يزور الرئيس الصيني السعودية، في زيارة تمتد لثلاثة أيام (7-9 ديسمبر)، ليتم عقد 3 قمم هي "السعودية - الصينية"، و"الخليجية - الصينية"، و"العربية - الصينية"، بحضور أكثر من 30 قائد دولة ومنظمة دولية.
وعلى هامش القمة السعودية الصينية، من المترقب أن توقع السعودية والصين أكثر من 20 اتفاقية أولية بقيمة تتجاوز 110 مليار ريال (ما يعادل 29.3 مليار دولار)، بحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وعلى هامش القمة الثنائية سيوقع البلدان أيضا وثيقة الشراكة الاستراتيجية، وخطة المواءمة بين رؤية المملكة 2030، ومبادرة الحزام والطريق.
وستكون القمة السعودية الصينية برئاسة ملك السعودية والرئيس الصيني ومشاركة ولي العهد محمد بن سلمان.
أخبار ذات صلة
الرئيس الصيني شي جين بينغ سيصل السعودية الأربعاء. أرشيف
تسلسل تاريخي للعلاقات بين السعودية والصين
تشهد العلاقات الدبلوماسية بين السعودية والصين تطوراً مميزاً ووثيقاً، وتسير بوتيرة متسارعة نحو المزيد من التعاون والتفاهم المشترك بينهما في مختلف المجالات بما يعود بالنفع على البلدين.
وبدأت العلاقات الوطيدة بين البلدين منذ 80 عاماً، حيث شملت مختلف أوجه التعاون والتطور، في شكل علاقات تجارية بسيطة واستقبال الحجاج الصينيين، وصولًا إلى شكلها الرسمي في 1990 بعد اتفاق البلدين على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة بينهما وتبادل السفراء وتنظيم اجتماعات على المستويات السياسية والاقتصادية والشبابية وغيرها.
في شهر يناير عام 2016، وُقعت السعودية والصين 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين حكومتي المملكة والصين، منها مذكرة تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن 21، والتعاون في الطاقة الإنتاجية، وقعها من الجانب السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي، رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
كما دشّن الملك سلمان مع الرئيس شين جين بينغ ، مشروع شركة ينبع أرامكو ساينبوك للتكرير (ياسرف) الذي يمثل صرحاً جديداً للشراكة بين المملكة والصين.
وفي زيارة للعاهل السعودي إلى الصين في 2017، تم التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والتعاون والبرامج بين حكومتي المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في عدد من المجالات، منها علوم وتقنية الفضاء، وبرنامج التعاون الفني في المجال التجاري، ومذكرة التفاهم بشأن إسهام الصندوق السعودي للتنمية في تمويل مشروع إنشاء مبانٍ جامعية في إقليم سانشي.
في نوفمبر 2018، التقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، في قمة قادة دول مجموعة العشرين، في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وذلك على هامش انعقاد القمة، إذ تم مناقشة أوجه الشراكة بين البلدين، وسبل تطويرها خاصة المواءمة بين رؤية المملكة 2030 وإستراتيجية الصين للحزام والطريق، وكذلك إمدادات الطاقة من المملكة للصين، والاستثمارات المتبادلة بين البلدين.
في 2019، أقيم منتدى الاستثمار السعودي الصيني الذي شهد مشاركة أكثر من 25 جهة من القطاعين الحكومي والخاص في المملكة، ونتج عنه توقيع 35 اتفاقية تقدر بأكثر من 28 مليار دولار، وتسليم 4 تراخيص لشركات صينية مختصة في عدد من المجالات.
وشملت اتفاقيات التعاون الأخرى الموقعة خلال المنتدى مجالات القطاعات المستهدفة من قبل المملكة مثل تطبيقات الطاقة المتجددة، ومنها اتفاقية التعاون بين الهيئة العامة للاستثمار و"قولد ويند الدولية القابضة"، الهادفة إلى تفعيل أطر التعاون والتشاور في مجال تطوير الاستثمار في توربينات الرياح الهوائية عن طريق تصنيع أجهزة التحكم الكهربائية، وهياكل المحركات الهوائية وشفرات التوربينات والمولدات الهوائية باستثمار يقدر بـ 18 مليون دولار.
فيما وقعت اتفاقيات تشمل كل من صناعة البتروكيماويات وتقنية المعلومات والبنية التحتية ضمن قائمة القطاعات الاستثمارية المستهدفة.
وتولي حكومتا السعودية والصين اهتماماً بالغاً بتعزيز المواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" و"رؤية المملكة 2030"، وتطوير التعاون بين الجانبين، في مجالات مثل: الاقتصاد، والتجارة، والنقل، والبنية التحتية، والطاقة، وكذلك المجالات الناشئة، مثل: تقنية الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة.
تدعم الصين مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" التي أطلقها ولي العهد، كما رحبت بانضمام المملكة إلى مبادرة التنمية العالمية التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، لتوجيه التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة من النمو المتوازن والمنسق والشامل لتسريع تنفيذ أجندة العام 2030، وتحقيق تنمية عالمية أكثر قوة واخضراراً وصحة.
أكبر شريك تجاري للسعودية
احتلت الصين مركز الشريك التجاري الأول للسعودية لآخر 5 سنوات، إذ كانت الوجهة الأولى لصادرات السعودية ووارداتها الخارجية منذ العام 2018، حيث بلغ حجم التجارة البينية 309 مليارات ريال (82.5 مليار دولار)، في العام 2021، بزيادة قدرها 39 بالمئة عن العام 2020، كما بلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية إلى الصين 192 مليار ريال (51 مليار دولار)، منها صادرات غير نفطية بقيمة 41 مليار ريال (11 مليار دولار).
وبلغت قيمة الاستثمارات السعودية في الصين 8.6 مليارات ريال (2.3 مليار دولار) وجاءت المملكة في المرتبة 12 في ترتيب الدول المستثمرة في الصين حتى نهاية العام 2019، في المقابل بلغت قيمة الاستثمارات الصينية في السعودية 29 مليار ريال (7.7 مليار دولار) بنهاية العام 2021.
وتسعى السعودية إلى بناء شراكة إستراتيجية تدعم التجارة والاستثمار مع الجانب الصيني، وتجعل المملكة الشريك الإستراتيجي الأول الموثوق للصين في المنطقة، حيث استحوذت المملكة على أكثر من 20.3 بالمئة من استثمارات الصين في العالم العربي بين العامين 2005 و2020، البالغة 196.9 مليار دولار، إذ جاءت كأكبر الدول العربية استقبالاً للاستثمارات الصينية خلال تلك الفترة بنحو 39.9 مليار دولار.
وتعزيزاً للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، تم تأسيس صندوق (سعودي - صيني) لدعم الشركات التقنية الناشئة في السعودية برأس مال يقدّر بـ 1.5 مليار ريال بشراكة بين (eWTp) الصينية المدعومة من قبل شركة (علي بابا) وصندوق الاستثمارات العامة، وبدعم من الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، بهدف الإسهام في دعم منظومة اقتصادية متينة للأعمال الرقمية في السعودية.
وأبدت 15 شركة صينية مؤخراً رغبتها في الاستثمار في السعودية، والدخول في مشاريع التخصيص لعدد من القطاعات الحكومية، إضافة إلى مشاريع البنية التحتية، وبدأت شركات صينية في تنفيذ مشاريعها، مثل شركة (Shengkong) التي وضعت حجر الأساس لمصنع لمصابيح الإضاءة (LED) في مدينة الجبيل بقيمة تتجاوز 3.3 مليارات ريال، وتدشين مشروع مصنع شركة (بان آسيا) الصينية في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، باستثمارات قدرها أربعة مليارات دولار.
قطاع الطاقة
وفي مجال الطاقة احتفظت السعودية بصدارة إمدادات النفط إلى الصين في العام 2021، إذ ارتفعت الواردات الصينية من المملكة بنسبة 3.1 بالمئة، مقارنة بـ2020 وزادت حصتها إلى 17 بالمئة من إجمالي الواردات، وذلك وفقاً لبيانات الجمارك الصينية.
وتمثل شركة ينبع أرامكو سينوبك للتكرير (ياسرف) المحدودة، نموذجاً للشراكات الاستثمارية بين المملكة والصين، فهي مشروع مشترك بين شركتي أرامكو السعودية و(سينوبك) الصينية، وتمتلك الشركة مصفاة تحويلية متكاملة، لمعالجة 400 ألف برميل يومياً من الخام العربي الثقيل وتحويلها إلى منتجات يطلبها السوقان السعودي والعالمي.
ووقعت المملكة والصين في العام 2012 على مشروع لزيادة التعاون النووي، بهدف تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين في مجال تطوير استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية، ما يمهد الطريق لتعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي والاقتصادي بين البلدين.