ليس هناك أدنى شك بأن قرار "القيادة الفلسطينية" وقف التنسيق الأمني جاء خطوةٓ ضرورية تلبي أحد متطلبات الموقف الوطني الفلسطيني رداً على المجزرة الإسرائيلية في جنين . ولطالما طالب شعبنا بإلحاح بشطب هذه الوصمة من تاريخنا ، وصمة التنسيق الأمني .
ولكن الرد الأهم والرد الاستراتيجي الحقيقي على مجزرة جنين وما سبقها ، بل وما سيتلوها من ممارسات وسياسات مُعلَنة تطمح للإجهاز على قضيتنا الفلسطينية بمختلف جوانبها ، إنما يتجسد باستعادة وحدتنا الوطنية .
إن الإرتقاء الى مستوى التحدي التاريخي والوجودي الذي نواجهه يفرض علينا المبادرة الفورية لإتخاذ خطوات جدية بإتجاه إستعادة وحدتنا الوطنية دون أي تردد أو تلكؤ أوتبريرات . فالوجه الآخر والأهم لوقف "التنسيق الأمني" مع دولة الإحتلال يجب ان يتجسد بخطوات فورية نحو "التنسيق الوطني" بإتجاه استعادة الوحدة الوطنية بتشكيل جبهة وطنية عريضة تتولى مسؤولية التصدي لكافة الأخطار المحدقة . وإن أي تردد أو تلكؤ في هذه الخطوة إنما يشكل تخلياً عن المسؤولية التاريخية تجاه قضيتنا أمام هذا الخطر الوجودي الذي يتهددها .
ان هذه المسؤولية التاريخية تتطلب وتفرض على الرئيس محمود عباس أن يقوم فوراً بالدعوة الى لقاء جدي عاجل برئاسته ، يُعقد خلال الأسبوعين القادمين "خارج الوطن" في القاهرة أو الجزائر و يضم ممثلين عن قيادة حركة فتح و القيادات الرئيسية "الفاعلة" لفصائل منظمة التحرير ، و قيادات حركة حماس وحركة الجهاد ، وممثلين عن الحراكات الشعبية والمجتمع المدني . شريطة ان يكون هناك تمثيل وازن للمرأة الفلسطينية وللشباب الفلسطيني ضمن "كلٍّ من " هذه القوى المذكورة . ويكون الهدف الأول لهذا اللقاء قيام قيادة وطنية موحدة على أساس جبهة وطنية عريضة ( أي إطار قيادي مؤقت) تحت إطار منظمة التحرير ، بعيداً عن أي هيمنة أو تفرد لأي فصيل ، و تضع برنامجا لخطوات التصدي العاجل للتحديات الداهمة ، وتمهد لإعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطين بما في ذلك تحديد موعد للإنتخابات العامة وعى رأسها إنتخاب مجلس وطني جديد لمنظمة التحرير على قاعدة التمثيل النسبي .
ان الوفاء لأرواح شهداء مجرزة جنين وكل شهداء وتضحيات جرحانا وأسرانا وعذابات شعبنا طوال أكثر من مائة عام تفرض علينا العمل الجدي والفوري على استعادة وحدتنا الوطنية درعاً للصمود المقاوم لشعبنا .
فلقد أثبتت تجارب حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار و خاصة ضد مشاريع الاستعمار الاستيطاني وضد نظام الابارتيد ان الوحدة الوطنية هي شرط أساسي لتحقيق الإنتصار .
ان الخطوة الجدية ذات المغزى الإستراتيجي و المكملة لشطب" التنسيق الأمني" مع دولة الإحتلال يجب أن تتجسد فورا بخطوة جدية نحو " التنسيق الوطني " على طريق استعادة وحدتنا الوطنية .
فهل سترتقي قيادتنا الى مستوى هذه التحديات... ؟ ؟
هل سترتقي قيادتنا الى مستوى مسؤولياتها التاريخية ... ؟؟
هل ترتقي قيادتنا الى مبرر وجودها كقيادة ...؟؟