كيف تعيش الأسر الفقيرة في قطاع غزة وما هي مصادر دخلها؟

لقطة الشاشة 2023-01-15 102420.png
حجم الخط

بقلم محمد عبدالهادي نصار

 

 

 في ظل التقارير الصادرة عن المؤسسات الأممية والدولية، والتي تقول بأن غزة بالكاد تصلح للعيش، وأن هناك مئات الآلاف يعيشون تحت خط الفقر، وفي ظل استمرار عدم قدرة الحكومة وبعض مؤسسات القطاع الخاص على صرف رواتب موظفيها كاملة، فإنني في هذا المقال سأقوم بإعطاء القارئ صورة عامة عن مصادر دخل الأسر الفقيرة في قطاع غزة.
يعاني قطاع غزة أوضاعًا معيشية واقتصادية صعبة منذ أكثر من ستة عشر عاماً، حيث تسببت سنوات طويلة من الحصار الإسرائيلي والعدوان المستمر، إضافة للانقسام الفلسطيني إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في قطاع غزة بشكلٍ ملحوظ، فوفق آخر الأرقام المنشورة من قبل البنك الدولي والتي تعتمد علي بيانات مسح إنفاق واستهلاك الأسرة الفلسطينية الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغت نسبة الفقر في غزة في العام 2021 حوالي 60% من سكان قطاع غزة أي حوالي مليون وثلاثمائة ألف فرد، كما تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للربع الثالث من العام 2022 بأن نسبة البطالة بلغت 46.6% من القوى العاملة، كما تشير بيانات سوق العمل بوزارة العمل بأن هناك 320 ألف عاطل عن العمل مسجلين في قاعدة البيانات في غزة نصفهم من خريجي الجامعات، وبالتالي فإن البيانات والأرقام السابقة تشير إلى وجود حوالي 250 ألف أسرة نووية في قطاع غزة تعاني من الفقر والبطالة.
السؤال المهم كيف يعيش الفقراء في غزة ومن أين يحصلون على دخلهم؟
من خلال البيانات المنشورة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وبرنامج الأغذية العالمي يوجد في غزة أربع برامج للمساعدات الدورية اثنين منها مساعدات نقدية، واثنين مساعدات تموينية، أما البرنامج الأول فهو برنامج التحويلات النقدية (شيك الشؤون) يتم تمويله من خلال الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية، حيث يتم توزيع مساعدات دورية لعدد 80 ألف أسرة تقريباً تصرف كل ثلاث شهور، وقد توقفت لمدة 20 شهر خلال الأعوام 2021 و 2022 ثم عادت للصرف بعد عودة الدعم الأوروبي للسلطة الفلسطينية ومتوسط المبلغ الذي تحصل عليه الأسرة شهرياً 320 شيكل أي حوالي 96 دولار.
البرنامج الثاني هو المنحة القطرية للأسر المتعففة، وهو ممول من دولة قطر ويصرف شهرياً لحوالي 100 ألف أسرة متعففة في قطاع غزة، حيث تحصل الأسرة على مبلغ شهري 310 شيكل أي 93 دولار.
البرنامج الثالث هو برنامج الكوبون الموحد الممول من الأونروا والذي يستفيد منه حوالي 220 ألف أسرة نووية (مليون ومئة ألف فرد لاجئ) بمساعدة غذائية، حيث تصرف المساعدة كل ثلاث شهور، ويبلغ متوسط قيمة المساعدة التموينية التي تحصل عليها الأسرة شهرياً حوالي 125 شيكل.
والبرنامج الرابع هو برنامج القسائم الشرائية الممول من برنامج الأغذية العالمي والذي تستفيد منه حوالي 50 ألف أسرة نووية (230 ألف فرد غير لاجئ)، حيث تصرف المساعدة شهرياً، وتبلغ متوسط قيمة القسيمة الشرائية التي تحصل عليها الأسرة شهرياً حوالي 140 شيكل.
ومن الجدير ذكره عدم وجود ازدواجية في الحصول على المساعدة النقدية سواء من المنحة القطرية أو برنامج التحويلات النقدية، ويستثنى من ذلك أسر قليلة تعيش ظروفاً اقتصادية خاصة، وكذلك في الحصول على المساعدة التموينية سواء من الأونروا أو برنامج الأغذية العالمي.
من خلال ما سبق نجد أن معظم الأسر الفقيرة تحصل شهرياً على مبلغ متوسطه 450 شيكل، وهو مبلغ غير كافي لهذه الأسر والتي يكون أمامها خيارين أولهما اللجوء للجمعيات الخيرية أحياناً والتي يوجد عليها ضغط كبير من الأسر الفقيرة ويتعرض تمويلها للملاحقة من قبل الاحتلال، وبالكاد تستطيع الأسرة الفقيرة الحصول على مساعدة مقطوعة من هذه الجمعيات في المواسم، وثانيها قيام أحد أفراد هذه الأسرة بالعمل بشكل مؤقت في القطاع الخاص (إن تمكن من الحصول على فرصة عمل) أو العمل على بسطة أو سيارة وبالكاد يحصل الحد الأدنى للأجور في غزة والذي لا يزيد عن 700 شيكل.
وحتى إن تمكنت الأسر الفقيرة المكونة من خمس أفراد من توفير مبلغ شهري يتراوح بين 1,000 إلى 1,200 شيكل أي من 300 إلى 360 دولار، فإنها تظل تحت خط الفقر المدقع (وهو الذي يعكس حاجة الأسرة من المأكل والمشرب والمسكن) والذي يقدر ب1,974 شيكل أي 590 دولار، وكذلك أقل من الحد الأدنى للأجور الرسمي (الغير مطبق غالباً) والذي يبلغ في غزة 1,450 شيكل أي 430 دولار.
خلاصة القول أن الأسر الفقيرة في قطاع غزة بالكاد تستطيع توفير احتياجاتها من المأكل والمشرب وغالبية هذه الأسر تعيش في وحدات سكنية غير صالحة للسكن، ولا تستطيع هذه الأسر توفير مصروفات التعليم الجامعي أو الرعاية الصحية لو أصيب أحد أفرادها بمرض مزمن (حيث توفر الحكومة والأونروا الرعاية الصحية الأولية شبه المجانية)، وتعتمد هذه الأسر على المنح والمساعدات التي تقدمها الحكومة والجمعيات الخيرية وحتى أصحاب المبادرات الفردية والتي تظل عاجزة عن تحقيق الحد الأدنى من العيش الكريم للأسر الفقيرة في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني.