أوصى المشاركون في المؤتمر الدولي "مكافحة الفساد مسؤولية وطنية جماعية"، بتعزيز النهج التشاركي الفعال في عملية إعداد الاستراتيجية الوطنية القادمة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، بما يشمل مراحل التخطيط والإعداد والتنفيذ والرقابة لغايات المساءلة من خلال تحديد المسؤوليات والمهام المطلوبة من جميع مكونات الدولة.
وأجمعوا في ختام أعمال المؤتمر الذي استمر على مدار يومين، مساء اليوم الأربعاء، على ضرورة دعم تلك الاستراتيجية بنظام للمتابعة والتقييم منبثق عن مؤشرات متفق عليها يكون بمقدورها قياس مدى التقدم الحاصل في تنفيذها واأاثر الذي تحقق نتاجًا لها، وصولًا لتحقيق نتيجة مفادها بأن تُصبح مفاهيم النزاهة والشفافية جزءًا أصيلًا من الثقافة العامة سواءً لدى المسؤولين أو المواطنين، وليست قرارًا من المسؤولين.
وأكّدوا أهمية إعادة النظر في قانون مكافحة الفساد ومنظومة التشريعات الجزائية في الدولة، لا سيما قانون الإجراءات الجزائية بما يكفل تحقيق الانسجام والتناغم بين الأحكام القانونية، والتوجه بقانون مكافحة الفساد نحو تجريم الرشوة والاختلاس في القطاع الخاص، وبذات الإطار وفي الجزء المتعلق بالأنظمة التي انبثقت عن القانون، والتي صدرت عن مجلس الوزراء، فالأمر ما زال يتطلب من مجلس الوزراء القيام باتخاذ قرارات عالية المستوى باتجاه إلزام الدوائر الحكومية بما جاءت به تلك الأنظمة وما رتبته من التزامات يتوجب على الدوائر الحكومية القيام بها كما الحال في تشكيل اللجان التي نص عليها نظامي الهدايا والإفصاح عن تضارب المصالح، وفي الإطار العام فقد برزت الحاجة لتعديل تلك الأنظمة.
وأشاد المؤتمر، بما تم تحقيقه من إنجازات على مستوى تولي الوظيفة العامة، من خلال اعتماد مبدأ الإعلان والامتحان لإشغال الوظائف من خلال إعمال وسيلة الامتحان الالكتروني، والتأكيد على أهمية وحتمية إعمال تلك الإجراءات على عمليات التعيين واشغال وظائف الفئة العليا.
وشدد المشاركون، على أهمية قيام القطاع الخاص بفتح أبوابه أمام الجهات الرقابية تعزيزاً لمبادئ النزاهة والشفافية، وتعزيز التزام الشركات بمبادئ الحوكمة.
وأكدوا أهمية دور المؤسسات التعليمية والدينية والمؤسسات التي تعنى بالمرأة والشباب في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد من خلال العديد من الأنشطة والمبادرات الهادفة الى خلق ثقافة مجتمعية رافضة للفساد.
ودعوا للتأكيد على ضرورة اصدار قانون الحق في الحصول على المعلومات، باعتباره أداة مهمة وفعالة في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد.
ونوّهوا إلى أنّ الإعلام بما يمتلكه من وسائل عديدة، هو الجهة الأكثر قدرة في التصدي للأخبار الكاذبة والإشاعات الهادفة إلى خلق اتجاهات سلبية تعزز ما بات يوصف طرفنا بالفساد الانطباعي، وهو ما يتطلب العمل على إعداد خطة وطنية يشترك في إعدادها وتنفيذها ومتابعتها والمسؤولية عنها جميع مكونات الاعلام الرسمي والاهلي والمستقل.
وشدّدوا على أنّ الاحتلال ما زال هو المعيق الأول والأكبر لجهود مكافحة الفساد وهو يسعى إلى إفساد كل شيء، وأنّ توضيح المفاهيم الأساسية والتعريفات المتعلقة بالفساد وتأثيراته العابرة للقطاعات المختلفة هي مهمة أساسية وضرورية لكافة الأطراف وهي تؤثر بشكل مباشر وعكسي على الأمن القومي، وهو ما يصح معه القول بأن مكافحة الفساد تعتبر بمثابة سياج وحصن منيع للأمن القومي.
وتضمن المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية، حيث شهد اليوم الثاني والأخير من المؤتمر مناقشة المحورين الثاني والثالث، حيث حمل المحور الثاني عنوان "المشاركة المجتمعية في جهود مكافحة الفساد مسؤولية وطنية"، واندرج تحته ثلاث جلسات رئيسية، ترأس الجلسة الأولى العلاقة بين مكافحة الفساد وتعزيز الانتماء الوطني" مدير عام الهيئة الفلسطينية للإعلام وتفعيل دور الشباب "بيالارا" هانيا البيطار، وناقش خلالها عميد كلية الدعوة الإسلامية/ فرع الظاهرية خالد سراحنة دور الخطاب الديني في تعزيز قيم النزاهة والانتماء، فيما ناقش رئيس معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي نايف جراد أثر الفساد على الأمن القومي، بينما استعرضت منى الخليلي من الاتحاد العام للمرأة آليات اشراك المؤسسات الشبابية والنسوية في نشر قيم النزاهة ومكافحة الفساد لدى الشباب والمرأة، بدورها قدمت نور عدس من كلية القانون في جامعة النجاح الوطنية ورقة بعنوان "دور الجامعات في بناء ثقافة النزاهة والشفافية لدى طلبة مؤسسات التعليم العالي"، وعقب على الجلسة مدير مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" عمر رحال.