قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء يوم الثلاثاء، "إنه لا يمكن ترك حل الدولتين رهينة لإرادة المحتل لأن هذا يعتبر تخليًا عن هذا الحل، ولذلك فإننا نؤكد أهمية الاعتراف بدولة فلسطين ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة تجسيدًا للحق الأصيل والطبيعي للشعب الفلسطيني كسائر شعوب الأرض".
وأضاف الرئيس عباس، في كلمته لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، التي ألقاها مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، في الجلسة الخاصة التي عقدتها اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف لهذه المناسبة، في جنيف:"أنّ الشعب الفلسطيني لن يقبل بالقهر والظلم وسيواصل كفاحه المشروع ضد الاحتلال الاستعماري لأرضنا وشعبنا".
وتابع: "لن نتخلى عن ثقافة السلام الراسخة فينا وسنواصل نهجنا في المقاومة الشعبية السلمية، ولن نقبل بمستقبل من الجدران والحصار والتمييز العنصري والقهر والكراهية والاستعمار".
وأكمل الرئيس عباس: "وستبقى قضية فلسطين الشاهد على مدى مصداقية هذا المجتمع الدولي وفعالية نظامه الذي أرساه باحترام القانون الدولي وبحفظ السلم والأمن الدوليين وبمنع الاستيلاء على أرض الغير بالقوة وبدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وفقًا للوعود والعهود التي صكّها في قراراته ومعاهداته الدولية، وشعبنا لا يطالب بأكثر مما تكفله الشرعية الدولية لباقي شعوب الأرض، ولكنه أيضًا لا يقبل بأقل، ومصير شعبنا وقدره أن يعيش حرًا كريمًا في أرضه فلسطين، ولا تثنيه قوة على الأرض من تحقيق هذا الهدف.
وأردف: "لا بد من عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة ويحتكم للشرعية الدولية بهدف إنهاء الاحتلال وحل قضايا الوضع النهائي كافة، وتحديد رزمة من الضمانات لتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة لتحقيق سلام عادل وشامل يؤدي إلى نيل الشعب الفلسطيني حرته واستقلاله في دولته على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
واستطرد الرئيس: "لا بد من استنهاض المجتمع الدولي لجهوده وتكثيف مساعيه للضغط على "إسرائيل" لإنهاء احتلالها ووقف جرائمها".
وحذر الدول التي تنشئ مكاتب تجارية أو دبلوماسية في القدس ومن عقد اتفاقيات مع المؤسسات التعليمية أو الشركات في المستوطنات أو شراء بضائع منها لأن جميع هذه الأفعال مخالفة للقانون الدولي وتشجع سلطات الاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
وقال الرئيس: "نقول لهذه الدول أنتم بذلك تزيدون من معاناة شعبنا لأنكم تعمقون وجود الاحتلال على أرضنا ولا تساهمون بصنع السلام والأمن والاستقرار في المنطقة".
وذكر: "لا يمكننا أن ننتظر من المحتل الإسرائيلي الذي يدعم الاستيطان وإرهاب المستوطنين ويصر على العدوان والحصار ضد شعبنا وينكل بأسرانا ويحتجز جثامين أبنائنا ويدمر بيوتنا ويهجر أطفالنا أن يستيقظ يوما ويختار العدل والسلام".
وأضاف: "أننا لن نتخلى عن ثقافة السلام الراسخة فينا وسنواصل نهجنا في المقاومة الشعبية السلمية، ولن نقبل بمستقبل من الجدران والحصار والتمييز العنصري والقهر والكراهية والاستعمار".
وفيما يلي نص كلمة الرئيس محمود عباس لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني:
معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة،
معالي السيد تشابا كوروشي، رئيس الجمعية رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ٧٧،
سعادة السفير هارولد آجيمان رئيس مجلس الأمن،
سعادة السيد شيخ نيانج، رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف،
"أود في البداية باسمي وباسم الشعب الفلسطيني أن أتوجه بالشكر والامتنان لكل من يؤمن بعدالة قضيتنا التاريخية ومركزيتها حول العالم، ولكل الشعوب التي عبرت عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وأيدت نضاله الشرعي وشهدت على عزيمته وصموده على الأرض الفلسطينية المحتلة، وفي القلب منها القدس، كما شهد العالم نضال شعبنا ومعاناته في مخيمات اللجوء في الوطن والشتات، كما نعرب أيضا عن جزيل شكرنا للدول التي أكدت بأغلبية ساحقة دعمها لحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره وعلى التزامها بالقانون الدولي والشرعية الدولية.
إن صمود شعبنا الفلسطيني على أرضه وفي كل مكان من العالم ووقوفكم إلى جانبه وتضامنكم المستمر معه هو ما يبقي قضية فلسطين حية وحاضرة رغم مرور السنين وتتابع الأجيال.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة،
لقد مر عام آخر على الشعب الفلسطيني وهو لا يزال يرزح تحت الاحتلال الاسرائيلي، عام آخر من القتل والحصار والاعتقال والتهجير القسري وهدم البيوت، عام آخر من المستوطنات وتقطيع أوصال الوطن بجدار الضم ومصادرة الأراضي والحواجز العسكرية، عام آخر شهد المزيد من العنف والتحريض ضد شعبنا ومقدساته المسيحية والإسلامية، عنف وتحريض يمارسه الاحتلال الإسرائيلي بكافة مكوناته العسكرية والسياسية وجماعات المستوطنين المتطرفين، بمن في ذلك مسؤولون إسرائيليون وأعضاء في الكنيست.
كما أثبتت الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة أن هؤلاء السياسيين المتطرفين يعتاشون على تدمير وطننا وانتهاك حقوقنا وسلب حريتنا، عام كما تصفه الأمم المتحدة بأنه الأكثر دموية للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية، انتهاكات يومية ومستمرة ضد كل المدنيين الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال والنساء، لقد شهد العالم كله اغتيال إسرائيل للصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة "صوت فلسطين وأيقونة الإعلام العربي"، اغتالتها قوات الاحتلال بدم بارد، ورغم مناشدات زملائها ومحاولات إسعافها، ولم تكتف بذلك بل إنها وبكل همجية اعتدت على جنازتها وحاملي نعشها "مشهد يندى له جبين البشرية"، هذه هي إسرائيل، هذا هو احتلالها ملخص في جريمة واحدة تكررها ضد شعبنا واحدة تلو الأخرى، جريمة واحدة تلخص معاناة الشعب على مدار ما يزيد على سبعة عقود، جريمة تقوم بها إسرائيل على مرأى ومسمع العالم كله.
جريمة واحدة توثق إدانتها وتوثق إفلاتها من العقاب، وهذا هو حال الشعب الفلسطيني مع هذا الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتبر نفسه فوق القانون، شعب يعيش القهر والمعاناة والحرمان، يفقدون فلذات أكبادهم، يفقدون أرضهم وديارهم وسبل عيشهم على مرأى ومسمع العالم أجمع ولعقود طويلة، ولكننا لا نرى مساءلة للاحتلال الإسرائيلي على كل هذه الجرائم لتحقيق العدالة وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني بموجب القانون الدولي، لا يمكننا أن ننتظر من المحتل الإسرائيلي الذي يدعم الاستيطان وإرهاب المستوطنين ويصر على العدوان والحصار ضد شعبنا وينكل بأسرانا ويحتجز جثامين أبنائنا ويدمر بيوتنا ويهجر أطفالنا أن يستيقظ يوما ويختار العدل والسلام، لا بد من استنهاض المجتمع الدولي لجهوده وتكثيف مساعيه للضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها ووقف جرائمها.
أصحاب السعادة، السيدات والسادة
لقد حدد المجتمع الدولي رؤيته للسلام قبل عقود من الزمن، وهي حل الدولتين على حدود عام 1967، وتجسدت هذه الرؤية في قرارات هذه المنظمة، حيث اشتملت قرارات الأمم المتحدة على مرجعيات وأسس الحل وعلى آليات تنفيذه ضمن إطار زمني محدد، بما في ذلك من خلال قرار مجلس الأمن 2334، الذي يهدف بشكل رئيسي إلى إنقاذ حل الدولتين على حدود عام 1967، وحددت واجبات الأطراف والدول بعدم الاعتراف بالأعمال أحادية الجانب غير الشرعية وعدم منحها أي شكل من أشكال الدعم، وضرورة التمييز عند التعامل مع إسرائيل بين الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وضمان احترام القانون الدولي وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الأعزل، وهنا نحذر الدول التي تنشئ مكاتب تجارية أو دبلوماسية في القدس ومن عقد اتفاقيات مع المؤسسات التعليمية أو الشركات في المستوطنات أو شراء بضائع منها لأن جميع هذه الأفعال مخالفة للقانون الدولي وتشجع سلطات الاحتلال لارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، ونقول لهذه الدول أنتم بذلك تزيدون من معاناة شعبنا لأنكم تعمقون وجود الاحتلال على أرضنا ولا تساهمون بصنع السلام والأمن والاستقرار في المنطقة.
لطالما رفض المجتمع الدولي ما تقوم به إسرائيل من سياسات الضم الاستعماري والتوسع الاستيطاني على أرضنا وانتهاك حقوق شعبنا واستباحة مقدساتنا المسيحية والإسلامية، ولكن هذا الموقف الدولي الداعم لا بد أن ترافقه تدابير عملية لترجمة الإجماع الدولي إلى أرض الواقع وتمكين شعبنا من ممارسة حقه في تقرير المصير ونيل حريته واستقلاله على أرضه وإنجاز السلام العادل والشامل في المنطقة، لقد قدمنا بدائل واقتراحات في كلمتنا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن سلطات الاحتلال تقوض حل الدولتين وتعمق واقع التمييز العنصري، وتسيطر قواتها العسكرية على شعبنا الفلسطيني وتنكل به، وتصعد من عنفها ووحشيتها ضده، وهذا ما لا نقبله، لذلك قمنا بإحالة المنظومة الاستعمارية الاسرائيلية بكافة انتهاكاتها بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير إلى محكمة العدل الدولية.
أصحاب المعالي والسعادة والأصدقاء الأعزاء
لا يمكن ترك حل الدولتين رهينة لإرادة المحتل لأن هذا يعتبر تخليا عن هذا الحل، ولذلك فإننا نؤكد أهمية الاعتراف بدولة فلسطين ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة تجسيدا للحق الأصيل والطبيعي للشعب الفلسطيني كسائر شعوب الأرض، كما لا بد من عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة ويحتكم للشرعية الدولية بهدف إنهاء الاحتلال وحل قضايا الوضع النهائي كافة، وتحديد رزمة من الضمانات لتنفيذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة لتحقيق سلام عادل وشامل يؤدي إلى نيل الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله في دولته على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
من جانبنا، نحن لن ندخر جهدا بالوفاء بالتزاماتنا بموجب القانون الدولي وترسيخ سيادة القانون وحقوق الإنسان والقيم الديمقراطية وحرية التعبير وتمكين المرأة والشباب والنهوض بالاقتصاد الوطني، وكل ذلك بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، كما سنستمر في الوفاء بالتزاماتنا بموجب القانون الدولي، وسنواصل العمل على توحيد أرضنا وشعبنا والذهاب للانتخابات الرئاسية والتشريعية عند تمكننا من عقدها في القدس، وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية يؤمن جميع أطرافها بالشرعية الدولية وبذل المزيد من الجهود على ترتيب بيتنا الفلسطيني وتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، وهنا أتقدم بجزيل الشكر من الجزائر ومصر الشقيقتين على جهودهما الخالصة لإنجاز المصالحة الفلسطينية.
أصحاب المعالي والسعادة والأصدقاء الأعزاء
إن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالقهر والظلم وسيواصل كفاحه المشروع ضد الاحتلال الاستعماري لأرضنا وشعبنا، إننا لن نتخلى عن ثقافة السلام الراسخة فينا وسنواصل نهجنا في المقاومة الشعبية السلمية، ولن نقبل بمستقبل من الجدران والحصار والتمييز العنصري والقهر والكراهية والاستعمار، وستبقى قضية فلسطين الشاهد على مدى مصداقية هذا المجتمع الدولي وفعالية نظامه الذي أرساه باحترام القانون الدولي وبحفظ السلم والأمن الدوليين وبمنع الاستيلاء على أرض الغير بالقوة وبدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وفقا للوعود والعهود التي صكّها في قراراته ومعاهداته الدولية، وشعبنا لا يطالب بأكثر مما تكفله الشرعية الدولية لباقي شعوب الأرض، ولكنه أيضا لا يقبل بأقل، ومصير شعبنا وقدره أن يعيش حرا كريما في أرضه فلسطين، ولا تثنيه قوة على الأرض من تحقيق هذا الهدف.
والسلام عليكم