قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إنّه "بعد أيام يحل علينا عام جديد وتحل علينا ذكرى ثورتنا العظيمة، ذكرى انطلاقة حركة فتح، أيقونة النضال الفلسطيني، حارسة مشروعنا الوطني، أم البدايات التي قدمت لفلسطين خيرة شبابها شهداء، وأسرى، وجرحى، وهي راعية وصاحبة القرار المستقل التي دفعت من أجله الكثير من التضحيات، فتح أنارت شمعة في الظلام، اليوم تحمل شعلة على طريق الحرية، والقدس، والعودة، والوحدة الوطنية، والتي أرست نهجا ديمقراطيا في غابة البنادق، ومع شركائنا في المنظمة رسمنا طريق الحرية والنضال من أجل فلسطين، من أجل أطفالنا ومستقبلهم، ومن أجل الشعب حيثما كان، في الوطن الأم وفي الوطن السياسي، وفي المنافي والشتات."
جاء ذلك في كلمة ألقاها اشتية في مستهل جلسة مجلس الوزراء 187، في رام الله، اليوم الثلاثاء، مضيفًا: "وبهذه المناسبة أهنئ أخي سيادة الرئيس محمود عباس، وإخواني في اللجنة المركزية، واللجنة التنفيذية وكادرنا الوطني، وحركتنا العظيمة فتح، وشركائنا في النضال من الفصائل الوطنية والإسلامية، مؤكدين على العمل بكل ما نستطيع ويلزم من أجل إنهاء الانقسام من أجل القدس، من أجل رفع الألم والمعاناة عن شعبنا لكي يكون غدنا مشرق تتجسد فيه دولتنا على أرضنا وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي شردوا منها قسرا، كل عام وشعبنا في الوطن والمنافي بخير، والعام القادم في القدس المحررة إن شاء الله".
وأشار إلى أن العام الماضي كان عام ألم ارتقى خلاله أكثر من 220 شهيداً، وأكثر من تسعة آلاف جريح و 6500 معتقل، وهدم خلاله 832 مبنى واقتلعت 13 ألف شجرة زيتون، وقد واجه شعبنا هذا العدوان الإجرامي بشجاعة ورباطة جأش، ولن تخيفنا تهديدات الحكومة الإسرائيلية القادمة، ومثلما واجه وأسقط شعبنا مؤامرة صفقة القرن، ومؤامرة البوابات في القدس، سوف يواجه أي تعدي على حقنا في الأرض والوطن، ويحمي مشروعنا الوطني التحرري بتضحياته، والعالم معنا رغم انشغاله في قضايا مستجدة، وقد رأينا ان فلسطين في قلب العرب، وفي قلب العالم الحر.
وتابع بالقول: "وقد واجهنا أيضا أزمات مركبة عانى منها اقتصادنا الوطني، وموازناتنا المالية بسبب التراجع الكبير في المساعدات الدولية، واستمرار الخصومات الاسرائيلية، وقرصنة أموالنا، وتداعيات أزمة الكورونا وأوكرانيا، واجهنا ذلك بحكمة وأداءٍ حسن بتوجيه من السيد الرئيس، وحافظنا على نسبة نمو اقتصادي مرتفعة بالمقارنة مع عديد من الدول، حيث حققنا نمواً بنسبة 3.6% وارتفع مستوى الاستثمار بنسبة 15.3% وزادت مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي لتصبح 11% كما ارتفعت مساهمة الزراعة لتصبح 6.2%".
واستكمل قائلًا: "وانخفضت البطالة في الضفة من 19% عندما استلمنا الحكومة لتصبح 12.6% ولكنها بقيت مرتفعة في قطاع غزة بسبب الحصار والانقسام، حيث بقيت الى معدلات حوالي إلى 46.6%. كما ارتفعت الصادرات بنسبة 7.3% والواردات بنسبة 16.9%، واتخذنا إجراءات لمواجهة التضخم المالي، ووفرنا الدعم لمنع ارتفاع الأسعار، ورغم التحسن في الأداء الاقتصادي إلا أن العجز في الموازنة بقي حاصلا بسبب تراجع المساعدات الدولية، والاقتطاعات المالية التي تقوم بها اسرائيل من أموالنا، وقمنا بترشيد النفقات لمواجهة هذا العجز".
وبين اشتية، أنه بهذه المناسبة يتقدم بالشكر الجزيل لموظفي دولة فلسطين، في الوزارات، والمؤسسات جميعها على تفهمهم وصبرهم وصمودهم، الأمر الذي ساعدنا ولا يزال يساعدنا في مواجهة هذه الأزمة. آملًا أن نستعيد تدفق المساعدات الدولية وخاصة المساعدات من الدول العربية الشقيقة خلال العام القادم، لكي نستطيع تجاوز هذه المرحلة الصعبة، ونعزز صمود أهلنا في القدس، وغزة، وكل أنحاء فلسطين، في مدننا ومخيماتنا وقرانا التي تواجه هجمة استيطانية غير مسبوقة، وقفتكم إخواني الموظفين ليست إلا من أجل الشهداء والأسرى، وأسرهم الذين نؤكد التزامنا تجاههم مهما بلغت شدة الحرب المالية، والخصومات على أموالنا، وقد تبنينا خطة إصلاح طموحة من أجل ترشيد المال العام، آملا أن يتحمل كل مواطن المسؤولية ليحمل معنا في هذا الظرف المالي في مرحلة صعبه، وكل الذي نطلبه أن يدفع المواطن فاتورة الكهرباء، وفاتورة المياه، وهذا أمر رغم بساطته إلا أنه يساعدنا في مواجهة الاستحقاقات المترتبة علينا.
ونوه إلى أن القطاع الخاص يقوم بدوره بالاستثمار، وخلق فرص عمل، والبنوك تعيش حالة من الاستقرار، مما يدل على متانة القطاع المصرفي الفلسطيني، وسوف نعمل على إصلاحات جوهرية في الخدمات الصحية، والتعليمية، والقوانين الناظمة للاقتصاد، ومواجهة إجراءات الاحتلال التي تحد من سيطرتنا على مواردنا الوطنية.
وأضاف: "نحن نعلم جميعا أن معركتنا مع الاحتلال هي معركة سياسية، وأن حل الصراع هو سياسي لا اقتصادي ولا غيره، وسنبقى أوفياء لفلسطين ولشعبنا العظيم. نحن نعمل بتوجيه من سيادة الرئيس على الانفكاك عن الاحتلال، وتعزيز صمود الناس، وتوسيع القاعدة الانتاجية للاقتصاد، وتوفير خدمات سلسة وميسرة للمواطنين، وتبني برنامج اصلاحات طموح، ونعمل مع جميع المُركّبات الوطنية النضالية من أجل إنهاء الاحتلال بالمقاومة الشعبية، وفي الساحات الدولية، ومنابر الأمم المتحدة، والبرلمانات، والاتحادات، والكنائس، والجامعات، ومن اجل حرية الاسرى، وكرامة جثامين الشهداء، وإعادة صياغة الأمل في نفوس أبناء شعبنا حيثما حلوا وكانوا".
ومن المقرر أن يناقش مجلس الوزراء اليوم عدة مشاريع في قطاعات المياه، والطرق، والكهرباء وتخصيص أموال لمستشفى جنين، ومباني عامة في طوباس، ومشروع نظام للمركز الوطني للامتحانات والقياس، اضافة الى تقارير مالية، وأمنية، وسياسية.