كتب عمر خلوصي بسيسو

المشهد العربي والقضية الفلسطينية.. حروب وصراعات وغياب قرار

رفع علم فلسطين فوق سارية وسط الخليل.jpg
حجم الخط

رام الله - وكالة خبر

"المشهد" العربي والشرق أوسطي غني بنذر حروب ومؤامرات خارجية وتسريبات موجهة للنيل من تعافي المنطقة واستقرار الحالة العربية، وبينها أنباء عن بناء قاعدتين، أمريكية في المغرب وروسية في الجزائر، وتفاصيل يومية متلاحقة حول صراع القوى في ليبيا، ومآلات ما يجري في تونس وفي السودان وفي العراق، وحروب وحصار اليمن وسوريا ولبنان وصولاً إلى ما يجري في إيران وحول ملفها النووي، وما يحدث في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلين والمحاصرين في البر والجو والبحر والمعابر وما فوق الأرض وتحتها.   

لقد بات علينا لفهم الواقع العربي، أنّ ندقق في القليل النادر من المعلومات، بشأن ما جرى في القمة المصرية الاردنية الفلسطينية في القاهرة، والقمة السداسية الإماراتية القطرية العماتية البحرينية المصرية الاردنية في أبوظبي، والإعلان السعودي عن شروط التطبيع مع إسرائيل، وزيارة بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية للإردن ومحادثاته مع الملك عبدالله الثاني رغم  "حالة الغليان الشعبي الأردني" ضد إسرائيل، وبيان البيت الأبيض عن محادثات مستشار الأمن القومي في إسرائيل ورام الله، وما واكبه من بيان للخارجية الأمريكية بشأن بقاء السفارة الأمريكية في القدس وتأكيد اعتبارها عاصمة لإسرائيل، لنستجلي الحقيقة ولنعرف إلى أين نحن ذاهبون كشعوب وأبناء أمة ومنطقة أطماع عالمية، مازالت في حقيقتها محتلة الإرادة غائبة القرار المستقل.

وبقراءة دقيقة للغة ومحتوى البيان الأمريكي سياسياً فإنَّ بيان البيت الأبيض الطويل والنادر يسترضي ويطمئن "إسرائيل" دون التفات حقيقي لمطالب الفلسطينيين ومعاناتهم، وهو تجسيد لسياسة أمريكية دائمة تعتمد سياسة القوة الإسرائيلية، لكنها تطرحها بلغة إعلامية مخادعة تستهدف "التهدئة الأمنية لا الحل السياسي" وعرقلة الحلول لا فتح الطريق لحل الدولتين، ولا للحفاظ على الوضع التاريخي القائم في القدس، ولا لتحقيق الازدهار والحرية" كما يدعي الأمريكيون وفيه رسائل بالغة الوضوح لكل من يقرأ ويعي ويريد أن يفهم!

وجاء في البيان: "قام مستشار الأمن القومي جايك سوليفان بزيارة إسرائيل والضفة الغربية من 18 إلى 20 كانون الثاني/يناير، اجتمع خلالها في القدس برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار أعضاء فريق الأمن القومي بما فيهم وزير الخارجية إيلي كوهن ووزير الدفاع يوآف غالانت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومي تزاشي هانيجبي ورئيس جهاز الاستخبارات (الموساد) ديفيد بارنيع ورئيس الأركان العامة في جيش الدفاع الإسرائيلي هرتسي هاليفي".

وكرَّر سوليفان، حسب البيان، خلال مناقشاته مع رئيس الوزراء وكبار المسؤولين الإسرائيليين التزام الولايات المتحدة الثابت بأمن إسرائيل وبمواجهة التهديدات التي تشكلها إيران على إسرائيل والولايات المتحدة والمنطقة الأوسع، وشدّد على التزام الولايات المتحدة بضمان ألا تتمكن إيران من الحصول يوماً على أسلحة نووية.

كما أكّد سوليفان، في كافة مناقشاته على التزام الرئيس بايدن بتعزيز المزيد من التكامل والازدهار والأمن في منطقة الشرق الأوسط بطريقة تعود بالفائدة على كافة شعوبها، وذلك على النحو المبين في اجتماعات مجموعات عمل منتدى النقب في أبوظبي مؤخراً.

وعقد السيد سوليفان والسيد هانيجبي لتحقيق هذه الأهداف اجتماعاً رباعياً عن بعد مع نظيريهما البحريني الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة والإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان لزيادة التنسيق في مجالات الأمن الإقليمي والعلاقات التجارية.

وشدد السيد سوليفان في كافة هذه الاجتماعات على شراكة الولايات المتحدة طويلة الأمد مع إسرائيل، مشيراً إلى أنها مبنية على المصالح المشتركة والقيم الديمقراطية. وقال سوليفان إنّ الإدارة الأمريكية ستواصل دعم حل الدولتين وتُثني عن اتباع سياسات تعرض للخطر قابلية هذا الحل للحياة. مشدداً على الحاجة لتجنب اتخاذ أي طرف خطوات أحادية الجانب قد تؤجج التوترات الميدانية، مع ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي الراهن في الأماكن المقدسة في القدس.

وهكذا تستبدل الولايات المتحدة بقرارات الأمم المتحدة، ومبادرة السلام العربية، والتزامات اتفاقات أوسلو، وقرارات اللجنة الرباعية الدولية وخارطة الطريق ومشروع حل الدولتين، مقررات منتدى النقب واتفاقات التطبيع الإبراهيمية الموروثة من صفقة ترامب وطروحات كوشنير ونتنياهو للسلام العربي الإسرائيلي دون حل أو حتى تحريك لمفاوضات سلام فلسطيني/ إسرائيلي.   

وتابع البيان: "اجتمع السيد سوليفان في رام الله برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لإعادة التأكيد على اهتمام الإدارة الأمريكية بتعزيز التواصل مع السلطة الفلسطينية وتعميق العلاقات مع الشعب الفلسطيني. وناقش معه دعم الولايات المتحدة للسلام والحفاظ على إمكانية التفاوض على حل الدولتين وتعزيز تدابير متساوية من الأمن والازدهار والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين، والالتزامات الأمريكية تجاه الشعب الفلسطيني، بما في ذلك دعم شبكة مستشفيات القدس الشرقية وإنشاء بنية تحتية لتقنية شبكة الجيل الرابع في الضفة الغربية، وضرورة قيام القادة الفلسطينيين بالمساعدة في تهدئة التوترات في الضفة الغربية وتعزيز المؤسسات الفلسطينية. وتبادل المجتمعان وجهات النظر حول إجراءات بناء الثقة وتعزيز الأمن وتهيئة الظروف لأفق سياسي".

أوساو كانت "كميناً" لمنظمة التحرير

وبالحديث عن تطورات الوضع في فلسطين، قال بسام أبوشريف، المستشار الإعلامي للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، المتحدث الرسمي السابق باسم منظمة التحرير الفلسطينية: "إنَّ المقاومة الشعبية الفلسطينية المسلحة ضد الاحتلال حالياً أصبحت في شكلها وجوهرها معارضة مسلحة للسلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي واتفاقيات "أوسلو" معاً".

وأكد أبو شريف، على أن انهاء حالة الانقسام الفلسطيني يتطلب إجراء انتخابات نزيهة ومباشرة بخطوات عملية، لا مجرد بيانات وتمنيات، مشيراً إلى أن الانتخابات يجب أن تُفرض فرضاً ويشارك فيها كل الشعب الفلسطيني ولا تتحكم بها القيادات المتنفذة الراهنة في كل الفصائل.   

ووصف أبو شريف، اتفاق "أوسلو" بأنه كان "كميناً محكماً لمنظمة التحرير ضمن سلسلة طويلة من المحاولات الإسرائيية لاحتواء الحركة الوطنية الفلسطينية والثورة الفلسطينية وفرض السيادة الإسرائيلية على كامل التراب الفلسطيني". مُردفاً: "لقد قلت لعرفات،  لو كانوا يريدون حل الدولة الفلسطينية، فلماذا لا يعطوننا الحل في مدريد. "أوسلو" التي كانت تجري بدون علم العالم، كانت "مجرد كمين"، غايته اعتقال منظمة التحرير وتحويلها إلى أداة لقمع الشعب الفلسطيني وحماية إسرائيل بما يمهد لبسط سيادتها على كامل التراب الفلسطيني".

وأكمل: "عرفات كان يُصغي لتحذيراتي دون أن يستجيب، في وقت مضى نحو الاتفاق لأن فريق المفاوضات السرية المتنفذ في منظمة التحرير حالياً "زين له ذلك الاتفاق"، كل ذلك لا يعفي عرفات من المسؤولية عما وصلت إليه الأمور".  

وأردف: "هذا المخطط بدأته إسرائيل بمشروع روابط القرى ثم البلديات التي أفشلها اليمين الصهيوني المتطرف باعتداءاته الدموية بعد أنتخاب شخصيات وطنية فلسطينية على رأس البلديات عكس المخططات الإسرائيلية لفرض أدوات تابعة لها تكلفها بإدارة المدن الفلسطينية نيابة عنها وتحت سيادتها، ثم بضرب الفصائل الفلسطينية خارج الحدود في الأردن ثم في لبنان، وصولا لاجتياح 1982 وحصار بيروت ومنها إلى مفاوضات مدريد التي اعقبت الانتفاضة الفلسطينية الأولى والحرب على العراق التى دخلتها "إسرائيل - شامير" مرغمة".

وقال مستشار الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات: "إنَّ مفاوضات مدريد جاءت نتيجة توازنات لم تدم طويلاً، بسبب خطأ القيادة الفلسطينية بوقف الانتفاضة الأولى قبل تحقيق أهدافها".

واستطرد: "إن إسرائيل فكت عملياً ارتباطها بإتفاقات "أوسلو" وأعلنت بوضوح أنها لم تعد موجودة وأن خطتها هي السيطرة على الضفة الغربية وتهويدها باعتبارها "يهودا والسامرة وأنه لاوجود لشعب أخر بين البحر والنهر، وقد أُعُطي الوزير المتطرف بن غفير كل الصلاحيات لتنفيذ ذلك، وسيعتمد نتنياهو على علاقاته التطبيعية العربية من أجل فرض سيادة إسرائيل عليها!! من يتمسك بأوسلو هو السطة الفلسطينية التي لا تجد أي طوق نجاة لها سوى التمسك بأوسلو للاستمرار في خداع الشعب الفلسطيني والهيمنة على مقدراته ونهبها خدمة لمصالح شخصية لبعض المتنفذين فيها وليس لصالح الشعب الفلسطيني، ولذلك دُمرت حركة "فتح" ودمرت منظمة التحرير، ودُمر القضاء والمؤسسات لتبقى قرارات السلطة والمنظمة وفتح، فردية بلا رقيب أو حسيب".