يعتقد الكثير من أصدقاء الشعب الفلسطيني وقيادة الشعب أيضاً، أن نداءات غزة واستغاثتها هي مجرد صرخات عابرة، بهدف كسب العاطفة ولفت الأنظار فقط، في حين أنهم لا يعلمون أن قطاع غزة يعاني ويلات الحصار منذ سنوات وعانى كثيراً من ويلات الحروب، والانقسام الداخلي بين الحركتين الأكبر في فلسطين.
لقد ظن البعض أن الجوع والفقر والبطالة ستدفع بغزة وأبناءها لأن يلوحوا الرايات البيضاء ويرفعون شارة الهزيمة والانكسار، وعمل الاحتلال على تكريس الحصار واشتداد حدته خلال السنوات الماضية، ولكن غزة بشعبها المعطاء المناضل أبى الذلة والهوان ورفض كافة خيارات التطويع والتركيع، وانتفض للهبة الشعبية التي أطلقها الشهيد مهند حلبي من رام الله، ليؤكدوا على أن الفصل الجغرافي والسياسي والاجتماعي لم ينسي أبناء الوطن الواحد أن فلسطين أكبر من كل الخلافات، فطهارة هذه الأرض وتاريخها النضالي يجعلها تلفظ كافة المؤامرات.
لقد دفع سكان قطاع غزة فاتورة الوطن مجبولةً بدماء أبنائهم، وضحوا بأموالهم وأفنوا زهرة شبابهم، دفاعاً عن قدسية وطنهم، وتجلّى للعدو حقائق مخالفة لما توقع، فاعترته حالة من الاندهاش دعته إلى إعادة النظر في مرتكزاته المبنية على أن يستفرد بغزة دون الضفة أو عكس ذلك، وأكدت الضفة أنها كغزة كالقدس كأراضي فلسطين المحتلة عام 48.
ومن هذا المنطلق، إلى متى ستبقى غزة رهينة الانفصال الجغرافي والسياسي، تستصرخ في كل حين وتأن ويلات الحصار دون منفذ للتنفس، و يجتمع عليها الصديق قبل العدو، فغاصوا في أعماق ألام غزة وجراح أبنائها، الذين يعانون الويلات في كل لحظة جراء استمرار العدو في إجرامه الممنهج بحق الشعب الفلسطيني، وتجاهل القيادة الفلسطينية لتلك النداءات والصرخات من فقر وبطالة مقطوعة النظير.
ندائنا لأحرار العالم أن غزة مهما زادت جراحها وآلامها، فلن تتخلى عن مشروعها الوطني، وسيزول الستار تدريجياً عن أبصار كل من تربص بفلسطين وأبنائها، وستزول رواسب الجهل الفكري الخاطئ عن كرامة الفلسطيني، فكل صديق لشعبنا تجلّى في قلبه بارقةُ نور بيّنت له رجولة وعزة كل فلسطيني.
ولقيادتنا السياسية، أنجدوا شباب هذا الوطن وتذكروا أن كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فلن يُستثنى أحداً من الحساب عن إهمال غزة ذلك الجزء الأصيل من الوطن، وتهميش شبابها وقدراتهم وإبداعاتهم، فلا بد أن يزول الانقسام الفلسطيني بأسرع وقت ويقف الجميع عند مسؤولياته الوطنية والإنسانية والأخلاقية، وأن يكون لغزة وشبابها قدراً من الاهتمام حتى يكونوا عماد وطنهم والمسؤولين عن رفعته وازدهاره.