في القدس ونموذج أمريكي لدولة يهودية "جديدة"

حجم الخط

بقلم:الدكتور عماد عفيف الخطيب

 

في إفتتاحيتها بتاريخ 17 كانون أول 2022 نشرت هيئة تحرير صحيفة "نيويورك تايمز"، المؤيدة لإسرائيل، مقالاً بعنوان: "حكومة نتنياهو - تهديد كبير لمستقبل إسرائيل". حذرت الصحيفة من أن "الدولة اليهودية" تواجه بعد ما يزيد عن السبعين عاماً على إنشائها خطراً يتمثل بوجود إئتلاف حكومي قائم على إتفاقيات تتنازل فيها "منظومة الدولة" لأحزاب دينية وقومية متطرفة تسعى لتحقيق أجنداتها المختلفة. وختمت المقالة الإفتتاحية بدعوة الإدارة الأمريكية أن تقف أمام مسؤلياتها لمساعدة إسرائيل كي تتجاوز هذه المرحلة.

 

ورداً على هذه المقالة، وغيرها العديد من المقالات ذات الشأن التي نشرتها الصحف الأمريكية، كتب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مقالة في صحيفة "وول ستريت جورنال" بتاريخ 27 كانون أول عنوانها: "الحكومة الإسرائيلية الجديدة ليست كما تعتقدون – نسعى لتقريب الدولة اليهودية للنموذج الأمريكي". إستهل سموتريتش مقالته بلومه الإعلام الأمريكي الذي "يقوم بتشويه صورته وصورة حزبه منذ نجاحهم في الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة". وأن الإعلام الأمريكي ذهب بعيداً بنعته "بالمتطرف اليميني" وبأن حزبه والإئتلاف الذي يشكل الحكومة يؤسسون "لدولة دينية". ورد سموتريتش على هذا "الإدعاء" بأنه وحلفاءه يسعون من خلال إتفاقيات تشكيل الحكومة إلى جعل إسرائيل "أكثر انسجاماً مع النموذج الليبرالي الأمريكي". حيث سيقوي الإئتلاف الحكومي "دولة إسرائيل في وجه الإسلام الراديكالي ووكلائه الإرهابيين، وسيفتح البلاد اقتصاديا بإعتماد سياسة السوق الحرة التي تعتمدها أمريكا، وإعتماد إصلاحات تنظيمية مستوحاة من قوانين الحق في العمل الأمريكية بما يشمل تخفيف الرقابة البيروقراطية على الشركات الصغيرة وتقليل سيطرة النقابات على القوى العاملة الإسرائيلية".

 

 أما إنتقادهم لدوره "الثانوي" كوزير في وزارة الدفاع، فيضيف سموتريتش بأنه سيكون "مسؤولاً عن بعض القضايا المدنية في -يهودا والسامرة- والتي أثبت فيها حكم الجيش عجزاً، بحيث سيتعين على الجيش أن يهتم بالأمن فقط وأن يترك الحكم لنظام مدني قادر على تقديم خدمة فعالة وحماية الحقوق الفردية". ويواصل سموتريتش بأن ما جري في المناطق المصنفة "ج" حسب إتفاقيات أوسلو هو على درجة عالية من الخطورة حيث "يقوم الإتحاد الأوروبي بتنفذ خطة سلام فياض لتسهيل سيطرة الفلسطينيين على المنطقة كاملة". وفي شأن منظومة العدالة، يضيف سموتريتش بأن الإئتلاف الحكومي يسعى لإصلاح النظام القضائي في سبيل "إستعادة التوازن الديمقراطي بين السلطات الثلاث مستنداً إلى النظام الأمريكي الذي يتم فيه تعين قضاة فيدراليون وقضاة المحكمة العليا من قبل السياسين"، وأن هذا الجهد يهدف "لإستعادة سلطة -الكنيست- في سعيه لتحديد القيم الأساسية للدولة ودستورها الناشئ".

 

أما بنيامين نتنياهو فقد نشر قبل يوم واحد من أداء الحكومة اليمين، المبادئ التوجيهية للائتلاف الحكومي وجدول أعمالها، واعدا بالبناء في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك "الضفة الغربية" حيث أعتبر أن للشعب اليهودي حق حصري وغير قابل للتصرف في جميع أنحاء ما سماه أرض إسرائيل وتعزيز هجرة اليهود إليها، إضافة لتعزيز مكانة مدينة القدس وطابعها اليهودي والذي سيكون في مركز عمل حكومته. وبالتوازي ذكر نتنياهو أنه سيسعى لتعزيز "السلام" مع الدول العربية بالتوازي مع الحفاظ على أمن إسرائيل و "مصالحها التاريخية".

 

وقبل عدة أيام لتصريحات نتنياهو، حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال مقابلة مع شبكة CNN في رده على خطط الحكومة المتطرفة تجاه الأماكن المقدسه، بأن بلاده سترد إذا تجاوزت إسرائيل "الخطوط الحمراء" وحاولت تغيير الوضع القائم في القدس والمس بالوصاية الهاشمية، وأضاف الملك بشكل واضح: "إذا أرادوا الدخول في صراع معنا، فنحن مستعدون تماماً".