معاريف: “هاتف نتنياهو وسرّب الموضوع”.. رئيس الأركان في معركة مع سموتريتش وبن غفير

حجم الخط

بقلم: تل ليف رام

كانت مسألة وقت فقط، كان واضحاً أن رئيس الأركان الفريق أفيف كوخافي وقيادة الجيش سيجدون أنفسهم في المعمعان السياسي في ظل الجلبة العامة.
مقاتلو “جفعاتي” في الخليل، والنقاش الجماهيري الذي نشأ، والادعاءات التي طرحت على الضابطية العليا عن عدم الإسناد المزعوم للمقاتلين في الميدان، والادعاءات تجاه الناطق العسكري العميد ران كوخاف بأنه مسؤول عن جعل وحدة الناطق العسكري فرعاً سياسياً لـ”ميرتس”، في أعقاب تصريحات سياسية في الشبكات الاجتماعية لثلاثة جنود في الوحدة – كل هذه مقدمة للقضية الأخيرة التي يتهم فيها الوزراء المرشحون من “الصهيونية الدينية” كوخافي بتدخل سياسي فظ في الاتفاقات الائتلافية.
أصبع الاتهام موجهاً الآن لرئيس الأركان، في ظل تجاهل أنه وعبر المكالمة الهاتفية بين رئيس الوزراء المرشح بنيامين نتنياهو وكوخافي اتفق – بخلاف الاتفاقات التي سبق أن وقعت بين الليكود و”الصهيونية الدينية” – أنه بالنسبة للتغييرات المخطط لها المتعلقة بالجيش في كل ما يتعلق بالمسؤولية عن الإدارة المدنية (إتباع حرس الحدود في المناطق لوزير الأمن القومي المرشح ايتمار بن غفير، وتغيير مكانة الحاخام العسكري وبنود أخرى) لا يجب اتخاذ القرارات النهائية إلا بعد أن يعرض الجيش الإسرائيلي المعاني الناشئة عن القرارات التي اتخذت في الاتفاقات الائتلافية.
واضح أن من صلاحية الحكومة المنتخبة أن تنفذ تغييرات وتدفع قدماً بالسياسة مثلما تراه مناسباً، حتى عندما ينشأ خلاف مع الجهات المختصة التي تعارض التغييرات او القرارات. ليس على هذا الجدال. فقط في هذه الحالة، قفزت الحكومة المرشحة مسبقا عن الدراسة اللازمة، عرض التوصيات ونتائج القرارات من جانب المحافل المهنية والاستشارة القانونية اللازمة في قسم كبير من بنود التغيير الجوهرية. هذا ما يطلب رئيس الأركان عرضه حتى لو كان هذا سيحصل في ولاية خليفته، اللواء هرتسي هليفي.
قضية كوخافي الأخيرة، التي يجد فيها رئيس الأركان نفسه في مركز الجلبة ويتهمه سموتريتش وبن غفير بتدخل سياسي فظ، يجب أن نقسمها إلى قسمين: المكالمة الهاتفية بين نتنياهو وكوخافي، التي جرت وفقاً لكل الأنظمة والأذون الواجبة، مقابل الشكل الذي سربت فيه المكالمة التي جرت الأسبوع الماضي. سربت اقتباسات منسوبة زعماً لرئيس الأركان، وكانت النية إحداث ألعوبة إعلامية سياسية في ظل التشريع السريع في الهيئة العامة للكنيست.
إن مبادرة رئيس الأركان للحديث مع رئيس الوزراء المرشح، ليس فيها استفزاز للحكومة المرشحة، كما عرضت في بعض من المنشورات. هذه مسيرة مشروعة وسليمة النظام أقرت كما يلزم. بل إن من واجب رئيس الأركان أن يعرض موقف الجيش على القيادة السياسية في ضوء المشاكل التي تنشأ عن التغييرات المتوقعة، ولا سيما عندما يدور الحديث عن عملية التشريع، بينما لم يكن للجيش فرصة للإعراب عن موقفه المهني قبل اتخاذ القرارات.
إن ما ضجت به الشبكة من أقوال، ربط بشكل فوري بين تقديرات محتملة بسعى كوخافي مستقبلاً للانخراط في الساحة السياسية وبين الاقتباسات التي ظهرت في وسائل الإعلام باسم رئيس الأركان، والتي كانت كافية للوزيرين المرشحين بن غفير وسموتريتش لأن يشيرا بشكل غير مباشر إلى أن كوخافي أو أي من رجاله هم الذين يقفون خلف التسريب، وذلك لترسيخ المكانة السياسية المستقبلية لكوخافي كمن هو مستعد لخوض معركة حيال نتنياهو.
إن استهداف كوخافي كمصدر للتسريب هو ما أتاح الهجمة الحادة ضده والادعاءات بتسييس الجيش الإسرائيلي. لا يمكن حقاً أن نقرر من هو مصدر التسريب، لكن سموتريتش وبن غفير، كلاعبين سياسيين مجربين، يعرفان جيداً بأنه -إلى جانب الادعاء بأن مصدر التسريب هو الجيش ورئيس الأركان- ثمة إمكانات معقولة كثيرة أخرى على الساحة، بينها أن التسريب ربما جاء من جانب مقربي نتنياهو أو من جانب لاعبين سياسيين آخرين.
كل هذا لا يهم سموتريتش وبن غفير اللذين ادعيا بأن هذه خطوة سياسية من كوخافي. بطريقة لطيفة، فضّلا أيضاً أن يتجاهلا البيان الرسمي للناطق العسكري الذي صدر بعد نشر الحديث، وبموجبه اتفق نتنياهو وكوخافي على ألا تتخذ القرارات النهائية إلا بعد أن يعرض الجيش الإسرائيلي المعاني المهنية على القيادة السياسية.
هذا بيان رسمي نسق باحتمالية عالية بين نتنياهو وكوخافي لم ينفه محيط رئيس الوزراء المرشح. بيان فيه إشارة أيضاً تجاه شركاء الليكود المستقبليين في الحكومة، إذ ليس كل شيء متفقاً عليه ومنتهياً رغم الاتفاقات الائتلافية.
هذه إشارة فضل الوزيران المرشحان تجاهلها، ولم يطلبا إيضاحات من نتنياهو علناً. كان مريحاً لهما أكثر أن يهاجما رئيس الأركان في خلق مؤامرة سياسية وبالترويج لحياته المهنية المستقبلية.
أما الضرر فبات على حسابنا جميعاً.

معاريف