معاريف : الحكومة الإسرائيلية تعمل بعقلية الـ "D9 "

افرايم-غانور.jpg
حجم الخط

بقلم: أفرايم غانور

 


تحت عنوان «إرادة الناخب»، إرادة الشعب المزعومة، تنطلق جرافة D9 لحكومة الوظائف لتدوس، تسحق، وتهدم كل قطعة طيبة بُنيت وطُورت هنا على مدى 75 سنة من سنوات الدولة بالدم والعرق. قامت هنا حكومة قررت أن تحكم هنا حكم طغيان، على شعب ممتلئ بتاريخ طويل وكثيف من الملاحقات، السحق، والقوانين التي تستبعد قوانين أساس أولية مثل قانون أساس كرامة الإنسان وحريته. حكومة يطالب ويصرخ فيها وزير الأمن القومي: «لا تمييز بعد اليوم بين القدس وتل أبيب»، أي لا تمييز بعد اليوم بين المتظاهرين الحريديم في القدس ومتظاهري اليسار «الشماليين» في تل أبيب. لكن، معاذ الله من قول كلمة عن التمييز بين القدس وتل أبيب في كل ما يتعلق بحمل العبء، الخدمة في الجيش، ودفع الضرائب.
هذه حكومة من اللحظة الأولى التي قامت فيها لا تعنى الا بشؤونها، بالتعيينات، بالوظائف، بإطفاء حرائق داخلية، وبانقلاب قضائي لتثبيت طغيانها – حوكمتها. في هذه الأيام، كل يوم يولد في هذه الحكومة وزير/ة او وزارة جديدة لتهدئة الخواطر في أروقتها بثمن مليارات الشواقل، بينما يعيش مئات آلاف الشيوخ والأطفال هنا في مذلة الجوع، وبينما يتعرض جهاز التعليم للانهيار ومواضيع حرجة مهمة تدحر الى الهوامش.
وبعد الإبداعية الكبيرة التي أبدتها هذه الحكومة في تعيين وزرائها، يمكن التساؤل كيف لم يعينوا في هذه الحكومة وزير/ة سقاية؟ فبعد أن قلصت الضريبة على المشروبات المحلاة لتحلية حياة ناخبيها، يجدر ان يكون في هذه الحكومة أيضا وزير/ة سقاية. وعلى الطريق من المرغوب فيه أيضا وجود وزير للأواني البلاستيكية.
بينما تندفع جرافة الـ D9 وتقترب من الهدف يعين في هذه الحكومة مدراء عامون موالون غير مناسبين وغير جديرين، رغم أنهم رفضوا من لجنة التعيينات والمستشارة القانونية. ومثلما يعملون على إقالة سائقين متفانين مع 30 سنة أقدمية في ديوان رئيس الوزراء، هم مشتبهون بعدم ولائهم الكافي رغم أنهم كانوا موالين في نظر عدة رؤساء وزراء. إذ في فكر هذه الحكومة، فان الـ D9 تدوس وتسحق كل شيء – في هذه الحكومة الهاذية التي لا تعنى الا بنفسها وببقائها واثقون بانه مع الـ D9 يمكنهم ان يحكموا هنا بلا عوائق. الويل، كم هم مخطئون، وأساساً عندما يعتقدون أن معظم هذا الشعب أغبياء.
صحيح أنهم نجحوا في اقناع وشراء بعضه بوعود لا أساس لها، بتزوير الحقيقة وبالوظائف، لكن بالمقابل يوجد هنا جمهور ضخم، في معظمه صامت لا يقبل وليس مستعداً لأن يمر مرور الكرام في ضوء السلوك الهاذي لهذه الحكومة.
يحمل هذا جمهور في أغلبيته الساحقة العبء الأمني، الاقتصادي، والاجتماعي للدولة، جمهور أعرب ممثلوه منذ الآن عن موقفهم ورأيهم – طيارو سلاح الجو المتقاعدين، قضاة متقاعدون، ورؤساء بلديات وغيرهم.
هذا جمهور سيصد وسيمنع هذه الحكومة من أن تدمر ما بُني هنا على مدى السنين، وكل ذلك من اجل أن تنتهج هنا ديمقراطية شوهاء وعليلة على نمط تركيا بذريعة الحوكمة. كل هذا، بينما لا شك انه لو أجريت هنا اليوم انتخابات على أساس مبادئ ثورة هذه الحكومة، لتكبدت فشلاً ذريعاً، وقسم مهم من مصوتيها في الانتخابات الأخيرة كان سيصوت ضدها.
لمعارضي طريق ونوايا الحكومة هذه توجد القوة والقدرة القانونيتان على منع نواياها. ليس لا سمح الله في العصيان المدني وبالتأكيد ليس في الحرب الاهلية. من الجدير والمجدي ان يكون بنيامين نتنياهو وشركاؤه الائتلافيون منصتين لرسائل رؤساء البلديات. يفترض بهذه ان تكون بالنسبة لهم ضوء تحذير، بعد تجاهلهم تحذيرات المعارضة، ويجمل أن يكون هذا ساعة متقدمة اكثر. إذ مع الـ D9 لا تدار دولة ولا تسن قوانين، حتى في نظام آيات الله الظلامي في إيران بدؤوا يفهمون ويستوعبون هذا.

 عن «معاريف»