معادلة: اجهاض في سبيل مكاسب واهية ووهمية

lFDcS.png
حجم الخط

بقلم : حمدي فراج

 

 

لم تكن الفصائل الدينية ، حماس جهاد و غيرها ، قد انبثقت او انبلجت بعد ، يوم تفجر انتفاضة الحجارة التي تمر ذكراها الخامسة والثلاثين هذه الايام ، مرورا عابرا الا في نفوس من عايشوها و عاصروها وأسهموا في اشتعالتها حتى و لو بعود حطب صغير في أتونها .
الفصائل التي اضطلعت بها هي فتح و اليسار المكون من الجبهتين الشعبية والديمقراطية المختلفتان منذ تشكلهما ، و الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي كان مختلفا مع نفسه ، فاضطر الى تغيير اسمه عدة مرات علّ هذا يسهم في حل الخلافات الداخلية ، و لكن متى كان تغيير الاسم قادرا وحده على تغيير المضمون . خلافات هذا الحزب استمرت حتى يومنا الراهن ، اي بعد خمس و ثلاثين سنة من تفجر انتفاضة الحجارة ، بل و نستطيع القول انها تفاقمت ، حتى بلغت قبل سنة او أكثر الى ان يرفض وزير العمل في حكومة السلطة نصري ابو جيش ممثلا عن الحزب الانصياع لقرار الحزب الانسحاب من الحكومة و بقي فيها ممثلا عن لا أحد .
الجبهتان بدورهما ، رغم انسحاق الانتفاضة الاولى و الثانية عام 2000 و الثالثة عام 2015 ، لم تتقدما نحو حل خلافاتهما انملة واحدة ، رغم المجاري الكثيرة التي تدفقت من تحت الجسر الفلسطيني الآيل للسقوط ، بالرغم من رحيل كل المؤسسين تقريبا من عرفات الى حبش الى البرغوثي الى أحمد جبريل الى سميرغوشة الى ابو علي مصطفى الى ابو اياد الى ابو العباس ... الخ .
كان هم حركة فتح القائدة ، والخارجة من هزيمة احتلال بيروت والجنوب اللبناني ، الاستئثار بالانتفاضة ، ووضع يدها العليا على تفاصيلها و صيرورتها و تطورها ، و لهذا رد عرفات على رابين الذي توعد بوأدها والقضاء عليها بقوله : "ان بيان قيادتها الموحدة رقم 70 في جيبي" ، و لّما بيانها الخامس قد صدر بعد . دعمت فتح الانتفاضة بالمال مقابل ان تتولى قيادة القيادة الوطنية الموحدة ، و اصبح بالتالي بيانها الدوري يكتب في تونس ، و أذكر على سبيل المثال ان بندا في احد البيانات تعرض بالهجوم لموقف رئيس وزراء الاردن ، قد تم شطبه في تونس .
لم يكن المال وحده قادرا على النهوض بالانتفاضة و تطورها ، بل في بعض محطاتها اصبح عامل تخريب و تلويث وارتداد ، و اصبحت امرأة عجوز محترمة تزل قدمها في الطريق فتكسر يدها ان تذهب الى مكتب المنظمة في الاردن و تقول انها جريحة انتفاضة لتحصل على مخصصات مالية .
لكن ماذا فعلت منظمات اليسار بالمقابل للأخذ بيد الانتفاضة كي تستمر و تتواصل وتتجذر و تصبح اسلوب حياة في مقارعة الاحتلال و تلجم محاولات تخريبها من الداخل ؟ الحقيقة لا شيء ، بل غالبا ما كانت هذه الفصائل اليسارية تتبع لنهج و نمط القيادة المستشري لتأمين مخصصاتها ، انظر اليوم مواقف هذه الفصائل من مسألة التنسيق الامني على سبيل المثال لا الحصر ، تعرف ان هذا اليسار يميني بامتياز .