يديعوت : نحو مقاربة واضحة تجاه الفلسطينيين تسمح لإسرائيل بالتفرغ للخطر الإيراني

ميخائيل ملتشتاين.jpeg
حجم الخط

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

 

 



تصطدم إسرائيل في الأسابيع الأخيرة بمصاعب متزايدة في شرح سياستها للعالم في الموضوع الفلسطيني، فما بالك لتنال الموافقة أو الإسناد من جانب الأسرة الدولية؟
وقد وجد الأمر تعبيراً بارزاً له في تأييد واسع من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة – بما في ذلك أصدقاء قدامى في أوروبا – في الإعلان الذي أعربت فيه الدول عن قلق عميق في ضوء العقوبات التي فرضتها إسرائيل على السلطة في أعقاب المساعي التي عملت عليها، مؤخراً، حيال محكمة العدل الدولية فيما يتعلق باستمرار السيطرة الإسرائيلية في "يهودا" و"السامرة".
يعيد الكثيرون المصاعب الإسرائيلية إلى الإعلام، ويعتقدون أنه لو تطور لكان يمكن لنا أن نحظى بالتفهم بل بالدعم من جانب العالم تجاه السياسة في المسألة الفلسطينية.
أما عملياً، فإن المشكلة أعمق بكثير، وترتبط بعدم وجود أي أفق سياسي في السياق الفلسطيني، والأخطر من ذلك بغياب استراتيجية إسرائيلية مرتبة وبعيدة المدى في الموضوع، ما ينبع من خليط من انعدام رغبة السياسيين وغياب اهتمام الجمهور الغفير بذاك السياق.
تجد الحكومة الحالية مثل سابقتها صعوبة في أن تعرض صورة واضحة في المسألة الفلسطينية.
"الليكود" مزود بقول عام حول التطلع لتحقيق حل بروح خطة بيغن التي جوهرها منح حكم ذاتي في المجالات المدنية ولا تترافق وتقسيما إقليميا لبلاد إسرائيل أو لإقامة دولة فلسطينية، ولكن إلى جانبه تطرح تلميحات واضحة من جانب الشركاء في الحكومة وعلى رأسهم سموتريتش، بالنسبة للتطلع لفرض السيادة على قسم أو على كل "يهودا" و"السامرة" وتساؤلات عن الحاجة لاستمرار وجود السلطة والتي يحتمل أن تعكس أجندة خفية.
في مثل هذا الوضع يجني الفلسطينيون ربحا سياسيا وإعلاميا. تآكلت الرواية الإسرائيلية حول جوهر النزاع والرفض الفلسطيني، وبالمقابل يتعزز اعتبار إسرائيل كمن تحاول تغيير الواقع على الأرض بشكل يضع حدا لحل سياسي في المستقبل.
السلطة، التي تعاني من ضعف عميق وصورة جماهيرية سلبية، ترى في الوضع السياسي المتشكل ذخرا استراتيجيا يسمح بصرف الانتباه عن مشاكلها الداخلية، ورص صفوف الشعب حولها ونيل شرعية خارجية. يخدم الأمر جهات متطرفة - بدءاً بـ "حماس" وانتهاء بمنظمات الـ BDS – التي تدعي أن الهدف الإسرائيلي بعيد المدى هو تسوية تقوم على أساس "منطق أبرتهايد"، ما يفترض ضغطا دوليا متعدد الأبعاد.
تحسن الحكومة الجديدة إذا بدأت بسرعة ببحث عميق في الموضوع الفلسطيني، في إطاره تبلور استراتيجية واضحة. مثل هذه المهمة تفترض تقليص الانشغال بجهود ذات بعد رمزي، بما في ذلك ملاحقة من يرفعون أعلاما فلسطينية، والتركيز على مسائل وجودية بعيدة المدى في سياقات الأمن، الديمغرافيا، والمكانة الدولية.
في هذا السياق تبرز مسألة وجود السلطة، التي من شأن اختفائها أن يولد بدائل كوابيس في شكل فراغات سلطوية ستملؤها محافل متطرفة وعنيفة أو تجبر إسرائيل على العودة لتقوم بالمهمة التي حملتها كصاحبة سيادة في "المناطق" حتى إقامة السلطة – بالثمن الاقتصادي، السياسي والأمني الجسيم الذي ينطوي على ذلك – في ظل الاقتراب الدراماتيكي من واقع الدولة الواحدة، حتى دون إرادة أو تخطيط مرتب.
إن مجرد طلب البحث العميق في الموضوع الفلسطيني قد يكشف فجوة تفسير داخلية في الحكومة الحالية، بين الحزب الحاكم الذي يتطلع قسم كبير من ممثليه لحفظ أو تعديل ما هو قائم، انطلاقا من اعتبارات خارجية، وبين قسم من شركائها الساعين إلى تقويض عميق للواقع وخلق واقع جديد.
من زاوية نظر استراتيجية، فإن استيضاحا كهذا سيسمح لإسرائيل بأن توجه أساس الانصات والجهد للتحدي القومي المركزي من ناحيتها اليوم، وهو النووي الإيراني.

عن "يديعوت"