أظهر تقرير صادر عن مركز فلسطين لدراسات الأسرى اليوم الثلاثاء، أن سلطات الاحتلال صعدت بشكل خطير خلال عام 2022 من إصدار الأوامر الإدارية بحق الاسرى، والتي وصلت الى (2400) أمر إداري ما بين جديد وتجديد مقابل (1600) خلال العام الذي سبقه.
وذكر تقرير مركز فلسطين ورد وكالة "خبر" نسخة عنه، أن الاحتلال يستخدم الاحتلال سياسة الاعتقال الإداري كعقاب جماعي بحق الشعب الفلسطيني، دون مراعاة للمحاذير التي وضعها القانون الدولي والتي قيدت استخدامه، إلَّا في إطار ضيق، حيث طال كافة شرائح المجتمع الفلسطيني من أطفال ونساء، ونواب، وقادة فصائل، وأكاديميين، ومرضى وغيرهم.
وبين الباحث رياض الأشقر مدير مركز فلسطين صعدت سلطات الاحتلال وبتعليمات من المخابرات بشكل كبير جدا خلال العام 2022 من إصدار الأوامر الإدارية بحق الاسرى، والتي وصلت الى (2400) قرار ادارى، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 50% عن العام 2021 والذي شهد (1600) قرار.
وكشف الاشقر بين القرارات الإدارية (1272) قرار تجديد اعتقال إداري لفترات إضافية امتدت ما بين شهرين إلى 6 شهور، ووصلت الى (5) مرات لبعض الأسرى، بينما (1131) قرارا ادارياً صدرت بحق أسري لأول مرة، معظمهم أسرى محررين أعيد اعتقالهم مرة أخرى.
وشهد شهر ديسمبر اعلى نسبة إصدار لأوامر الاعتقال الإداري خلال العام حيث بلغت (315) قرار، تلاه شهر أغسطس حيث بلغت (272) قرار، ثم شهر سبتمبر والذي صدر خلاله (245) قرار، وشهر نوفمبر وصدر خلاله (242) قرار.
وأشار الأشقر الى أن الاحتلال وامعانا في جريمة الاعتقال الإداري التعسفي لاستنزاف اعمار الاسرى اصدر الاحتلال قانونًا جديدًا يحرم الأسرى الإداريين حقهم في الاستئناف على قرارات الاعتقال بعد مُضي 30 يومًا ، حيث أن النظام الذي كان يسري سابقاً في محاكم الاحتلال هو إمكانية تقديم الأسير لطلب الاستئناف على قرار الاعتقال الإداري في أي وقت دون تقييد أو تحديد سقف زمني له، بينما حدد الاحتلال هذا الوقت ب 30 يوماً لحصر ومنع الاسرى من تقديم طلبات استئناف على الأوامر الإدارية الصادرة بحقهم نظراً لضيق الوقت، وعدم إمكانية التواصل مع المحامين في هذه الفترة.
وأوضح الاشقر ان اعداد الاسرى الإداريين ارتفعت خلال العام الماضي الى ما يزيد عن (850) اسيراً نتيجة تكثيف أوامر الاعتقال الإداري، غالبيتهم أسرى محررين قضوا فترات مختلفة داخل السجون وأعيد اعتقالهم مرة اخرى، وجدد لمعظمهم لفترات أخرى، ومن بينهم (3) من نواب المجلس التشريعي، واسيرتين وهن " شروق البدن" من بيت لحم ، و"رغد القنى" من طولكرم.
ولم يسلم الأطفال من سياسة الاعتقال الإداري أيضًا، حيث أصدرت محاكم الاحتلال خلال العام الماضي، 19 قراراً ادارياً بحق قاصرين، عدد منهم أطلق سراحهم خلال العام، وبعضهم تجاوزوا سن الطفولة في الاعتقال الإداريّ، بينما لا يزال 4 أطفال قاصرين معتقلين ادارياً وهم عبد الرحمن الخطيب من بلدة حزما شمال القدس ، وعبادة خليل حماد من بلدة سلواد شمال رام الله ، وجهاد بني جابر من بلدة عقربا جنوب شرق نابلس ، وصهيب سلامة من جنين.
ونوه الأشقر الى أن عدد الإداريين حتى نهاية العام الماضي يعتبر الأعلى منذ عام 2003، والذي وصل فيه عدد الإداريين حينذاك الى حوالي (1000) أسير ادارى، وكان الاحتلال بقرار من رئيس الحكومة مباشرة أعاد تفعيل إصدار أوامر اعتقال إدارية بحق الفلسطينيين في الداخل المحتل، وذلك عقاباً على مشاركتهم في هبه الكرامة منتصف العام 2021 تضامناً مع أهالي القدس واحتجاجاً على العدوان الهمجي الذي تعرض له قطاع غزة .
وبين الأشقر أن الاسرى الإداريين ونتيجة تصاعد إصدار الأوامر الإدارية أعلنوا بداية العام 2022 عن مقاطعة محاكمة الاحتلال الإدارية بكافة مستوياتها، والامتناع عن المثول أمامها بشكل قاطع بهدف تسليط الضوء على قضيتهم، وتحريك المياه الراكدة بملف الاعتقال الإداري الذي تصاعد، بشكل واضح.
في شهر أيلول خاض 30 اسيراً ادارياً اضراباً مفتوحاً عن الطعام ضد سياسة الاعتقال الإداري تحت شعار إضرابنا حرّيّة، وانضم إليهم 20 معتقلاً اخرين، واستمر الإضراب 19 يوماً الى ان أعلنوا عن تعليق الإضراب بعد أن أوصلوا رسالتهم وصوتهم بعدم شرعية هذا الاعتقال، فيما لا يزال يواصل أكثر من (80) معتقلًا إداريًا مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال الإدارية.
ولفت الأشقر إلى أن سلطات الاحتلال دأبت على تطبيق سياسة تعسفية تقضي بتحويل الاسرى المحكومين بالسجن الفعلي بعد انتهاء محكومياتهم الى الاعتقال الإداري بدل الإفراج عنهم، بناء على توصية من المخابرات، والعكس صحيح حيث هناك عدد من الاسرى وبعد ان أمضوا شهور طويلة في الاعتقال الإداري ادعت المخابرات ان لديها ادلة جديدة تدينهم أمام المحاكم وتم أصدر لوائح اتهام بحقهم، ونقل ملفهم من الإداري الى المحاكم وإصدار أحكام فعلية بالسجن بحقهم.
ومن بينهم الأسير "جلال رائد النجار" من بلدة سلواد تم تحويله للاعتقال الإداري في نفس اليوم الذي كان مقررا الإفراج عنه عقب انتهاء محكوميته الفعلية البالغة 26 شهراً، كذلك الاسير المقدسي صبيح ابو صبيح، تم تحويله للاعتقال الإداري عقب انتهاء محكوميته الفعلية البالغة عامين ونصف.
وأوضح الأشقر أن الاحتلال يهدف من خلال سياسة الاعتقال الإداري استنزاف أعمار الفلسطينيين خلف القضبان دون سند قانونى، سوى أهواء ضباط جهاز المخابرات الذي يتولى إدارة هذا الملف، ويملى التعليمات للمحاكم الصورية بإصدار اوامر ادارية جديدة أو تجديد لفترات اخرى بناءً على ملفات سرية لا يسمح لأحد بالاطلاع عليها.
وتطرق الى بعض حالات الاسرى الإداريين وفى مقدمتهم أكبر المعتقلين الإداريين سناً وهو الاسير جمال النسر (76 عامًا) من البيرة والذى يعاني من عدة أمراض ورغم ذلك صدر بحقه قرار اعتقال ادارى، والنائب المقدسي محمد ابوطير (72 عامًا)، والذى ما يكاد يتحرر من الاعتقال حتى يعاد مرة أخرى، وقد بلغ مجموع ما أمضاه في سجون الاحتلال 37 عاماً، جزء كبير منها تحت الاعتقال الإداري التعسفي .
كذلك الأسير غسان زواهرة من بيت لحم، تم التجديد له خمس مرات متتالية، علمًا أنّه أمضى 15 عامًا في الاسر، والأسير قصي سلامة من جنين، أمضى سابقا 17 عامًا في الاعتقال، واعيد اعتقاله وتحويله للإداري، والأسير عبد الباسط معطان، من رام الله والذي يعاني من سرطان القولون، تم اعاده اعتقاله بعد شهرين فقط من الإفراج عنه، وبعد أسبوعين تم تحويله الى الاعتقال الإداريّ لمدة 6 شهور دون تهمه.
وطالب مركز فلسطين بموقف دولي جاد وحقيقي تجاه هذه السياسة الإجرامية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، والتي تصاعدت بشكل كبير خلال العام الأخير، ودعا المجتمع الدولي الى التدخل الحقيقي لوقف المجزرة المستمرة التي ترتكب بحق اعمار الاسرى الفلسطينيين دون تهمه.