حكومة اليمين والكهانية اليهودية...تشن حرباً شاملة على الشعب والقيادة الفلسطينية، سن قوانين وتشريعات عنصرية،ليس فقط في القضايا السيادية،بل وصل الأمر الى حد منع رفع العلم الفلسطيني،ورفع العلم الفلسطيني،رغم انه تعبير عن كرامة وهوية شعبنا،وما يتصل بحقوقه الوطنية،ولكنه ليس بالقضية الجوهرية،حيث رفعه لا يجري على أرض عليها سيادة وسيطرة...وأمريكا التي رعت اتفاق أوسلو الكارثي،لم تحرك ساكناً تجاه كل ما تقوم به حكومة الكيان،من عمليات قمع وتنكيل بحق شعبنا الفلسطيني واقتلاع وطرد وتهجير وتطهير عرقي،واعتبار القدس والضفة الغربية،جزء من ارض دولة الكيان،والحق لليهود في البناء في أي جزء مما تسميه بأرض "اسرائيل" التاريخية..حتى الإعدامات الميدانية،والتي طالت اليوم الخميس 12/1، ثلاثة ش ه داء،لم تتطرق لها أمريكا بشيء،ولكن مقتل اي جندي او مستوطن صهيوني، يجعلها تحرك كل "ماكنتها" الإعلامية والسياسية،للإحتجاج والإستنكار،وإدانة ما تسميه ب" الإرهاب الفلسطيني...ولعل القيادة الفلسطينية لم تتعلم من الجرائم التي ترتكبها دولة الكيان،ويجري توثيقها بالكاميرات،التصفية من نقطة الصفر،لكي تقتنع بأن أمريكا أكثر عداءً لنا من دولة الكيان،فيما يتعلق بحقوقنا الوطنية والسياسية.
كل جرائم دولة الكيان ومشاريعه ومخططاته التهويدية والإستيطانية ،تحاول أمريكا أن تجد لها تبريراً ،واذا كان اعدام الصحفية الفلسطينية شيرين ابو عاقلة في 2/5/2022 والتي تحمل الجنسية الأمريكية،رغم كل الأدلة والقرائن والرصاصة التي نفذت بها عملية الإغتيال من قبل قناص اسرائيلي ،وسلمت لأمريكا،تقول بمسؤولية جيش الكيان عن عملية الإعدام،ولكن أمريكا احجمت عن توجيه الإتهام لجيش الكيان بإرتكاب تلك الجريمة ...وفوق كل ذلك الرئيس الأمريكي بايدن يفاخر بصهيونيته،وبأن العلاقة بين دولته ودولة الكيان استراتيجية،وأمن دولة الكيان فوق أي اعتبار،ويمعن في التنكر لحقوق شعبنا الفلسطيني وتطلعاته الوطنية والسياسية وحقه في تقرير مصيره ...كل هذا يفترض أن يشكل صحوة عند دول النظام الرسمي والقيادة الفلسطينية، بأن أمريكا لا يمكن في يوم من الأيام،ان تكون محايدة في الصراع او حتى منحازة لصالح دولة الكيان،بل هي شريك مباشر في العدوان على شعبنا...ولكن نجد بأن دول النظام الرسمي العربي المنوط بها دور وظيفي في إطار المشروع الأمريكي،تصر على أن أمريكا،هي "الأم الرؤوف"،التي لا يمكن مغادرة حضنها،بل كلما أمعنت امريكا في انحيازها لصالح دولة الكيان،وتوجيه الصفعات والإهانات لدول النظام الرسمي العربي المنهار،كلما زاد التصاق هذا النظام ب" الحضن" الأمريكي..وهذا النظام عندما يغضب او يحرد من أمريكا بسب إمعانها في إهانته وإذلاله،لا يعبر عن غضبه وحرده من أجل اعلان الطلاق ومغادرة "الحضن " الأمريكي، بل يفعل كما هي الزوجة المشاكسة التي تريد أن تستعيد زوجها الناشز،فعلى سبيل المثال لا الحصر،في الثالث من هذا الشهر عندما اقتحم المتطرف بن غفير المسجد الأقصى،وتوجهت فلسطين والأردن بواسطة الإمارات وتأييد الصين لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي، لكي يتخذ قراراً واضحاً بإدانة عملية الإقتحام هذه،واعتبارها تحد وقح لكل مشاعر العرب والمسلمين وخرق سافر لكل الأعراف والقوانين الدولية،والسعي لخلق وقائع جديدة تغير من طابع الأقصى الديني والقانوني والتاريخي، وجدنا بأن دول النظام الرسمي العربي،إستجابت للطلب الأمريكي،بأن تكون الجلسة عبارة عن منصة كلامية، يجري فيها استعراض تلك " العنتريات " الكلامية لتفريغ وتنفيس حالة الإحتقان الشعبي العربي،ودون ان يجري طرح القضية للتصويت على مجلس الأمن.
وما ان انتهى محفل إستعراض " العنتريات" الكلامية، حتى اعلنت دولة الكيان عن توجه وفد كبير من وزارة خارجيتها ،من أجل عقد لقاءات مع قادة منتدى "النقب"،الذي عقد في السابع والثامن والعشرين من اذار من العام الماضي في كيبوتس " سديه بوكر" مكان دفن مؤسس دولة الكيان بن غوريون.
الوفد كانت وجهته مصر ودول حلف " ابراهام" التطبيعي ،الإمارات العربية والبحرين والمغرب،من أجل التمهيد لعقد اجتماع لوزراء خارجية هذا الحلف في المغرب في الثاني عشر من آذار القادم،بحضور دولة الكيان وأمريكا،من أجل تطوير العلاقات بين دول هذا الحلف سياسياً واقتصادياً وتجارياً وتكنولوجياً وفي قضايا الطاقة والزراعة وغيرها،والأهم من ذلك تثبيت تشكيل إطار أمني تقوده أمريكا،رأس حربته دولة الكيان،في مواجهة ما يسمونه الخطر الإيراني على أمن واستقرار تلك الدول،وطرق التجارة الدولية والممرات البحرية.
أمريكا يتراجع دورها ومكانتها على الصعيد العالمي والإقليمي،ولم تعد ذلك الشرطي المتحكم بمصير العالم، بل نحن أمام ولادة نظام عالمي جديد تجري ولادته،متعدد القطبية،أكثر عدلاً وإنسانية،وكذلك ترسخ قوى اقليمية،لها مكانتها ووزنها اقليمياً ودولياً وعلى صعيد المنطقة، وكثير من دول العالم تستفيد من تلك التغيرات،وتعمل وفق مصالحها،إلا دول النظام الرسمي العربي،ما زالت انظمتها المتهالكة تؤمن بأن أمريكا قدر البشرية،وأنه لا يحق لدول النظام الرسمي العربي الخروج عليها،لأن ذلك يعني الخروج على أولي الأمر ...واذا كانت جماعة طالبان،اجبرت امريكا ان تخرج بشكل ذليل من افغانستان...ولم يعد وجودها آمناً في العراق ولا سوريا ...والكثير من دول العالم لم تعد لديها ثقة بأمريكا،التي تتخلى عن وتدير الظهر لحلفائها،وتتركهم يواجهون قدرهم...فلماذا دول النظام الرسمي العربي والقيادة الرسمية الفلسطينية، ما زالت الأوهام معشعشة في رؤوسهم،رغم كل الصفعات التي وجهتها لهم أمريكا..؟؟،أليس الحقائق التي تجري مشاهدتها على أرض الواقع كافية،لكي يكون هناك صحوة عند قيادات تلك الدول..؟؟الى متى ستبقى تلك القيادات مسلوبة الإرادة والقرار..؟؟ الم يقل الرئيس الأمريكي في زيارته للمنطقة في تموز من العام الماضي للرئيس الفلسطيني،بأن مطالبك بوقف الإستيطان واعادة فتح القنصلية الأمريكية في القسم الشرقي من المدينة ،والعودة الى المفاوضات السياسية ،وفتح مكتب المنظمة في واشنطن، بأنها تحتاج الى عودة المسيح لكي يعمل على تحقيقها...؟؟
ألم يحن الوقت بعد كل هذه الصفعات ،لكي يغادر عربان النظام الرسمي العربي والقيادة الرسمية " الحضن" الأمريكي، الذي لم يكن في يوم من الأيام يُشعر بالدفىء والمحبة..؟؟؟