قبل ما يقارب الـ 21 عاما، في يونيو 2002، تقدم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بمعادلة سياسية جديدة، تم اختزالها بالتعبير الذي انتشر سريعا بما يعرف بـ "حل الدولتين"، دون تحديد واضح لها، مقابل الخلاص من قيادة ياسر عرفات، غيابا كاملا أم تغييبا من السلطة والحكم، مبتدئا بتعديل النظام القائم، لتعيين رئيس وزراء يمنح صلاحيات كاملة، بما يعني سحبها من صلاحيات الرئيس أبو عمار.
وبشكل مريب سياسيا، نجح بوش ومعه تحالف علني وسري، في فرض تطبيق جانب واحد من "المعادلة الأمريكية الجديدة، في الحد من سلطة "أبو عمار" الى أن تمكن "التحالف الأسود" من تغييبه كاملا من "الحياة العامة والسياسية"، ومع ذلك الغياب الذي حدث في 11 نوفمبر 2004، بدأت رحلة تنفيذ "التغييب العام" لطمس ملامح "التكوين الكياني الفلسطيني" الذي تأسس عام 1994، بما أصاب جوهر المشروع الصهيوني الاحلالي بمقتل فكري – سياسي، كان لا بد من محاولات استكمال الاغتيال أو الحصار بالحد الأعلى. وكان لهم بعضا في يناير 2006، ثم يونيو 2007، وحتى تاريخه.
وبعد 10 سنوات من "معادلة بوش لحل الدولتين" الوهمية، نجحت فلسطين من خلال الأمم المتحدة من انتزاع قرار أممي أعاد تصويب "التشويه السياسي"، الذي قامت به الإدارة الأمريكية لقضية الفلسطينية، باعتماد قرار 19/ 67 لعام 2012 حول دولة فلسطين، محددة المعالم والحدود وتم قبولها عضوا مراقبا، تطويرا جوهريا للتمثيل من منظمة مراقب عام 1974، الى دولة مراقب 2012، ما اعتبر في حينه تحولا جوهريا لحماية المنتج الكياني التاريخي للشعب الفلسطيني.
ولكن، بديلا للمضي في معركة "التصويب السياسي النسبي" لمسار "الظلم التاريخي"، الذي لحق بفلسطين الشعب والكيان، لتكريس تثبيت قرار الشرعية الدولية، عبر شرعية وطنية، والخروج من "الالتباس" في هوية "الكيانية القائمة"، بين سلطة فقدت منطق استمرارها وفق ما كان اتفاقا مشتركا، بعد حرب التدمير الكبرى التي قادها الإرهابي باراك عام 2000 وأكملها الفاشي شارون بعد 2002، الى دولة باتت حقا وطنيا بشرعية قانونية، استمرت حالة التيه بين سلطة أصابها "إعاقة كاملة" ودولة تنتظر على مشارف الطريق السياسي.
خلال السنوات من 2012 الى 2023، كان يمكن للقيادة الفلسطينية ان تعيد رسم طبيعة الصراع في المنطقة، لو قررت تطبيق قرار الشرعية الدولية حول دولة فلسطين، ضمن آليات متعددة، نحو الانتهاء من "الانتقالية السامة" بعدما فقدت مشروعيتها السياسية – القانونية، والتي ألحقت ضررا كبيرا باستمرار التمسك بها، ليس فقط مع دول العدو بل وداخليا، وسمح للمشروع الانقسامي – الانفصالي التمدد والتوسع، بل والتعزيز الكياني، وتحت مسمى مخادع جدا في قطاع غزة.
ومع التطورات الأخيرة في دولة الكيان، واستلام "الفاشية اليهودية الجديدة" مقاليد الحكم في دولة الكيان العنصري، لم يعد بالإمكان الاستمرار في حالة التيه بين تحديد هوية الكيانية الفلسطينية، ليس ورقيا ولغويا، بل واقعا سياسيا وحقيقية سياسية، والخروج الكلي من "النفق الأمريكي" الذي فرمل الانطلاقة الكيانية الثانية عام 2012 بترهيب القيادة الرسمية، نحو ترسيخ دولة فلسطين كدولة تحت الاحتلال، تفرض معادلة اشتباك سياسي جديدة.
وبداية فرض الاشتباك الجديد يجب أن يبدأ من التوقف الكلي بالتعايش مع الشعار المخادع، "حل الدولتين"، وعدم استخدامه سياسيا في أي من بيانات تشير الى كيفية حل الصراع، وترسيخ مسألة الاعتراف بدولة فلسطين كضرورة لا بد منها، لو أريد حلا للصراع.
وفك "الارتباط الضلالي" يبدأ بتعميم من الرسمية الفلسطينية الى الجامعة العربية تحدد بوضوح كامل، بعدم جواز الاستمرار في الحديث عن "حل الدولتين" والتمسك بحل دولة فلسطين، وذاته الى كل أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد أن تدرك هي أولا انها يجب عدم الحديث عن ذلك في أي بيان أو مقابلة أو مواقف.
وليت رسالة "فك الارتباط" مع شعار "حل الدولتين" تنطلق قبل وصول وزير خارجة أمريكا "اليهودي" بلينكن الى المنطقة، كي لا يستمر في بيع "الماء السياسي في حارة السقاين الفلسطينية".
ملاحظة: للمرة الأولى يخرج وزير أوروبي ليكون مباشرا في تعرية جرائم دولة الكيان بتدمير منازل ومنشآت تبنى بمال أوروبي..وزير الخارجية الإيرلندي مايكل مارتن قالها بالفم المليان وبدون أي "تأتأة" كما يحدث من كثيرين غيره..سلمت يا ميكي!
تنويه خاص: الحركة الانفصالية في قطاع غزة فتحت "حرب" جانبية على قرار ضريبة الشيكل لـ "صالح القدس" على فاتورة الهاتف..لو كان اعتراضها لتعزيز الشفافية كان ربحت نقطة..لكن تعترض فقط لأنها من السلطة هيك خسرت نقطتين..مش دايما الدجل بمشي!