في ظل خيبة التطبيع ... عم يتساءلون ..؟؟

حجم الخط

بقلم: يونس العموري

 

 

عم يتساءلون ...؟؟ عن الخيبة الكبيرة ...؟؟ ام عن الوهم الذين ظنوا انهم به ينعمون ...؟؟ هل يصدقون انهم باتوا أصدقاء مع بسطاء الناس من المحيط الى الخليج ...؟؟ هل يعتقدون انهم بمجرد التوقيع من قبل اولي امر العرب انهم بذلك طوعوا وطبعوا العلاقة مع الشعوب ...؟؟ والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا التباكي من قبل إسرائيل ووسائل اعلامها ...؟؟ هل يريدون ان يلعبوا دور الضحية ..؟؟ ام انهم اكتشفوا حقيقة واقعهم في ظل هدير الشعوب العربية الرافضة لوجودهم وان فلسطين كل فلسطين ما زالت وستظل رمزا للغة الضاد في وجدان العروبة ...
مما لا شك فيه ان مونديال كاس العالم في قطر بنسختة للعام 2022 قد كشف اللثام عن محاولة تزوير ارادة الأمة العربية حيث انه وفي ظل إعادة تشكيل وتشكل الخارطة السياسية الإقليمية وعلى وجه التحديد العربية وتصدر اتفاقيات ‏التطبيع والصلح والتصالح وابرام الاتفاقيات العسكرية والأمنية بالتعاون المشترك مع الدولة العبرية من ‏قبل بعض الأنظمة العربية والكثير من المؤسسات العربية الرسمية وغير الرسمية للهرولة باتجاه تطبيع ‏العلاقات السياسية والأمنية والثقافية والرياضية والسياحية مع كيان الاحتلال ثمة ظاهرة لا بد من التوقف ‏عندها ، والتي اعتقد أنها قد بدأت بالسيطرة على المسار المجتمعي العربي بمنظومة وعيه وصناعه مفاهيمه ‏بشكل أو بآخر، حيث بات يتردد ترويج سياسي جديد على شكل منهج ليبرالي بعد أن تم التمظهر بفشل ‏القوى الوطنية القومية العروبية وفصائل العمل الوطني الفلسطيني بكل أشكالها الكلاسيكية أو تم إفشالها ‏وإفشال أطروحاتها وإخراجها من دائرة التأثير بشكل أو بآخر لدى المنشغلين بالشأن السياسي العام ، الأمر ‏الذي بات يهدد أركان منظومة المفاهيم الوطنية بإطارها القومي العربي برمتها.‏ الا ان الفطرة العربية الوجدانية جاءت لتصدم الجميع والمقصود بالجميع هنا أنظمة وحكام وقوى وفصائل وأحزاب ومؤسسات مشبوهة التمويل والتوجه ، لتوجه جماهير الأمة صفعة قوية ، فكان الادراك ان ان اتفاقيات التطبيع مع دولة كيان الاحتلال لا تعبر بالمطلق عن الشعوب العربية وستظل الدولة العبرية العدو الأول للامة العربية بكل مكوناتها الطائفية والسياسية والجهوية وحتى العقائدية.
إن فلسفة التطبيع تقوم على أساس التسليم بمنطق الهزيمة والاستسلام لمنطق قوة العدو وفقا لشروطه ‏ورغباته والتسليم بكل ما يتصل بالحقوق والحق والانصياع بالتالي لمعادلة الهزيمة وما تفرضها من شروط ‏انهزامية لها الأثر الكبير على مستقبل الشعب بكل مكوناته وجعل العدو صاحب اليد العليا ، في حسابات ‏المصالح وهو ما نشهده بالظرف الراهن في ظل موجة التطبيع وتنامي تيار ما يسمى بالواقعية السياسية ‏العربية المستندة بالأساس على تقاطعات للحفاظ على مصالح النخب العربية الحاكمة وما تمثل وما بين ‏مصالح دولة الاحتلال في المنطقة ، وقد انعكست هذه التقاطعات من خلال الاتفاقيات الموقعة من قبل بعض ‏الأنظمة العربية والدولة العبرية البعيدة كل البعد عن مفهوم إحلال السلام الشرق اوسطي ، وهو ما بدا وهم وبيوت اوهن من بيوت العنكبوت ، وبالتالي سقطت نظرية التطبيع وجاءت الحقيقة الصارخة بان دولة الاحتلال مرفوضة وملفوظة .
ان مفهوم التطبيع يقوم على اساس هدم اركان المجتمع من داخله وذلك من خلال زرع الفتن وتقويض ‏معتقداته وتاريخه التراثي المبني على الحقوق التاريخية والمصالح العربية ذاتها وحمايتها من استهداف ‏الاخر بصرف النظر عن ماهية هذا الاخر، وعلى مختلف المستويات بهدف التشكيك بكل ما يتصل بالعقيدة ‏العربية القومية ومندرجاتها وبالتالي هدمها واحلال عقائد أخرى مكانها لا تتصل بالتاريخ العربي القومي ‏وتراكماته. ‏
ولعل فعل التطبيع قد أخذ مداه الأساسي من خلال اتفاقية العبور نحو الساحة العربية من خلال اتفاقية أوسلو ‏وملاحقاتها، وتطويعها وفقا لرغبات حكام تل ابيب وبالأساس منها التنسيق الأمني الذي جاء كنقطة تحول ‏دراماتيكية لتجريف الفعل الوطني بكافة اشكاله، من هنا اخذ مفهوم التطبيع شكلا اخر ومختلف حيث ‏التعاون والاندماج الكامل في منظومة المفاهيم والمدركات التي اثرت على مسار العملية السياسية برمتها، ‏مما ساعد على الترويج لمفهوم الواقعية السياسية العربية بشكل عام والفلسطينية على وجه التحديد. ‏
هذا الترويج الذي بات يعتمد على ما يسمى بالواقعية السياسية وضرورة النظر للأمور والمستجدات ‏التفاعلية بالمنطقة بمنظار الواقعية والتعاطي معها والتسليم بنتائجها، وبالتالي التخلي على الخطاب السياسي ‏المستند على الثوابت الوطنية القومية والحقوق التاريخية للشعب العربي الفلسطيني، حتى أن أنصار ‏الواقعية الجدد باتت نظرتهم للوقائع السياسية تعتمد على المطروح إسرائيليا ودوليا من خلال البوابة ‏الأمريكية وأية لغة أخرى من شأنها معارضة ومقاومة المد الأمريكي ومقاومة السياسات الإسرائيلية في ‏الأراضي الفلسطينية، وتحديدا تجاه قضية كقضية القدس أو قضية اللاجئين توصف من قبل هؤلاء ‏الواقعيين على أنها خطابات خشبية جامدة لا تغني ولا تسمن من جوع، مع العلم أن الخطاب الفلسطيني ‏الراهن وبظرفيته الحالية والذي عبر ويعبر عن نفسه من خلال أطروحة الدولة الفلسطينية على حدود ‏الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية ، في اطار حل الدولتين ، إنما يعتبر قمة الواقعية الجديدة ‏والتعاطي والشأن الدولي العام في ظل مستجدات دولية وإقليمية فرضت نفسها على مختلف صُناع القرار ‏السياسي الفلسطيني على مدى العقدين الأخيرين، وهذا بتصوري ما يشكل الحد الأدنى من الخطاب الوطني ‏والقومي، ودون ذلك يعتبر تفريطا وليس انسجاما والواقع الدولي والإقليمي.‏
وفي ظل تصارع لغة الواقعية الجديدة وأنصارها مع اللغة الوطنية العربية المستندة إلى الحق الوطني ‏والعروبي التاريخي نجد هؤلاء الواقعيين يحاولون الرهان على الأطروحة الدولية عبر بوابة الإمبراطورية ‏الأمريكية وسياساتها في المنطقة ليجدوا ومن خلال هوامش هذه السياسات بعضا من الفتات يقتاتون عليه ‏لممارسة الكلام السياسي وفن التنظير الواقعي حول ضرورات المرحلة ومتطلباتها، وحضارية التعاطي ‏السياسي وأخلاقيات العصر الأمريكي في إدارة الشأن الدبلوماسي على قاعدة مراعاة المصالح ومناطق ‏النفوذ، وضرورة تقديم التنازلات المطلوبة حتى نأخذ مكاننا في نادي الليبراليين العرب الجدد المتفقين مع ‏المحافظين الجدد في بلاد العم سام، وحتى نكون على تواصل مع عواصم ما يسمى بالاعتدال العربي.‏
وهذا النادي من أهم شروط عضويته أن يتم التخلي عما يسمونه “باللغة الخشبية” في القضايا الوطنية ‏والقومية كقضية القدس وقضية اللاجئين، والأهم أن يتم نبذ المقاومة بكافة أشكالها وأنواعها من ضرب ‏الحجر والاعتصام والتظاهر وحتى التعبير عن وجهة النظر، بمعنى آخر يجب أن نحاور الآخر في معادلة ‏الصراع، وأن نقبل مبدأ الحوار والتحاور على كل ممارسة إسرائيلية، ولهم الحق أن يفعلوا ما يشاؤون دون ‏أن يكون لنا الحق بمجرد تعزيز أسباب الصمود والثبات.‏
عم يتساءلون ..؟؟ وهم يتباكون ويدعون الحرص على حرية التعبير والرأي وقد تناسوا ان الدماء المسفوكة على ارصفة الطرقات ما زالت تئن باحثة عن العدالة التائهة في دهاليز صناعة الاحتلال ومفاهيمه ، وهم يقتلون بالقتل المبرمج والمقصود من يحاول ان يكشف حقيقتهم ....
أيها الناس وانتم تعلمون ان الدولة العبرية لن تكون دولة طبيعية في المحيط الطبيعي للسان العربي القحطاني العدناني ، فعودوا عن اوهامكم وعودوا عن غيكم وراجعوا اتفاقياتكم واستمعوا لنبض شعوبكم.