اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في المنطقة الشمالية ستناقش الاعتراضات على خطة إحياء مسار القطار الذي كان يعمل في السابق بين العفولة وجنين. الخطة الجديدة تشمل، ضمن أمور أخرى، محطة مواصلات عامة ومعبراً كبيراً للشاحنات ومعبر حدود متطوراً، ستتم إقامتها على نحو 1700 دونم شمال الخط الأخضر قرب قرية المقيبلة العربية التابعة للمجلس الإقليمي جلبوع، التي بمعظمها بملكية سكان القرية.
حسب ادعاء قطار إسرائيل وإدارة التخطيط في وزارة الداخلية، يدور الحديث عن “بنية تحتية لها أهمية استراتيجية لمستقبل المنطقة وتطورها”، التي ستمكن في المستقبل من “نقل البضائع من حيفا والعفولة إلى المنطقة الصناعية التي تقام في هذه الأثناء شمالي جنين”. ولكن لا يوجد في تخطيط السلطة الفلسطينية أي ذكر لقطار يربط المدينة مع حدود إسرائيل عبر المقيبلة.
حسب أقوال سكان هذه القرية، فإنهم “ينوون مصادرة أكثر من نصف أراضي القرية لصالح قطار لن يصل إلى أي مكان”. تيسير القاسم، وهو أحد السكان، قال إن “الهدف تهجير سكان القرية”، وأضاف: “بصفتي مواطناً أحترم القانون، أشعر باليأس. الحكومة تسحقنا بقدم فظة ووحشية، ونحن نحارب من أجل البيت. لن نسمح بأن بتنفيذ هذا المشروع، لأن الحديث يدور عن حرب وجودية. هذا النضال ليس على قطعة أرض، بل على مستقبل أولادنا ومستقبل القرية”.
تم شق مسار القطار بين العفولة وجنين في 2012 بالتعاون بين تركيا وألمانيا. ويدور الحديث عن مقطع أول، جزء من “سكة حديد السامرة”، تصل إلى نابلس وطولكرم، وكان يتوقع أن تنتهي في القدس، ولكن لم يتم استكمالها. هذا المسار عمل، ولكنه أخذ يتقلص حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية. مع مرور الوقت، تم تفكيك السكة، وبني بدلاً منها مبان أخرى. مع ذلك، ما زالت بقايا عدد من المحطات موجودة على الأرض. التخطيط الجديد لمسار القطار استمر سنوات كثيرة. وحسب إدارة التخطيط في وزارة الداخلية، فقد استمر باستثمار ملايين الشواقل.
في تفسيرات الخطة، كتب أن المسار الجديد يستهدف الربط بين المعبر التجاري الذي سيقام قرب المقيبلة وسيستمر “على طول المسار التاريخي لسكة القطار التركية” وسيربط مع “سكة الغور”، على بعد مسافة 2 كم عن العفولة. وهو ربط سيسمح بالحركة نحو الشرق، إلى بيسان، “ومن هناك إلى الأردن في المستقبل”، أيضاً إلى الغرب، إلى ميناء حيفا.
وقد كتب أيضاً بأن الخطة ترتكز على “سياسة وزارة المواصلات التي تريد تعزيز ربط سكة الحديد بين السلطة الفلسطينية والأردن وميناء حيفا. طبقاً لذلك، فإن تخطيط سكة الحديد يتناسب مع تخطيط منطقة صناعية، التي تتم إقامتها بمبادرة دولية داخل مناطق السلطة الفلسطينية”. الحديث يدور عن المنطقة الصناعية الموجودة في شمال جنين، والتي تقام في السنوات الأخيرة بالتعاون بين تركيا وألمانيا. ستقام في المقيبلة إلى جانب المعبر التجاري محطة للركاب، وسيتم الحفاظ على منطقة لنقل المعبر البري جلبوع (الجلمة) الذي يوصل إلى حدود السلطة.
المنشأة في المقيبلة يمكن أن تربط بالقطار الذي سيخرج من جنين حسب “خطة هيكلية إقليمية (جزئية) لسكة الحديد في يهودا والسامرة”، التي أودعتها الإدارة المدنية قبل 12 سنة تقريباً. ولكن منذ ذلك الحين لم يتم دفعها قدماً. “الخطة غير سارية المفعول، سواء قضائياً أو تخطيطياً”، كتب في الاعتراضات التي قدمها سكان القرية من خلال منظمة “عدالة” وجمعية “بمكوم”. وحتى إن الخطة لم تودع للاعتراضات لأنه “لم يتم استكمال التنسيق (من بين ذلك مع السلطة الفلسطينية) كشرط لذلك”. النقاشات الأخيرة حول الخطة كانت في تموز 2013. وفي اعتراض السكان تمت الإشارة إلى أنه “حسب جميع المعايير المنطقية، يجب أن نعتبر هذه الوثيقة مسودة حفظت، ليس أقل من ذلك. ويجب ألا يعطى لها أي وزن، أو التخطيط بحسبها”.
عدم تنسيق ثلاثي
اقترح جهاز التخطيط الفلسطيني الربط بين قطار جنين وسكة الحديد في الغور، لكن في مكان آخر بعيد عن المكان الذي تريده إسرائيل. “الدفع أحادي الجانب إلى الأمام بخطة إسرائيل بدون التنسيق مع السلطة الفلسطينية وخلافاً لخططها، قد يشكل خرقاً للقانون الدولي”، كتب في الاعتراض. “حيث إن هناك شكاً إذا كانت هذه الخطة ستخدم السكان المحليين، كما هو مطلوب من نشاطات القوة المحتلة أو أنها تخدم أهدافاً أخرى”. حسب الاتفاق الائتلافي بين الليكود وحزب “الصهيونية الدينية”، فإن الأخير تحمل “المسؤولية الكاملة عن مناطق عمل الإدارة المدنية”.
إضافة إلى ذلك، فإن مسار القطار الجديد يصطدم بخطط أخرى صودق عليها في السابق والتي بحسبها ستقام قرب المنطقة الصناعية الفلسطينية محطة لتوليد الكهرباء ومحطة للغاز تتم تغذيتها من أنبوب يمر داخل حدود إسرائيل. “عدم التنسيق بين ثلاث منظومات تخطيط تعمل في المنطقة، الإسرائيلية داخل حدود إسرائيل، الإدارة المدنية في مناطق “ج” في الضفة الغربية، والسلطة الفلسطينية، أدى إلى وضع تمنع فيه البنى التحتية إحداها الأخرى. من هنا، فإن ربط سكة الحديد المقترحة مع مسار المخطط الهيكلي في “يهودا والسامرة” غير ممكن”، كتب في اعتراض السكان.
يعيش في القرية نحو 4300 شخص، وتريد الخطة مصادرة نحو 55 في المئة من أراضيهم لصالح محطة القطار والمعبر التجاري والمعبر الحدودي المستقبلي. في النقاشات التي جرت في العام 2020 اعترف ممثل وزارة الدفاع بأنه من غير الواضح هل ومتى سينقل المعبر الحدودي إلى المنطقة الجديدة، لأنه لا يوجد اتفاق مع السلطة الفلسطينية.
تيسير القاسم قال إنه لا يوجد في المقيبلة مخزون للأراضي، وهذه الخطة ستحول القرية إلى قرية محاصرة. “لقد حولونا إلى غيتو، مخيم للاجئين. يمنع علينا التمدد شرقاً وشمالاً وجنوباً، ولم يبق لنا إلا الغرب فقط”، قال. “هذه سياسة محسوبة”. في أعقاب المصادرة المخطط لها لأراضي القرية، ربما تحدث صراعات داخلية على الأراضي، وقد تمتد إلى مسارات عنيفة.
تيسير القاسم هو أب لأربعة أولاد. وقال بأن في القرية ضائقة سكن صعبة، وإنه لم يبق للشباب أي مكان كي يقيمون فيه بيوتهم. لذلك، يخرج بعضهم للبحث عن مكان للسكن في بلدات أخرى. “الخطة ستمنع حتى البناء على متر واحد في المستقبل. يبدو أن من يؤيد هذه الخطة يريد دهورة المقيبلة إلى أماكن الجريمة والعنف. وعندها سيبدأون الحديث عن العنف في الوسط العربي، رغم أنهم هم الذين يخلقونه. أبحث عن سبب يجعلني أصدق بأنه مشروع وطني، ولن أعارض ذلك. ولكن يجب فحص الأمور بشكل متزن. لا يمكنك سحق قرية بأكملها يعيش فيها نحو 5 آلاف نسمة ويدفعوا كل ثمن هذا المشروع”، قال.
هذه الخطة تعارضها أيضاً وزيرة المواصلات ميراف ميخائيلي، التي أرادت قبل أسبوع تأجيل النقاش الذي خطط له اليوم. “إلى حين استكمال فحص بدائل مختلفة بشكل معمق”، قالت. “أيضاً سكان القرية يخافون وبحق، لأن البديل الحالي سيضر بمستقبلهم. عندما يتم تخطيط البنى التحتية، يجب التأكد من أن الإضرار بالمدنيين أصغر ما يكون، وخصوصاً عندما يدور الحديث عن الشرائح السكانية الأكثر فقراً”.
رفضت اللجنة اللوائية طلب ميخائيلي وصمموا على دفع الخطة قدماً. “أهمية المكان الدقيق لسكة الحديد تنبع أيضاً من الأهمية الكامنة بربطها مع البنى التحتية التي يتوقع إقامتها في الطرف الثاني للمعبر الحدودي”، هكذا بررت اللجنة الرفض. في رسالة أخرى أرسلتها أمس ميخائيلي، كتبت: “رد اللجنة “يثير الخوف من أنها لن تعطي الوزن المناسب للاعتراضات وفحص حلول شاملة أكثر”. شارك في الاعتراضات أيضاً رئيس المجلس الإقليمي جلبوع، عوفيد نور، الذي حذر في السابق من “ضرر ساحق بالمقيبلة”.
حسب قول المحامية ميسانة موراني، من جمعية “عدالة”، فإن سكة الحديد الجديدة “تم عرضها على سلطة التخطيط على اعتبار أنها تخدم هدف نقل البضائع وكجزء من تجسيد حلم طوباوي لشرق أوسط جديد. ولكنها لا تستطيع أن ترتبط بأي خطة لسكة حديد في الضفة الغربية، لا خطة الإدارة المدنية ولا الخطة الرسمية للسلطة الفلسطينية”.
سيزار يهودكن، من جمعية “بمكوم”، قال إن الخطة المقترحة “لم تتطرق للواقع على الأرض، وستضر بسكان المقيبلة. نأمل أن تستيقظ مؤسسات التخطيط وتلغي المسار المقترح لصالح بديل متزن أكثر”.
من إدارة التخطيط جاء بأن “الحديث يدور عن خطة هي في مرحلة تقديم الاعتراضات. ولا يمكننا التطرق إليها”.
هآرتس
