وقعت عملية مسلحة كبيرة بالقدس سقط نتيجتها عدد من القتلى والجرحى الاسرائيليين ، وبدأت سلطات الاحتلال بالقول والفعل تعد لعملية واسعة للغاية ، ومن المرجح ان تكون لها تداعيات كبيرة، ابتداء من اليوم. وهم يتناسون المجزرة التي ارتكبوها في جنين.
ومن المعروف ان رئيس وزراء اسرائيل نتانياهو الذي يواجه معارضة شعبية واسعة من اليهود في هذه الايام، هو من اكبر قادة التطرف واكثرهم رغبة في التوسع على حساب الارض الفلسطينية وقتل كل احتمالات حل الدولتين الذي اصبح مجرد امنية غير قابلة للتحقيق. والمعارضة التي يواجهها نتانياهو ستجعله يزيد من تسريع الاستيطان والضم الفعلي للمناطق غير المأهولة او قليلة السكان.
والواقع انه لولا الوجود السكاني لكانوا قد ضموا الضفة كلها. ومع هذا فإنهم لا يتوقفون عن التوسع الاستيطاني ومصادرة الارض بدون السكان، كما انهم يعملون بقوة على تهويد القدس.. وفي هذا السياق فقد رصدت بلدية الاحتلال مبلغ 200 مليون شيكل للانفاق على مشاريع اليهود بالقدس سواء ما يتعلق بالارض او بالمؤسسات كالمدارس وغيرها.
كذلك قامت قوات الاحتلال بعمليات هدم واسعة للعديد من المباني في كثير من المدن والبلدات والقرى بذرائع مختلفة في مقدمتها عدم وجود تراخيص ، علما ان الحصول على ترخيص بناء من اصعب الامور واكثرها تعقيدا حين يتعلق الامر بالفلسطينيين فوق اراضيهم، ويواصل غلاة المستوطنين اقتحاماتهم للحرم القدسي الشريف وإقامة صلوات تلمودية وشعائر دينية في ساحاته.
وقد حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية من ان ارتدادات ما اسمته بالهزة الاستيطانية على مستقبل المنطقة عموما وليس القضية الفلسطينية فقط. وكانت حكومة نتانياهو قد تعهدت باضافة نصف مليون مستوطن بالضفة وهدم كل المباني الفلسطينية القائمة في المنطقة «ج» وعقدت وزيرة الاستيطان اجتماعا مع جميع رؤساء المجالس الاستيطانية وخرجوا سعداء بعد ان اطلعتهم على المخططات الاستيطانية المقرر تنفيذها.
لقد كانت ردود الفعل الفلسطينية بسيطة وبالمقدمة قرار وقف التنسيق الامني الذي يرى الكثيرون انه مطلب شعبي كبير لانه قد أضرّ بالقضية الوطنية وعدالتها واعتبره الكثيرون دعما او تكريسا غير مباشر للاحتلال وممارساته ، غير انهم في اسرائيل يقللون من اهمية هذه الخطوة ، بل يزعم بعضهم ان التنسيق مستمر ولم يتم ابلاغهم رسميا بوقفه وان عمليات جيش الاحتلال لن تتوقف في كل الاحوال، ومع هذا ورغم كل المزاعم الاسرائيلية فإن وقف التنسيق يشكل فرصة لاعادة احياء القضية ووضعها على جدول اعمال اية اتصالات او مبادرات سياسية محتملة.
على أية حال، فإن كل هذه السياسات الاحتلالية لن تقضي على شعبنا ولن توقف تطلعه نحو اقامة الدولة المستقلة فوق ارضه المحتلة، رغم انف الاحتلال ورغم كل هذه الممارسات العنصرية، ورغم غطرسة القوة والنفوذ، وقد مرت فوق ارضنا قوى غريبة كثيرة ولكنها كانت قوى عابرة وظلت الارض لأهلها وظل اهلها هم المسيطرون..!!