حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من استمرار الأوضاع الكارثية في قطاع غزة، مؤكدة بأنها عامل تهديد لحياة المواطن واستقراره وتفاقم معاناته، وتحمل مخاطر حقيقية على مشروعنا الوطني تطال الإنسان والأرض والهوية، مطالبة الرئيس أبومازن بأن يتحمّل مسئولياته اتجاه ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مخاطر بالمسارعة في إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية بدعوة الإطار القيادي لاجتماع عاجل، للاتفاق على استراتيجية وطنية، ومعالجة جميع ملفات الانقسام.
وقالت الجبهة في بيان جماهيري صادر عنها :-
"يعيش قطاع غزة على شفى الانهيار الكامل، وذلك بعد تفاقم معاناته بشكل خطير وغير مسبوق، نتيجة عدم تغير الأوضاع بعد ثلاث حروب تعرض لها في السنوات السبع الأخيرة أدت إلى كوارث إنسانية مستمرة تركت آثارها الخطيرة والمدمرة على البنية الاجتماعية والسكانية لسكان القطاع، وشردت الآلاف بلا مأوى بعد تباطؤ متعمد من المؤسسة الدولية حول موضوع إعادة الإعمار، في ظل استمرار حالة الانقسام الكارثي الذي خلق واقعاً مزمناً ضاعف من المعاناة، جعل من انجاز المصالحة وحل الإشكاليات العالقة ضرباً من الخيال ومستحيلاً أمام تمترس طرفي الانقسام وانحيازهم لمصالحهم الفئوية والحزبية، ليصبح وكأن هناك توافقاً ضمنياً بينهما على إدارة الانقسام، وهو ما تسبب بالمزيد من تدهور الأوضاع، ووصول أهالي القطاع إلى أعلى درجات اليأس والإحباط من إنجاز المصالحة، وإصلاح الأحوال، لتزيد من أوجاعهم وآلامهم وأحزانهم.
هذا الوضع الكارثي وضع القطاع بين سندان الانقسام وتدهور الحياة المعيشية لأهالي القطاع وتهميش الجهات المسئولة وبعض الممارسات غير المسئولة، وبين مطرقة الحصار وعدوان الاحتلال الذي لم يتوقف على القطاع، وتواطؤ وتآمر المؤسسات الدولية ومن بينها الأونروا ورقصها على آلام وجراح شعبنا. وأبرز هذه المعانيات التي ما زال يعاني منها القطاع:
1) استمرار تعامل السلطة والرئيس مع قطاع غزة ضمن سياسة التهميش المتعمدة، واستمرار الاستماع لمستشاري السوء والبطانة التي تتربص بالقطاع، وتحمل كل العداء لأهله.
2) قيام سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة بفرض المزيد من الضرائب والأعباء على المواطنين والتجار الصغار وأصحاب المحلات الصغيرة دون مراعاة لظروفهم، ودون أي تقدير لأوضاعهم المعيشية.
3) تصاعد ممارسات الأجهزة الأمنية في قطاع غزة ضد المواطنين خاصة الصحافيين والنشطاء، ومحاولة تكميم أفواه كل من يخالفوهم الرأي عن طريق الاعتقال السياسي، والملاحقة، والتهديد والتبليغات لبعض الصحافيين والنشطاء.
4) تدهور الواقع المعيشي والاجتماعي والاقتصادي لدى الأهالي جراء تزايد معدلات البطالة والفقر إلى مستويات قياسية، الأمر الذي أدى إلى انتشار اليأس والإحباط لدى المجتمع الفلسطيني، وإلى تكرار حوادث الانتحار.
5) استمرار اغلاق معبر رفح، ومحاولات بعض أطراف الانقسام إفشال المبادرة التي تقدمت بها القوى الوطنية والإسلامية للوصول إلى حل لهذه الأزمة.
6) استمرار أزمة الكهرباء، التي أصابت مجمل الحياة في القطاع بالشلل التام، ورغم الجهود المبذولة من القوى والفصائل واللجنة الوطنية التي شًكلت لحل الأزمة، إلا أن الانقسام والمناكافات ما زال يقف حائلاً أمام إيجاد حل جذري لهذه الأزمة، كما أن هناك أطراف تتعمد استمرار الأزمة.
7) سياسات الأونروا المتعمدة والممنهجة وقراراتها المجحفة بحق اللاجئين الفلسطينيين، فاقمت من الأزمة في القطاع، خاصة في موضوع إعادة الإعمار، كما كشفته مذكرة سرية بأن المؤسسة الدولية أصبحت شريكاً في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في القطاع، عبر آلية الإعمار التي أقرتها بعيد عدوانها الأخير والتي عرفت بخطة " سيري"، والتي أسهمت فعلياً في الحصار، واعتبرت انتهاكاً للقانون الدولي.
8) انهيار قطاع الصحة بغزة في ظل عدم توفير الأدوية والمستلزمات والاحتياجات الضرورية، علاوة على الفساد الذي استشرى فيها.
9) أزمة ومشكلة آلاف الخريجين بدون أي عمل ما زالت تراوح مكانها، دون أي حل عملي لها.
لقد حذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مراراً وتكراراً من استمرار هذه الأوضاع الكارثية في القطاع، وأكدت بأنه لن يكون عامل تهديد لحياة المواطن واستقراره وتفاقم معاناته فحسب، بل سيحمل مخاطر حقيقية على مشروعنا الوطني تطال الإنسان والأرض والهوية، فلا يمكن لحاضنة شعبية للمقاومة أن تكون منهكة اجتماعياً واقتصادياً ومسلوبة الإرادة والكرامة والحقوق. ومن أجل ذلك فإن الجبهة تطالب بالآتي:
1) ضرورة أن يتحّمل الرئيس أبومازن مسئولياته اتجاه ما تتعرض له القضية الفلسطينية من مخاطر بالمسارعة في إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الوطنية بدعوة الإطار القيادي لاجتماع عاجل، للاتفاق على استراتيجية وطنية، ومعالجة جميع ملفات الانقسام.
2) ضرورة أن تتحمل السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني مسئولياتها في تولي كامل المسئولية عن القطاع، بعيداً عن التبريرات وسياسة التهميش، على أن تقوم الجهات المسئولة في القطاع بمنحها كامل الصلاحيات للعمل في القطاع.
3) تعزيز صمود المواطنين في القطاع، والتوقف عن سياسة فرض الضرائب العشوائية التي تقوم بها الجهات المسئولة في القطاع بحق التجار والمحلات التجارية.
4) إن موافقة حركة حماس على المبادرة التي قدّمتها الفصائل بشأن معبر رفح تشكّل نقطة البداية لحل الأزمة، وحلحلة العقد والأزمات الأخرى بما يخفف من معاناة المواطنين.
5) ضرورة أن تتعاطى حكومة التوافق الوطني وسلطة الطاقة جدياً مع نتائج اجتماع اللجنة الوطنية المنبثقة عن القوى الوطنية والإسلامية مع رئيس سلطة الطاقة د/عمر كتانة وبعض الوزراء في حكومة التوافق من قطاع غزة لإيجاد حل لأزمة الكهرباء بشكل جذري، خاصة وأن هناك مشاريع لزيادة كمية الكهرباء إذا توفرت الإرادة والقرار وتم تنفيذها ستنتهي الأزمة كلياً.
6) ضرورة الوقف الفوري لكل اشكال التعدي على الحريات العامة، والاعتقال السياسي خاصة للصحافيين والنشطاء، والكف عن سياسة الإذلال، وتحطيم الكرامة الإنسانية.
7) أن تتحمّل حكومة التوافق الوطني مسئوليتها في حل مشكلة رواتب موظفي غزة وفق ما تم الاتفاق عليه في اتفاق المصالحة، وأن تقوم فوراً بتنفيذ خطة طوارئ لمساعدة الفقراء والخريجين في ظل الأوضاع الصعبة.
8) أن تتحمل الأونروا مسئولياتها في التخفيف من معاناة اللاجئين في قطاع غزة، وأيضاً نطالبها بتغيير جدي وجذري لآلية إعادة الإعمار في ظل المذكرة التي سُربت لوسائل الإعلام بأن آلية الإعمار الحالية تساهم في تفاقم معاناة المواطنين، واستمرار الحصار.
9) إعلاء الصوت وعدم السكوت على استمرار المعاناة أصبح واجباً وطنياً يفرض على الجميع التحرك على كافة الأصعدة، من أجل اجتراح حلول لكل الأزمات والمشكلات التي يعاني منها أهالي القطاع.