نتنياهو يشكّل خطراً على الأمن القومي الإسرائيلي

حجم الخط

بقلم: يوسي فيرتر

 

 




ذات يوم كان هناك عضو كنيست من "المفدال"، اسمه دافيد غلاس. في كل مرة كان يعلق فيها في مفاوضات متعبة كان يتنهد ويقول: "لم تعد لديّ أي قوة. ليكن كما أريد وينتهي الأمر"، مع آلاف الفروقات عن إيتمار بن غفير.
الغنيمة التي كانت من نصيبه في نهاية هذه المرحلة من المفاوضات الائتلافية كانت بالضبط كما أراد، وهذا يكفي، ربما حتى أكثر مما تجرأ على أن يحلم به.
العنوان بشكل عام ليس أكثر من عنوان. في هذه المرة العنوان هو الأساس: ستسمى وزارة الأمن الداخلي، التي كانت تسمى ذات مرة وزارة الشرطة، من الآن فصاعداً وزارة الأمن القومي.
كان يجب فرك العيون من أجل التصديق. ما كان جيداً للكثير من الوزراء، يستحقون أو لا يستحقون، هو أنه ليس من الجيد التباهي بالبندقية. هو يريد مثلما في أميركا: في أعقاب عمليات 11 أيلول شكّل الرئيس بوش قسماً أمن الوطن. وإذا اعتقدنا أن بتسلئيل سموتريتش هو المصاب بجنون العظمة من بين الاثنين فيجب إعادة التفكير مرة أُخرى.
"نكتة حزينة"، اعتبر ذلك غادي ايزنكوت، رئيس الأركان السابق الذي يعرف ما هو الأمن القومي، ويتعامل معه بقلق مقدس وبجدية كبيرة. نكتة؟ هذا تغيير كامل للمفهوم. لا توجد أي طلبات للوزير الجديد. هو تنافس في الانتخابات مع جدول أعمال واضح وحصل على الكثير من المقاعد، لنفسه ولشريكه، وعرف كيف يضخم إلى الحد الأقصى إنجازاته في المفاوضات. المسؤول الوحيد عن ذلك، عن هذه الإهانة القومية، هو بنيامين نتنياهو.
ليس فقط أنه وافق على تغيير اسم الوزارة في خطوة تعتبر أكثر من أمر رمزي، بل هو وضع في يد بن غفير عبوة ناسفة مع فتيل، بصورة تثير الشك الكبير بتقديره (إذا استخدمنا مفهوماً لا نريد به التشهير): "جيش خاص"، سمى وزير الدفاع التارك، بني غانتس، نقل صلاحيات وحدات حرس الحدود في "المناطق" من وزارة الدفاع إلى يد وزارة الأمن القومي (إضافة إلى الشرطة الخضراء وسلطة إنفاذ القانون على الأراضي، وهي الهيئات التي تحتك يوميا مع الأقلية العربية في البلاد).
سيكون بن غفير له حقاً "جيش خاص" أو شرطة خاصة: الـ 18 وحدة من حرس الحدود التي ستتلقى التعليمات مباشرة منه في الضفة الغربية التي في الأصل تقف على شفا الانفجار. نتنياهو شخص يعترف بقيود القوة، ودائما منذ ولايته الأولى، في حينه احترق بشكل كبير في قضية نفق "حائط المبكى"، وهو يحذر جداً في كل ما يتعلق بشؤون الأمن.
ما الذي فكر فيه عندما وافق على أن يضع في يد مشعّل حرائق، مستوطن متطرف، قوة عسكرية شرطية، في مكان متفجر جدا يحتاج إلى النضج والبلوغ والمسؤولية والتقدير؟ لا يوجد أي تفسير آخر غير التفسير الآتي: هذه ليست حكومة نتنياهو السادسة، بل هي حكومة يئير نتنياهو الأولى؛ مع كل الجنون والإهانة الأخلاقية والضياع الأمني.
بعد انتخابات 2013 كان الاتفاق الائتلافي الأول، الذي وقعه نتنياهو مع تسيبي لفني، رئيسة الحركة. وقد تم تعيينها في منصب وزيرة العدل ومديرة المفاوضات مع الفلسطينيين، بعد عقد الاتفاق الأول مع بن غفير. هذا هو باختصار جوهر التغيير الذي حصل مع نتنياهو بعد التحقيقات ولائحة الاتهام.
يثبت هذا الحدث إلى أي درجة هي مضحكة وتثير الشفقة مقالات الرأي التي تتوسل صباح مساء لرؤساء كتلة التغيير من أجل المسارعة في الانضمام إلى الحكومة، وتنظيم بعثة إلى قيساريا من أجل طرق باب الفيلا والقول ليئير وبيبي وسارة: خذونا!. لم يعد نتنياهو منذ فترة طويلة في هذا المكان.
لو أنه كان لديه أي تخوف أو تحفظ من المستوطنين المتطرفين ومن "شبان التلال" ومن خارقي القانون اللذين حقق معهما "الشاباك" في السابق لكان سيعرف إلى من يتوجه.
نتنياهو القديم، دون لائحة اتهام تحلق فوق رأسه، كان سيفعل ذلك بعد لحظة على إغلاق صناديق الاقتراع في بداية الشهر الحالي.
نتنياهو 2002 – 2023 غير معني بإنقاذه من شركائه. لأنه هو نفسه مثلهم. فوضوي، خطير، عديم المسؤولية، وعديم الكوابح والعنان. من يقوم بنقل الإدارة المدنية، التي تدير حياة الفلسطينيين في "المناطق" إلى يد سموتريتش، ومن يقوم بنقل حرس الحدود في "يهودا" و"السامرة" إلى مسؤولية بن غفير هو شخص يشكل خطر واضحاً وملموساً على الأمن القومي.

 عن "هآرتس"