نسمة، ويفوق مثلا إقليم الجنوب المقترح أن يضم كلا من محافظة الخليل وبيت لحم، وعددها مليون مواطن.
ويقول إنه جرى طرح فكرة اعتبار قطاع غزة إقليمين «إقليم شمال الساحل» و»إقليم جنوب الساحل»، وإن تلك الملاحظات وضعت للنقاش في الاجتماعات القادمة.
وعاد المسؤول الرفيع، الذي شارك في اجتماع الحكومة ليقول لـ القدس العربي» إن ذلك يلغي تخوفات اعتبار غزة «إقليما متمردا»، خاصة وأن النقاشات انصبت على كيفية تقديم خدمات أفضل لغزة وباقي المدن الفلسطينية.
وكان مجلس الوزراء حسب ما ورد في بيانه، قد ذكر أنه ناقش موضوع تنظيم محافظات الوطن في أربعة أقاليم، هي «إقليم الشمال»، ومركزه مدينة نابلس، و»إقليم الوسط»، ومركزه الدائم مدينة القدس، ومركزه المؤقت رام الله، و»إقليم الجنوب»، ومركزه مدينة الخليل، و»إقليم الساحل»، ومركزه مدينة غزة.
وقال إن إعادة تنظيم المحافظات الفلسطينية على أساس «أقاليم إدارية وتنموية بهدف دفع عملية التنمية الاقتصادية في الوطن، وزيادة نجاعة الإدارة المحلية، وتوجيه الموارد بطريقة فعالة بالاعتماد على المصادر الطبيعية والبشرية التي يمكن أن يوفرها الإقليم الموحد، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن بالاستفادة من النطاق الاقتصادي الذي يوفره الإقليم».
وتضم مناطق الضفة الغربية 11 محافظة، هي محافظات الشمال وتضم نابلس وجنين وطوباس وطولكرم وقلقيلية وسلفيت، وسيكون مركزها في التقسيم الجديد نابلس وتسمى «إقليم الشمال»، ومحافظات الوسط وتشمل القدس ورام الله والبيرة، وأريحا ومركزها القدس «وتسمى «إقليم الوسط»، وكذلك محافظات جنوب الضفة، وتضم بيت لحم والخليل، ومركزها الخليل وستسمى «إقليم الجنوب.»
وتضم مناطق قطاع غزة وتسمى المحافظات الجنوبية، خمس محافظات هي غزة، والشمال، والوسطى، وخان يونس، ورفح، ومركزها في المقترح غزة على أن تسمى «إقليم الساحل» كونها تطل جميعا على ساحل البحر المتوسط.
وفي آخر تقرير أصدره جهاز الإحصاء المركزي، في مطلع العام الجاري قال إن عـدد الفلسطينيين المقدر فـي العالم حوالى 12.37 مليون فلسطيني، منهم 4.75 مليون فـي دولة فلسطين، وحوالى 1.47 مليون فلسطيني في إسرائيل، وما يقارب 5.46 مليون في الدول العربية ونحو 685 ألف في الدول الأجنبية.
وحسب التقرير فإن أكثر من ثلث السكان يقيمون في قطاع غزة، حيث قدر عدد السكان في دولة فلسطين بحوالى 4.75 مليون فرداً، حوالى 2.90 مليون في الضفة الغربية و1.85 مليون في قطاع غزة.
ويقول المسؤول إن التوزيع الجديد لمناطق السلطة الفلسطينية وأراضي الدولة الفلسطينية المنشودة على تلك الأراضي، يجعل تقديم الخدمات التموية للإقليم الواحد أسهل، خاصة عند تنفيذ مشاريع البنى التحتية ومشاريع الزراعة والري، من خلال تسهيل العمل الإداري.
وما علمته «القدس العربي» من مصادرها أن الدراسة التفصيلية للمشروع لم تعرض بعد على مجلس الوزراء، ولم يناقش مثلا إن كانت الأقاليم ستنهي المحافظات، وتحل مكانها، وهو أمر مستبعد بشكل كبير، خاصة وأن المطروح يقوم على أساس أن تكون المحافظات جزءا من الأقاليم.
غير أنه في هذا السياق لم يطرح بعد إن كان المشروع بصيغته النهائية سينص على تسمية رؤساء لهذه الأقاليم أم لا.
يشار إلى أن الدكتور رامي الحمد الله رئيس حكومة التوافق، ترأس عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي الأخير، اجتماع اللجنة الوزارية للتنمية والإصلاح، المشرفة على تطوير خطة التنمية الوطنية للاعوام 2017 وحتى 2022.
وقال الحمد الله إن خطة التنمية الوطنية التي تتركز على تحديد الأولويات الوطنية، عن طريق الشراكة والمشاورات مع المجتمع المدني والخاص والمجتمع الدولي، ترمي إلى تطوير وتحديث المؤسسات الحكومية، والارتقاء بنوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، وإجراءات الإصلاحات الشاملة والعاجلة، في سبيل إقامة وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
وشدد الحمد الله على أنه يجب بذل كافة الجهود من أجل الارتقاء بنوعية الخدمات المقدمة للمواطنين والتركيز على تلبية احتياجات المواطنين اليومية في كافة أماكن وجودهم، رغم محدودية الإمكانيات وعقبات الاحتلال.