يحتفل شعبنا في هذه الايام بالذكرى الثامنة والخمسين لانطلاقة حركة «فتح» ، ولا يختلف اثنان على انها كانت الرائدة والقائدة والتي أعادت الحياة الى القضية الوطنية بعد ان كادت تختفي تماما.
وعند الانطلاقة كان مجرد منشور بسيط منها يلهب المشاعر ويحرك الجماهير، وكان اسم «ابو عمار» رمزا للمقاومة والحق والحرية وموضع احترام كبير وتقدير بلا حدود.
ثم بدأت مرحلة المفاوضات العربية مع اسرائيل وبعدها توقيع اتفاقات السلام التي بدأتها مصر، وبعد ذلك سيطرة فكرة التفاوض بديلا للمقاومة المسلحة، ودخلنا نحن في خضم هذه المرحلة وكان الدكتور حيدر عبد الشافي هو الذي يقود الوفد الوطني وهنا بدأ ابو عمار يحس بتقلص دوره القيادي تدريجيا، فذهب الى اتفاق اوسلو الذي كان سريا وغير علني، وعاد الى القيادة في مرحلة الاتفاق المعروفة رسميا باسم «غزة واريحا اولا».
ولقيت عودته الاولى الى غزة استقبالا غير عادي واحتشدت الجماهير للترحيب به وبما كان يمثله من انجاز وطني، وبالتدريج تحول ابو عمار الى زعيم ورئيس وقائد بلا منازع، وانتهت مرحلة عبد الشافي وغيره من القياديين، وبدأ عهده الذي استمر حتى رحيله بعد معاناة طويلة من الحصار في رام الله والمرض.
وبعد ذلك، وبدون الدخول في التفاصيل المملة والمعروفة، جاء الرئيس محمود عباس «ابو مازن» وهو القائد والزعيم والرئيس الحالي على خطى ابو عمار وموقفه، والارجح انه سيظل الرئيس ما اطال الله في عمره.
ومع الاحترام لذكرى ابو عمار وللرئيس ابو مازن فان المشكلة السياسية الكبرى التي يواجهها شعبنا هي غياب الديمقراطية غيابا مطلقا بلا مجلس تشريعي ولا انتخابات رئاسية.
وفتح التي تحتفل في ذكرى انطلاقاتها، لم تعد في تقديري، هي فتح الانطلاقة والثورة، وانما اصبحت مجرد وسيلة للحكم والسيطرة، وقد اكون مخطئا ولكن هذا هو الواقع الذي اراه، لعدة اسباب في مقدمتها التساؤل الاساسي لماذا لا تجري انتخابات رئاسية وتشريعية ليقول الشعب كلمته واختياره للقيادة والسلطة التي يعتقد انها الأنسب؟.
في ذكرى انطلاقة «فتح» فان المطلوب ليس مجرد احتفالات وخطابات رنانة، وتقديم التهاني والتبريكات وانما المطلوب امران اثنان هما الوسيلة الاقوى والاصح لمواجهة هذا الاحتلال الذي لا يتوقف عن ممارسة اعتداءاته وتهويد عاصمتنا الموعودة القدس وسرقة كل الارض القليلة السكان.
الامر الاول هو اجراء انتخابات رئاسية حسب القانون او كل اربع سنوات مثلا، لاعطاء الفرصة للشعب ليقول كلمته والامر الثاني الذي لا يقل اهمية هو اجراء انتخابات تشريعية حقيقية كل اربع سنوات مثلا ليكون عندنا مجلس تشريعي صاحب قوة وسيطرة وتنفيذ للقوانين والحقوق ومحاسبة المخطئين والمخالفين.
ولأن هذا لم يحدث فاننا نواجه مرحلة هي الأسوأ في تاريخنا السياسي وامامنا حكومة اسرائيلية تجمع كل قوى التطرف والعنصرية وانكار اية حقوق لنا والسعي لهدم كل مقومات وجودنا، ولا بد من التوقف عن تكرار التصريحات وبيانات الاستنكار التي لم يعد احد يستمع اليها او يهتم بها، والتحول الى ممارسة الاصول الوطنية الواجبة بالفعل العملي، وعندنا امكانات كبيرة اولها واهمها هو الشعب الصامد المكافح والمستعد لكل التضحيات..
فيا ايها الراقدون فوق الكراسي، افيقوا .. افيقوا واذهبوا الى الانتخابات الرئاسية والتشريعية.