سيسجل العام 2022، الذي سينتهي قريباً، كأحد الأعوام الدامية في المواجهة الإسرائيلية - الفلسطينية. 31 قتيلاً إسرائيلياً و150 قتيلاً فلسطينياً، في ثلاث جبهات مختلفة، 5 منهم في الساعات الأخيرة فقط. لا تزال بعض الأحداث موضع التحقيق، لكن في هذه المرحلة يقولون في «الشاباك»، إن الـ 130 القتلى كانوا مشاركين بشكل نشط في «الإرهاب». أما في منظمات حقوق الإنسان، مع ذلك، فيختلفون على هذا العدد، ويدعون بأنه أقل بكثير.
لغرض المقارنة، فإن سنة الذروة في العقد الأخير كانت 2015: 121 قتيلا فلسطينيا منذ بداية انتفاضة السكاكين. في العام 2016، والذي في أثنائه تواصلت موجة «الإرهاب» كان عدد القتلى الفلسطينيين 91 قتيلا. في السنوات التي تلت ذلك سجلت أعداد أدنى من ذلك، في 2017 كان العدد 38 قتيلا، وفي 2018 كان العدد 36 قتيلا، في 2019 كان العدد 27 قتيلا، في 2020 كان العدد 20 قتيلا. سُجل ارتفاع في العام 2021 في أعقاب الانتفاضات حين قفز العدد إلى 80 قتيلاً.
كما انه منذ بداية هذا العام نفذ «الشاباك» والجيش أكثر من 450 إحباطا مهما بينها 36 عملية عبوات، واكثر من 300 عملية إطلاق نار، وعمليات اختطاف، دهس، وطعن.
الآن في كل مكان، وفي كل ليلة وفي النهار بالطبع أيضا تدور حرب حقيقية في «المناطق» ترتفع في الأسابيع الأخيرة درجة في شدتها. الاحتكاك وكذا مستوى جسارة النشطاء يرتفعان، وعندما يُسأل مسؤولو الجيش و»الشاباك» ما الذي تغير، يجيبون إن المنطقة، اليوم، مليئة وغارقة بالسلاح الناري. وهكذا فقد تبدل رشق الحجارة على الجيبات التي تدخل إلى المدن الفلسطينية بالزجاجات الحارقة والنار الحية، ما يجبر قوات الجيش أيضا أن ترد بالنار وبقتلى فلسطينيين، ما يؤدي إلى إقامة بيوت عزاء، أعمال ثأر، وهلمجرا في دائرة دموية هدامة.
بالتوازي، فإن ضعف السلطة وغياب دخول قوات الأمن الخاصة بها إلى أماكن مثل جنين والقصبة خلق فراغا أدى إلى نمو «أغشاش إرهاب» مليئة بالأسلحة والعبوات الناسفة. كل هذه تستدعي دخولا لقوات الجيش الإسرائيلي كي يحبط العمليات التي تتدحرج منها إلى الخارج، فيصطدمون بعنف شديد.
وهكذا كما أسلفنا، بعيداً عن العين، في مركز البلاد، يدور قتال. لم تعد هذه عمليات متقطعة لوحدات خاصة. وهذا، كما يعتقدون في الجيش و»الشاباك»، لا يفهمه الجمهور تماما.
فالدخول إلى جنين، أول من أمس، مثلا كشف أن مخيم اللاجئين هناك اصبح هدفا محصنا حقيقيا، مع كاميرات تستهدف ردع دخول قوات الجيش الإسرائيلي، عبوات ناسفة، وأشرطة حديدية على الطرقات لثقب دواليب المركبات، وحتى عبوة أخفيت وفعلت داخل حاجز. وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود، ووحدة دوفدفان، وكتيبة خروب عملوا في المنطقة، واعتقلوا ثلاثة مطلوبين في ظل تبادل شديد للنار. عند الخروج، أطلقت عليهم نار ثقيلة وفي تبادل النار قتل ثلاثة فلسطينيين. اصبح هذا نمط العمل في المنطقة، حيث يكاد لا ينتهي أي اعتقال في نابلس أيضا إلا بالمعارك، ولا سيما في مرحلة الانسحاب والخروج. نتيجة لذلك نجحت «فرقة المناطق» في تقصير الزمن الإشكالي بين القبض على المطلوب والخروج.
لم يكن اعتقال المطلوبين في جنين الحدث الوحيد، أول من امس. قبل 12 ساعة من ذلك، في جبهة أخرى، عملت قوة من وحدة «شمشون» ضد «مخرب» اطلق النار على موقع للجيش الإسرائيلي عند مستوطنة «عوفرا». هنا أيضا نشأت ساحة قتال تضمنت مطاردة للإغلاق على السيارة إلى أن فتح «المخرب» النار عليهم فقتلوه. نالت القوة الثناء على أدائها، وقال قدماء الضباط، إن معارك كهذه لا يتذكرون مثيلا لها إلا في نهاية حملة «السور الواقي» وحتى في حينه لم يكن هذا بهذه الشدة. هنا ينبغي أن نأخذ بالحسبان أيضا أقوال المقدر الوطني العميد عميت ساعر، رئيس دائرة البحوث في شعبة الاستخبارات، بأننا لسنا في عالم حل النزاع وان السلطة خلقت مسافة بين القيادة والجمهور الذي لم يعد يأبه بها. لكن بينما تفقد السلطة الدافع والشرعية، فإنها تتصدى لتحدي منظمات «الإرهاب» ومنطقة مليئة بالسلاح. منظمات تركل الكل، السلطة و»حماس»، وتريد أن تبني قصتها في «التك توك». يدور الحديث عن تحدٍ جديد ومركب للسلطة كون الحديث لا يدور عن خلايا لـ»حماس» لإسرائيل وللسلطة مصلحة مشتركة في إحباطها.
عن «يديعوت»
