بقلم: عمر خلوصي بسيسو

في ذكرى انطلاقة الثورة.. حركة "فتح" أسطورة التأسيس والانطلاقة

عمر خلوصي بسيسو
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

تحية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وجماهيرها في فلسطين والخارج في الذكرى الــ 58 لانطلاقتها كحركة ثورية وتنظيم جامع ومستقل عن الأحزاب العقائدية، والأنظمة الرسمية العربي.

تأسست الحركة في منتصف خمسينيات القرن العشرين (1956)، وظهر اسمها (فتح)، في تشرين الأول/أكتوبر (1959)، مع صدور العدد الأول من نشرة (فلسطيننا/ نداء الحياة) في بيروت، وراح رجالها يشكّلون خلايا سرية لها بداية في قطاع غزة، والأردن، ومصر، وسوريا، ولبنان، والكويت وقطر، والسعودية، ووجدت الدعم العربي، أولاً من الجزائر، سنة (1962)، ثم سوريا اعتباراً من سنة 1963، فمصر الزعيم الخالد جمال عبد الناصر

تأسيس الحركة أصبح مثل الأساطير نتيجة تعدد الروايات، ومثلها تحول بطلها ياسر عرفات الى حالة رمزية و"أسطورة قيادية" وتسلطت الأضواء على دوره، بأسلوب صمم لشحذ العصبية، وحشد وتعبئة العقول، بينما عمل مؤسسو الحركة الأخرون على تعزيز مؤسساتها بالفكر والعمل الفدائي فصارت الفصيل الفلسطيني الأكبر باطلاقها الرصاصة الأولى في مطلع عام 1965، واصدارها البيان الأول باسم “قوات العاصفة”

وجسد الرئيس الخالد ياسر عرفات/ أبو عمار، أبو الوطنية الفلسطينية وقائد ثورتها المعاصرة، فيما كان خليل الوزير/ أبو جهاد قائد قواتها وعقلها العسكري، بينما مثل صلاح خلف/ أبو إياد ضمير الثورة، الامين على أمنها وأسرارها وأكثر قادتها تفرداً وعنفواناً، وكان المفكر المنظر لقوة المنطق والحق.

وتقول روايات االتأسيس إن فتح تأسست سنة 1956م على يد تحالف ضم الإخوان المسلمين والبعثيين الفلسطينيين فيما سمي حينها "جبهة المقاومة الشعبية" ذلك التحالف القصير الأجل أثناء الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة عام 1956م، تلك التجربة كانت مسئولة عن وضع جنين الحركة حيث اجتمع نحو 12 شخصا من أعضاء الجبهة، ووضعوا خطة انطلقت منها فكرة "فتح".

وقال صلاح خلف "أبو إياد إن انطلاقة فتح كانت سنة 1961م نتيجة توحيد ما يناهز 40 تنظيما سياسيا فلسطينيا نشأت في الكويت وكانت قائمة في كل من قطر والسعودية.

وهكذا يمكننا التوفيق بين مختلف الروايات بالقول إن حركة فتح "ولدت" في العام 1957، وظلت تعمل سراً زهاء تسع سنوات، إذ تقول الموسوعة الفلسطينية إن فتح ظهرت حين أُعلن اسم الناطق باسمها ياسر عرفات ومن ثم توافرت معلومات عن التنظيم ومؤسسيه وقيادته وبرنامجه وأفكاره وخططه وبعض وثائقه والقليل عن جناحه العسكري "قوات العاصفة" الذي أعلن عن بدء نشاطه في 1/1/1965.

وجاءت نشأة التنظيم باتفاق مجموعات من الشبان الفلسطينيين الذين عاشوا النكبة في صباهم، واكتسبوا بعض الخبرات التنظيمية في اتحادات ورابطات الطلاب الفلسطينيين، وفي أحزاب قومية عربية، وكان بعضهم اكتسب خبرات عسكرية ترجع إلى العمل الفدائي الذي انطلق من قطاع غزة سنة 1953 حيث تم اللقاء الأول بين ممثلي هذه المجموعات في الكويت تشرين الأول 1957، واتفقوا وتعاهدوا على العمل من أجل تحرير فلسطين وتجسيد هوية الشعب العربي الفلسطيني ووجوده وشخصيته المستقلة.

كانت هذه القاعدة التنظيمية الأولى لحركة فتح، وكان لأعضائها امتدادات تنظيمية في مصر وغزة والضفة الغربية وسورية ولبنان والسعودية وقطر والكويت ثم بدأ التوسع سراً، ولم يكن هناك شروط لاكتساب العضوية في التنظيم سوى العمل من أجل  فلسطين، وعدم الالتزام بتنظيم آخر.

ومن المرجح أن تكون النواة الأولى للحركة ضمت خمسة أو ستة أعضاء، بينهم ياسر عرفات وخليل الوزير، وصلاح خلف ووليد أحمد نمر نصر الحسن (أبو علي إياد) وخالد الحسن ومحمود عباس حيث صاغوا "بيان الحركة" و "هيكل بناءها الثوري"، واتفقوا على اسمها.

وتنسجم فتح في فكرها وتحركاتها مع تطلعات جماهيرها وتحمي إرثها النضالي، وتعمل على الارتقاء إلى مستوى ما يقدمه شعبها، وتثبت أنه كلما ازداد العدوان تعزز صمودها في مواجهة العدو المتغطرس.

ولا ننسى هنا الأدوار الموثقة لكل من كمال ناصر وكمال عدوان ومحمد يوسف النجار والأدوار اللاحقة لكل من ماجد أبو شرار، سعد صايل، وغيرهم ممن تميزوا في هذه الحركة وأبدعوا وتركوا فيها إرثاً وعقيدة ومباديء وأهداف ومنطلقات ووعي، جعل الشعب يمضي خلفهم بقناعة واستعداد كامل للتضحية.

موروث صلاح خلف/ أبو إياد

وكأننا نحاوره اليوم

قال صلاح خلف/ أبو إياد منذ زمن، وكأنه بيننا اليوم، يُشخص أزماتنا،

ويضع لنا خارطة طريق فلسطينية الهوى والمرامي والأهداف:

يجب أن نؤمن بتداول السلطة والقيادة في سياقها الديمقراطي، وفي إطار المنظمة والدولة وحرية الرأي واستقلالية القرار الوطني، النقد ليس عيباً، والمحازير ليست خيانة، الواقعية ليست خطأ، ويجب ألا نخطيء أو نجرم النوايا، لا نريد تكميم الأفواه، نحن بشر قد نخطيء وقد نصيب، ولكن يجب الأ نقبل التفريط، ليس عيباً أن نتعلم، حتى من أعدائنا، وان نعتمد في حركتنا على حقنا الطبيعي والتاريخي والقانوني وعلى قوة الشرعية الدولية.             

نريد دولة فلسطينية لكل الفلسطينيين، دولة تكون منطلقاً للتحرير، دولة بلا قهر ولا خوف، دولة لكل من صمدوا في مخيمات اللجوء ودول المنافي والشتات.

يضيف أبو إياد: نحن حركة تحرر، لا نستطيع أن نعمل مثل الحكومات ولا نستطيع تقديم كل شيء، كان علينا ألا نبقى جامدين، وقد أجبرنا بحركتنا الوطنية وكفاحنا المسلح وعملنا السياسي وبرنامج النقاط العشر، العالم على الإعتراف بمنظمة التحرير، التي حفظت قضيتنا من الذوبان... القرار 242 كان محصلة هزيمة عربية سنة 1967 وليست هزيمة فلسطينية، إسرائيل لم تعترف أبداً بالقرارات الدولية، وبالنسبة لنا جاءت كل قرارت الأمم المتحدة بما فيها القرار 181 ظالمة وغادرة بحقوق شعبنا التاريخية.

وكأننا في حوار معه البارحة قال أبو إياد ناصحاً رجال الفكر والسياسة وقيادة كافة الفصائل الفلسطينية: يجب أن نجدد ثقتنا بمنظمة التحرير وبرامجها وقيادتها للشعب العربي الفلسطيني، وفي رأيي فإن سلاح الانتفاضة هو أقوى سلاح في أيدينا إلى جانب الكفاح المسلح، وعبقرية هذه الثورة تكمن في جمعها شعبنا في كافة بقاع الأرض وقاراته ولذلك علينا جمع الشمل وتصحيح الوضع وإنهاء الانقسام، وإعادة بناء علاقاتنا مع الدول العربية.

وتابع أبو إياد: لندرك جميعاً أنه إذا ضُربت فتح تُضرب القضية الفلسطينية ويُضرب الشعب الفلسطيني وضمير وحلم هذا الشعب وتُضرب منظمة التحرير، وأن من لايثور لكرامة شعبه ووطنه لا يحق له أن يكون قائداً لهذا الشعب.

واجب علينا الربط بين وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة منظمة التحرير، ويجب ألا نغفل الأساسيات، فقد أعادت منظمة التحرير، الوجود الفلسطيني على الخريطة السياسية للمنطقة ووجهت ضربة قاسية للفكرة الصهيونية التي تأسست على إلغاء وجود هذا الشعب، فقد تحمل شعبنا الكثير... وفلسطين أرضنا من النهر إلى البحر، بقوة المنطق والحق والتاريخ...

وعلينا الا ننسى أصدقائنا في الاتحاد السوفيتي/ السابق، ومواقف الصين الشعبية ودول عدم الانحياز ودول الاتحاد الإفريقي التي نعرفها.

أما الولايات المتحدة فلا تتحرك في رأيي إلا لحماية مصالحها وحماية إسرائيل وتهدئة التوترات إن كانت تُشكل خطراً على أي منهما.

وختم أبوإياد حديثه بالقول: يا إخواني، إن حرب المال لا تقل خطراً عن حرب السلاح والسياسة... ما نطلبه حق لنا وليس منة من أحد، وما أحوجنا لوقفة إصلاحية لإعادة بناء منظمة التحرير والنظر في وضع مؤسساتها ومكاتبها، مؤسسة مؤسسة، ومكتباً مكتباً، وحماية مالها وفرض قانون من أين لك هذا على الجميع.

لنستلهم فكر

القادة المؤسسين

*الكاتب صحفي ومدير تحرير ومدير سابق للإعلام الخارجي.