إعدامات ميدانية لمنع انتفاضة شاملة

تحليل: بديل "إسرائيل" عن الحل السياسي.. إدارة الصراع في غزة وفرض التهدئة بالضفة

إدارة الصراع في غزة والضفة
حجم الخط

رام الله - خاص وكالة خبر - مي أبو حسنين

على الهواء مباشرة، شاهد العالم جريمة اغتيال مكتملة الأركان، للشباب عمار حمدي مفلح "23" عاماً، من بلدة حوارة جنوب مدينة  نابلس، بعد أنّ قرر أحد جنود الاحتلال دون أيّ مبرر إعدامه بدمٍ بارد من مسافة صفر بأربع رصاصات، كما لم يكتف الاحتلال بجرمه بل منع سيارات الإسعاف حتى من جانب الاحتلال الإسرائيلي أنّ تصل إليه، وثم جاء جنود الاحتلال واختطفوا جثمانه لجهة مجهولة المصدر.

عجز شعبي ورسمي بعد جريمة حوارة

الشارع الفلسطيني تملَّكه القهر والعجز وهو ما عبر عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بينما سارعت السلطة الفلسطينية عبر وزير الخارجية رياض المالكي، لطلب الحماية الدولية من المجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين، فيما اكتفت فصائل العمل الوطني والإسلامي بالتنديد والاستنكار دون أيّ تحرك على الأرض.

ما جرى يطرح علامات استفهام حول أسلوب تعامل جيش الاحتلال الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني، بعد إعلان المتطرف ايتمار بن غفير الذي استلم وزارة الأمن الداخلي، بإطلاق النار على كل فلسطيني يقاوم الاحتلال حتى لو كان يحمل حجرًا، أم أنَّ ما يجري هو سياسية تطهير عرقي مستمرة بحق الشعب الفلسطيني منذ نكبة 1948، لكِن الفارق هو أنّه تم توثيقها بالكاميرات بهدف إرهاب الشعب الفلسطيني وثنيه عن مواصلة مسيرة المقاومة؟.

الإعدامات الميدانية سياسية إسرائيلية راسخة

من جهته، رأى المختص في الشأن الإسرائيلي، عليان الهندي، أنَّ "ما جرى من إعدام للشاب عمار مفلح في بلدة حوارة، عبارة عن سياسيات إسرائيلية لا يرسمها بن غفير أو نتنياهو أو حتى غانتس ولابيد، لأنّهم جميعاً أبناء مدرسة واحدة في التطرف وقتل الفلسطينيين؛ لكِن الفرق بينهم "اللهجة" المستخدمة وليس الأفعال التي تجرى على الأرض".

وقال الهندي، في حديثٍ خاص بوكالة "خبر": "إنَّ الحديث عن سياسيات القتل العمد والإعدامات بدمٍ بارد، ليس له علاقة بالحكومات الإسرائيلية السابقة واللاحقة، بل هي سياسيات إسرائيلية مرسومة ضد الشعب الفلسطيني"، مُبيّناً أنَّ سياسية "الإعدامات الميدانية" تعود للعام 2000، لكِن الحدث الأبرز لحادثة الشهيد مفلح هي أنّها كانت في بثٍ مباشر.

إدارة الصراع بغزة وفرض تهدئة في الضفة

وأوضح أنَّ "إسرائيل" لن تتنازل عن سياسية الإعدامات بحق الفلسطينيين، مُشيراً إلى أنّها اتخذت قرار بحق غزة قائم على "إدارة الصراع"، أما في الضفة فتسعى لفرض تهدئة تمتد ما بين 5 إلى 7 سنوات.

وأكمل: "الهدوء الذي تُحاول إسرائيل فرضه على الضفة، لا يُمكن أنّ يتم بدون عمليات القتل الجماعي، ولذلك كانت معنية ببث عملية إعدام الشاب مفلح لبث الرعب والإرهاب والاستسلام في قلوب الشعب الفلسطيني، ولهذا السبب رفضت أيضاً قدوم سيارات الإسعاف الإسرائيلية والفلسطينية؛ لإنقاذ الشاب من الموت المحقق".

وأِشار إلى كيفية تعامل الاحتلال مع آخر نموذجين من تصاعد المقاومة الفلسطينية في العامين 2015 و2021، مُضيفاً: "حجم ردود الأفعال الدولية والإقليمية والمحلية على أحداث الشيخ جراح والمسجد الأقصى، كادت أنّ تدفع باتجاه انتفاضة شاملة لولا قصف غزّة للاحتلال".

ورأى أنَّ "إسرائيل" لا تُريد دفع ثمن سياسي للفلسطينيين؛ لذلك ستواصل القتل والإعدامات الميدانية بحقهم.

أما عن مستقبل الضفة الغربية في ضوء سياسية الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني هناك، قال عليان: "إنَّ خوض مواجهة شاملة ضد الاحتلال، يحتاج إلى توافر عناصر أبرزها الوحدة وتحديد أهداف محددة نُطالب بها المجتمع الدولي".

واستدرك: "لكِن في ظل الوضع الحالي، فإنَّ إسرائيل تُسارع الزمن لمنع انتفاضة فلسطينية شاملة عبر ممارسة القتل والإعدامات الميدانية".

الوحدة الفلسطينية .. المخرج لمنع التفرد الإسرائيلي

وعلى صعيدٍ موازٍ، وفي رده على سؤال بشأن نجاح الضغوط القطرية على حماس لمنع الجهاد من الرد على اغتيال قادتها في جنين، بيّن الهندي، أنَّ "الاتصالات التي جرت من قطر لها علاقة مع حماس، بينما مصر لها علاقة مع كل الأطراف، وبالتالي تخصصت مصر بالاتصال في الجهاد وقطر مع حماس"، لافتاً إلى أنَّ قطر دائماً تُريد الهدوء بوجود المونديال وقبله.

ونوّه إلى أنَّ "إسرائيل" تُحمل حماس والجهاد مسؤولية أيّ عملية في الضفة الغربية، بينما تنصب ردود الفعل الإسرائيلية على غزّة، وفي ذات الوقت تمنع "إسرائيل" حماس من الرد على أيّ عملية "إسرائيلية" في الضفة؛ وبالتالي لا يُمكن كسر هذه المعادلة دون وحدة فلسطينية، تمنع تحكم "إسرائيل" بكل طرف فلسطيني على حدى.

أما عن موقف السلطة الفلسطينية من التصعيد الجاري في الضفة الغربية، أشار عليان، إلى أنَّ "السلطة تتعرض لحصار أكثر من الذي تتعرض له حماس"، مُردفاً: "قد يكون هذا الأمر مفاجئًا للشعب الفلسطيني، لأنَّ التصريحات الإسرائيلية شيء والفعل على الأرض شيء آخر".

وختم الهندي حديثه، بالقول: "إنَّ السلطة أمام خيارين، نتاج السياسيات الإسرائيلية الحالية وليس القادمة، فإما نهاية السلطة؛ نتيجة محاصرة الكنتونات الفلسطينية وضمها والبناء الاستيطاني فيها، وإما المحافظة على الوضع القائم للسلطة شريطة توفر مجتمع دولي ضاغط على إسرائيل".