حسب زعم الجيش الإسرائيلي، أنه منع هجوماً من جنين بقتل 9 فلسطينيين كانوا يحضرون لعملية "ارهابية" كبيرة، فكانت النتيجة تنفيذ عملية فدائية في القدس!
العملية التي وصفها نتنياهو والمحللين الاسرائيليين بالقاسية والخطيرة، ولم تحدث منذ سنوات، وكانت أول اختبار حقيقي للحكومة الفاشية الجديدة. لذا شكلت ضربة للمنظومة السياسية والأمنية، والاستعدادات المستمر ة الدائمة لاحباط أي فعل فلسطيني مقاوم. فالعملية تعبير حقيقي عن حالة الرعب السائدة التي لم تتوقف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التحذير من وقوع هذا النوع من العمليات الفردية.
وبينما كانت الاستعدادات الأمنية الكبيرة في إسرائيل خاصة في القدس، كان من الصعب للغاية إحباط أي عملية فدائية من قبل فدائي وحيد ويحمل بطاقة هوية إسرائيلية.
كان من بين أهدف مجزرة جنين رسالة من الحكومة الفاشية، والهروب من حالة الانقسام في اسرائيل، والاحتجاجات ضد خطوات الحكومة لاصلاح الجهاز القضائي، وهي أيضاً تكريس وتعميق الردع ضد الفلسطينيين. وجاءت العملية الفدائية في القدس ليس كفعل ثأري انتقامي على مجزرة جنين فقط، بل لافساد ومواجهة مخططات نتنياهو وحكومته، وقدرة المقاومة علي الردع ايضآ، وتدفيع الاحتلال ونتنياهو وحكومته الثمن.
كان الجيش الاسرائيلي والشباك يتوقعان حدوث رد من الضفة وغزة، وفي تقييم للجيش الإسرائيلي والشاباك أن إطلاق الصاروخين من غزة ليلة الخميس الجمعة الماضية لم يكن الرد الأخير على المجزرة في جنين، واعتباره رد رمزي لحركة حماس التي تريد الحفاظ على الهدوء، وتصعيد المقاومة في الضفة الغربية.
وفي ظل الاستعدادات الأمنية الكبيرة، وبينما كانت الانظار متوجهة لغزة والضفة جاءت الضربة في القدس.
إسرائيل يديها ملطخة بالدم الفلسطيني، والحكومة الجديدة ومن سبقها من حكومات عملت على تعزيز الاستيطان ومصادرة الأراضي في القدس ومحيطها، وأقامت المستوطنات هناك وفعلوا كل شيء لشرعنة تلك المستوطنات، وضم الاراضي في الضفة الغربية المحتلة.
ماذا تعتقد الحكومة الاسرائيلية الفاشية المستمرة في تصعيد عدوانها وجرائمها ضد الفلسطينيين؟ والخطوط العريضة للحكومة تعبير عن سياسات عنصرية واستمرار حربها، وكانت البداية باقتحام وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير للحرم القدسي الشريف، والتصريحات التحريضية والعنصرية حول استمرار الاقتحامات، بما في ذلك توقيف شرطي اسرائيلي السفير الأردني في إسرائيل لدخول الحرم، وزيادة التوتر مع الأردن. ومشاهد استعراض القوة وممارسة القمع، ونحو 300 شرطي وجندي قاموا باقتحام مخيم شعفاط لهدم منزل الشهيد عدي التميمي.
30 شهيد قبل أن ينتهي الشهر الأول من العام الجديد، واقتحام جنين وارتكاب مجزرة بشعة بشكل متعمد واستشهاد 9 فلسطينيين وتدمير وحرق المنازل، وغير ذلك من عمليات الاقتحام والاعتقالات اليومية وارهاب المستوطنين.
وفي ظل الحديث عن تهدئة الاوضاع قبل زيارة وزير الخارجية الامريكية للمنطقة، والزعم الإسرائيلي بنجاح سياسة الردع ضد الفلسطينيين وهي بالمناسبة بدعة وكذب. ولم تتمكن دولة الاحتلال من ردع الفلسطينيين سواء في قطاع غزة أو الضفة والقدس. وهروب نتنياهو من أزماته بتهديد وضرب غزة لم يثمر عن أي تأثير في ردع الفلسطينيين. وفي طبيعة الاحتلال وسياسته العدوانية ولم تستسلم غزة والضفة والقدس، بل أن المقاومة مستمرة وتتصاعد.
لم تتعلم الحكومة الفاشية والاستفادة من سابقاتها أنها لن تستطع كسر الفلسطينيين، وأنها قادرة علي حل ازماتها بتصديرها للقطاع والضفة.
حتى رئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي الجديد هرتسي هاليفي الذي اتخذ قراراً بزيادة عدد كتائب الجيش في الضفة، لن يكون قادراً على فرض قوته وتطويع الفلسطينيين.
وفي ضوء ذلك والمؤشرات السلبية خول الاوضاع الاقتصادية،والقلق من بداية الانهيار الجليدي وتأثيره على إسرائيل، في ظل حالة الاضطرابات السياسية المتصاعدة في الساحة الاسرائيلية. والاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو الذي قد يستغل حالة التصعيد الأمني في إضعاف التظاهرات وخطوات مقاومة الانقلاب ضد النظام القضائي وتسهيل القضاء عليه بسرعة.
بعد مجزرة جنين وقبل عملية القدس قال بعض المعارضين من اليسار الاسرائيلي لخطوات نتنياهو في مثل هذه الاضطرابات، فإن آخر ما نحتاج إليه هو صراع مع غزة، حيث ليس لدينا ما نحققه هذه المرة، ولم يتم توجيه ضربة قاسية لحماس التي لا تحتاج الى التصعيد عندما يكون هناك تدهور في الدولة اليهودية.
في مثل هذه الاوضاع نتنياهو ليس بحاجة لحث المحتجين ضد سياسته على التوقف، فطبيعة اليهود في اسرائيل في ظل أي عدوان ضد الفلسطينيين يتوحدوا خلف الحكومة، ويتشكل اجماع صهيوني من أجل سفك الدم الفلسطيني.