هارتس : الانقسام داخل الجيش الإسرائيلي.. التهديد الأكبر

سامي-بيرتس.jpg
حجم الخط

بقلم: سامي بيرتس

 



قبل سبع سنوات قام رئيس قسم القوة البشرية باستدعائي من أجل إلقاء محاضرة أمام هيئة الأركان العامة عن "العلاقة بين الجيش والمجتمع".
اعتقد رئيس الأركان في حينه، غادي آيزنكوت، أنه يجب تعزيز مكانة الجيش في المجتمع، ومن أجل ذلك يجب معرفة نقاط الاحتكاك التي يجب عليه علاجها.
كنتُ في حينها رئيس تحرير صحيفة "ذي ماركر"، المعروفة بانتقادها لقضايا الميزانيات والشفافية وجيل التقاعد وما شابه، وبالطبع هذه القضايا تم طرحها هناك ولكني وجدت أنه من الصحيح تحديد نقاط احتكاك أخرى لا توجد في ملعب الاقتصاد. سيطرة إسرائيل المستمرة على السكان المدنيين في "يهودا" و"السامرة".
الأقوال التي قيلت هناك كانت مفهومة ضمنا لذاك المنتدى. ولكني اعتقدت أنه يجب قولها: إضافة إلى المهمات العسكرية فإن الجيش يقوم بتنفيذ مهمات شرطية، والنشاطات في "يهودا" و"السامرة" يوجد إجماع قليل حولها مقارنة بالدفاع عن الحدود، حيث إن ثمن الخطأ فيها أعلى، وهو يضعنا أمام أسئلة قيمية وأخلاقية ثقيلة، وسؤال النقاش الذي وجهته لهذا المنتدى كان "كيف تؤثر السيطرة على سكان مدنيين على المجتمع الإسرائيلي وعلى نظرته للجيش على المدى البعيد؟".
مرحلة الإجابات قام بها المنتدى نفسه، دون محاضرين من الخارج. بعد شهرين انفجرت قضية أليئور أزاريا.
فشل الجيش في الإدارة الإعلامية للحادثة، من هنا وجدت ثغرة للسياسيين من أجل الوصول إلى مجال مهني وقيادي، وتعليمات أوامر فتح النار.
جاء تأييد أزاريا من سياسيين كبار مثل نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان، وعندما ضغط جمهور اليمين فإن الدعم جاء أيضاً من رئيس الحكومة في حينه، بنيامين نتنياهو.
كان التسييس دائماً حول الجيش الإسرائيلي، لكن هذا كان مفترق طرق في تدخل سياسيين كبار في قضية عسكرية مهنية – قيمية – قيادية.
عندما أرادوا دعم الجندي الذي أخطأ فإنهم قاموا بتقويض صلاحية رئيس الأركان، وقاموا بشرعنة تحويل القضية العسكرية إلى قضية سياسية.
ومن يتفاجأ الآن من هجوم عضو الكنيست إيتمار بن غفير على الجيش الإسرائيلي، الذي حكم على جندي جفعاتي عشرة أيام سجن في أعقاب الاعتداء على ناشط يساري، يبدو أنه قد فوت هذا الفصل.
عندما يهاجم رئيس الحكومة الحالي، يائير لابيد، بن غفير الذي "بدأ منصبه بالقول إنه يحارب الجيش الإسرائيلي ويقوم بالتشهير بقادته" فهو يسهل على شركائه في الحكومة ليبرمان وبينيت. ربما فعلوا ذلك بصورة مهذبة مقارنة ببن غفير، لكن هم أيضا تبنوا موقفا معينا في قضية أزاريا، وهذا لم يكن موقف قادة الجيش. هذا أحد الأثمان الباهظة لهذه القضية.
شرخ آخر وقضم آخر لكون الجيش هو جيش الشعب، وأيضا هو تسييس.
ربما يكون مفهوم "جيش الشعب" يرتدي صورة جديدة. البروفيسور يغيل ليفي في "هآرتس" في 29/11، لاحظ أن المهمات الشرطية في الضفة الغربية يقوم بها بالأساس الجنود الذين جاؤوا من الهوامش الاجتماعية والجغرافية، في حين أنهم في سلاح الجو وفي الاستخبارات وفي الوحدات التكنولوجية (التي لا يحتكون فيها بالمدنيين)، يخدمون أبناء الطبقات الأكثر ثراء.
يوجد هنا فصل طبقي، اقتصادي واجتماعي، تدهور مؤخراً وأصبح فصلاً سياسياً، وهذا خطر كبير على مكانة الجيش الإسرائيلي. هؤلاء يحظون بتفوق تكنولوجي – اقتصادي وأولئك يتمتعون بتفوق يهودي بحكم الخدمة في "المناطق" والسيطرة على الفلسطينيين. في أوساط الذين يخدمون وجد فصل وتقاطب، وهذا آخذ في الاشتداد بسبب سياسيين شعبويين، يوجهون أقوالهم للقاعدة، وفي غضون ذلك يدمرون رسمية الجيش الإسرائيلي بصفته جيش الدولة. ربحهم قصير المدى وخسارة الجيش والدولة بعيدة المدى.
السجن عشرة أيام لجندي من "جفعاتي" لن يغير الأمر. سيواصل جنود كثيرون تأييده؛ لأن الخدمة في "يهودا" و"السامرة" هي خدمة خطيرة ومتعبة ولا أحد يعترف بفضلها. لا توجد فيها بطولة عنتيبة أو تلة الذخيرة. ولا توجد فيها إمكانية كامنة اقتصادية كما يوجد في الوحدة 8200. من بين جميع الساحات هذه هي الساحة الأكثر خطراً على مكانة الجيش الإسرائيلي كجهاز رسمي. ويمكن أن تنفجر وتفكك الجيش. هذا الوضع أكثر خطورة من أي تهديد أمني.

عن "هآرتس"