وأنا أصعد السلالم الأثرية إلى الطابق الثاني والثالث من المتحف، كنت مستمتعة بعزف الموسيقى، كنت أفكر، يا إلهي، الإيطاليون لا يفوتهم شيء، الاتقان، الابداع، قمة الفن، لديهم لمسة خاصة في كل التفاصيل، راودني هذا الشعور خلال فعالية مسائية باستضافة وزارة الخارجية الإيطالية تم تنظيمها في جاليري روما بورغيز الشهيرة، وتخللها زيارة خاصة لمتحف بورغيز والمعارض الفنية القائمة.
كانت مفاجأتي الجميلة عندما دخلت غرفة المعرض في الطابق العلوي ووجدت نفسي أمام موسيقيين يعزفون هناك، نعم، كانت الموسيقى التي كنت أستمتع بها أثناء صعود الدرج حية ومباشرة، وقفت هناك أشاهد اللوحات والصور المعلقة حول الجدران والسقوف، معظمها في الغالب من أعمال الفنانين الشهيرين برنيني ورافائيلو، ومع ذلك الزخم لم أتمكن من التركيز كما ينبغي في الرسومات، فحواسي السمعية غلبت حواسي البصرية، النوتات غلبت ريشة الفنان، شعرت وكأنني أقترب من الموسيقيين الذين يلعبون آلة الكمان يعزفون لآذان كل زائر في المكان!
تلعب على اليسار، شابة جذابة وواثقة جداً من نفسها، ترتدي ثوبًا للسهرة أسود طويلا. في تلك اللحظة, اقتربت من الموسيقيين ولم أستطع مقاومة السؤال بالعربية إذا ما كانت هوية العازفة فلسطينية!؟
قلت لنفسي: إذا كنت مخطئة، لن تفهم لغتي العربية ستتجاهل استفساري ببساطة. هذا لم يكن مجرد فضول ولكنه إحساس دفين، فجمالها وروعة أدائها تليق بالمرأة الفلسطينية، واصلت الشابة اللعب على الأوتار بينما أجابتني بثقة وبهدوء:
نعم أنا "طيبة سعد" من الجليل، وهذا أخي، نحن رباعي الجليل!!!!
المفاجأة عميقة الأثر, تقشعر البدن, لم أكن بحاجة لأعبر عن إعجابي وفخري، حتى أن زملائي الأجانب المشاركين في المؤتمر بدأوا يتوافدون للاستمتاع بالفن العميق, إبداع وأداء عالي المستوى من الفرقة الفلسطينية المعاصرة الشابة.
بكل فخر أقدم لكم الفرقة الموسيقية الفلسطينية Galilee Quartet - رباعي الجليل.
تتكون "رباعي الجليل" من 4 أشقاء؛ 3 إخوة وأخت واحدة: عمر ومصطفى وطيبة وغاندي (عائلة سعد).
تأسست في عام 2011، شاركت الرباعية في مسابقة فلسطين الوطنية للموسيقى عام 2012 وحصلت على المرتبة الأولى بفئتها. استمروا في التدرب حتى عام 2013 بعدها تشتت أعضاء الفرقة في بلدان مختلفة لمتابعة دراساتهم الموسيقية.
عاد واجتمع أعضاء الرباعي الأربعة مؤخرًا خلال العطلات الأكاديمية والصيفية، وقدموا العديد من الحفلات الموسيقية في الشرق الأوسط وأوروبا. كما قدموا عروضا كأعضاء في أوركسترا فلسطين للشباب وأوركسترا شباب البحر الأبيض المتوسط وفرق أخرى على مدى عدة سنوات.
في الآونة الأخيرة، أصبح أعضاء الرباعية شركاء في مجموعة أكاديميات الموسيقى في فلسطين. وتتميز رباعي الجليل بالموسيقى المتنوعة التي تقدمها، حيث يعزف جميع الأعضاء الموسيقى الكلاسيكية الغربية والعربية بفطرة، بدراسة، وبامتياز.
تدرس عضو الفرقة "طيبة" الموسيقى في أكاديمية كريمونا Stauffer Cremona التي تأسست عام 1985، وهي واحدة من أعرق المؤسسات الموسيقية في إيطاليا، وهي نقطة مرجعية دولية لعازفي الأوتار الذين يتطلعون للدراسة على مستوى متقدم. تختار الأكاديمية موسيقيين شبابا من ذوي المواهب الاستثنائية من جميع أنحاء العالم، مما يتيح لهم الفرصة للشروع في مسار خاص للنمو الفني مجانًا.
شكراً للشراكة التي تتمتع بها أكاديمية كريمونا مع وزارة الخارجية الإيطالية والتي أتاحت لي فرصة التعرف على فرقة رباعي الجليل، والتي أصنفها بكل فخر كعلامة تجارية وطنية فلسطينية. National Brand .
كان هذا على هامش مشاركتي كمتحدثة في حوارات روما المتوسطية 2022 Dialogues MED، وهو مؤتمر يوفر مساحة عالمية سياسية رفيعة المستوى، يشرفني أن أعرفكم على رباعي الجليل, قصة خاصة أود لها أن تصبح عامة وتصل أكبر عدد من الجمهور…
الدبلوماسية العامة هي التي تتواصل مع الجماهير في الدول بهدف التأثير والاقناع لما يكون له انعكاس مباشر في السياسة الخارجية للدول، الدبلوماسية العامة تختص بما يقرب الشعوب، بإيجاد العوامل المشتركة، دبلوماسية الموسيقى هي من أهم فروع الدبلوماسية العامة، حيث ان الموسيقى هي لغة الشعوب التي لا تحتاج لا معلم ولا دراسة.
لمتابعة رباعي الجليل https://www.instagram.com/galileequartet/
https://www.facebook.com/GalileeQuartet
- دلال عريقات: أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية.