نشرت صحيفة "الخليج" الاماراتية مقالاً للصحفي يونس السيد، اليوم الاثنين، مقالا تحت عنوان "غزة..مقدمات حرب جديدة" جاء فيه:
على الرغم من أن قطاع غزة لم يتعافَ بعد من جراح الحرب العدوانية الصهيونية الأخيرة التي اندلعت في صيف عام 2014، إلا أن هناك مؤشرات لحرب جديدة بدأت تلوح في الأفق مع استعدادات كلا الطرفين لخوضها كل لأسبابه.
منذ توقف العدوان الصهيوني مع نهاية أغسطس/آب 2014، استناداً إلى المبادرة المصرية، كان من الواضح أن جولة أخرى من العدوان ترتسم في أفق الصراع، فلا آلة الحرب الصهيونية استطاعت أن تحسم المعركة، ولا حجم الدمار المذهل والخسائر البشرية التي لحقت بالمدنيين أقنعت الفلسطينيين بالتوقف عن الاستعداد لمواجهة غطرسة العدو.
وبعد مرور نحو عام ونصف العام على ذلك العدوان، لم يتم رفع الحصار الخانق عن القطاع، ولم تبدأ أولى خطوات إعادة الإعمار، وهناك عشرات الآلاف من الذين شردتهم الحرب العدوانية ودمرت بيوتهم لم يتلقوا بعد منازل جديدة، ولم يحصلوا حتى على تعويضات مالية.. وهي كلها أسباب تدفع الفلسطينيين دفعاً إلى عدم الركون والاستعداد للتصدي لأي عدوان محتمل. وترتفع مؤشرات نذر المواجهة مع اندلاع الهبة الشعبية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس والمناطق المحتلة عام 1948، إذ يكفي لعملية نوعية واحدة على غرار ما حدث في الخليل عشية عدوان عام 2014، أن تدفع العدو إلى الرد في قطاع غزة، وتفجير حرب عدوانية جديدة. وحتى من دون ذلك، فقادة «الكيان» لا يزالون يحلمون بالقضاء على فصائل المقاومة في غزة، ولا يجدون كبير عناء في تبرير عدوانهم، تارة بضرب آلة التصنيع العسكرية للمقاومة، وأخرى بذريعة إعادة بناء شبكة الأنفاق كما كانت عليه عشية العدوان الأخير، بل إن وسائل إعلام «الكيان» تحذر من أن هذه الأنفاق تجاوزت حدود القطاع ووصلت إلى عمق الأراضي المحتلة عام 48.
والى جانب الأنفاق، تتحدث هذه الوسائل عن قيام حركة «حماس» بنصب كاميرات مراقبة إلكترونية حديثة ومتطورة على الحدود، وتشير إلى أن المقاومة طورت منظوماتها الصاروخية، وأصبحت قادرة على ضرب أي مكان في فلسطين المحتلة، بل تمتلك القدرة، على نقل المعركة إلى «أرض العدو» عبر عمليات عسكرية نوعية، برية وبحرية، على غرار عملية عسقلان البحرية إبان الحرب العدوانية الأخيرة.
في خضم هذه الاستعدادات، بدأ الكيان الصهيوني بحشد قوات كبيرة على حدود القطاع، ولا يستبعد الكثير من المراقبين أن يقوم الكيان «بضربة استباقية» هناك بذريعة تدمير الأنفاق وما إلى ذلك، فيما تؤكد فصائل المقاومة وحركة «حماس» تحديداً جاهزيتها للمواجهة عبر رسائل متعددة وجهتها، في الآونة الأخيرة، بعضها من خلال استعراضها اللافت لقوتها العسكرية، والبعض الآخر من خلال تسريبات مقصودة حول حياة «شاليت» إبان فترة أسره، في تذكير واضح للكيان بوجود أسرى آخرين لديها، إما لتشكيل حالة ضغط في الشارع «الإسرائيلي» لدفع «الكيان» باتجاه إنجاز صفقة جديدة لمبادلة أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال، أو محاولة ردع «الكيان» عبر تأكيد جاهزيتها العالية إذا ما اندلعت حرب عدوانية جديدة وتذكيره بالأثمان المترتبة على ذلك. وفي كل الأحوال ثمة من يرى أن العد التنازلي لعدوان صهيوني جديد على غزة قد بدأ بالفعل.