هارتس : الدماء في جنين والقدس قادت إلى عملية "نفيه يعقوب"

ليفي.jpeg
حجم الخط

بقلم: جدعون ليفي

 

 




ماذا اعتقدتم بينكم وبين أنفسكم؟ أن قتل 146 فلسطينيا في السنة الماضية في الضفة الغربية (حسب بتسيلم)، معظمهم لم يكونوا يستحقون الموت، سيمر بحني الرأس بخنوع؟ وأن قتل 30 شخصا تقريبا في الشهر الحالي الذي لم ينته بعد، سيمر بهدوء؟ وأن سكان مخيم شعفاط للاجئين، الذين تنكل بهم الشرطة وحرس الحدود كل يوم وتقوم باقتحام بيوتهم في عمليات غريبة، اقتحامات ضريبية واعتقالات ليلية، ويخربون أثاث بيوتهم ويهينون كرامتهم، هل سينثرون الأرز على من ينكلون بهم؟ وأن من قُتل جده على يد مستوطن، وقُتل صديقه في المخيم، ابن الـ 17، الذي قتل في الأسبوع الماضي على يد جنود حرس الحدود، لا يمكن أن ينفذ عملية؟ وما الذي اعتقده من نفذوا العملية الهستيرية في مخيم جنين للاجئين، الخميس الماضي؟ ما الذي نتج عن عمليتكم؟ وماذا يتوقع أن ينتج عنها باستثناء استعراض السيطرة؟ هل تصفية "الإرهاب"؟ فقط إشعاله.
هم عرفوا أن الكثير من الدماء ستسفك إذا اقتحموه ووصلوا إلى وسطه. لن يتمكن الجيش و"اليمام" من اقتحام هذا المخيم الشجاع والحازم بدون سفك الكثير من الدماء منهم. هم عرفوا أيضا أنهم لن يحبطوا "أي عملية كبيرة داخل إسرائيل" مثلما عنونت ذلك الصحيفة الناطقة باسم الجيش الإسرائيلي والمعروفة أيضا باسم آخر هو "يديعوت أحرونوت". لقد اقتحموا المخيم في الصباح، في الوقت الذي فيه يذهب الأولاد إلى المدارس – من حسن الحظ أنه على الأقل كانت مدارس وكالة الغوث في ذاك اليوم في عطلة – فقط لأنهم يستطيعون. "لو عرف قائد المنطقة، يهودا فوكس، أن هذه ستكون النتيجة، ربما لم يكن ليصادق عليها"، قال الون بن دافيد في القناة 13. وماذا يعتقد القائد بينه وبين نفسه؟ هل أن الأمر سيكون مغايرا؟ في نهاية المطاف عرف الجميع أن العملية في جنين ستؤدي إلى موجة عنف خطيرة. لا يمكن اقتحام مخيم جنين بدون مذبحة. كتبت هنا بعد زيارة المخيم قبل ثلاثة أسابيع ("هآرتس"، 12/1)، ولا توجد أي مذبحة في المخيم ستمر بهدوء. ربما اعتقد العسكريون بأنهم يحبطون عمليات، لكنهم اشعلوا موجة عمليات جديدة وهم عرفوا ذلك. لذلك، ليس فقط دماء القتلى في جنين، بل دماء في القدس، هي بشكل غير مباشر على يد من صادقوا ونفذوا العملية في مخيم جنين.
مرة أخرى، إسرائيل هي التي بدأت. لا توجد أي طريقة أخرى لوصف تسلسل الأمور. في مخيم جنين يوجد الآن عشرات الشباب المسلحين المستعدين للتضحية بحياتهم. قتل بعضهم لن يوقف تصميم الآخرين. مخيم جنين هو مخيم لاجئين فريد في نوعه مع روح قتالية يمكن إيجادها الآن فقط في قطاع غزة أيضا. هذه الروح القتالية التي تخرج من المخيم نبتت في الأزقة التي نشأ السكان فيها على أن بلادهم سرقت منهم وأنه حكم عليهم بحياة البؤس. أيضا الكابوس المتواصل لقتيل واحد تقريبا كل يوم في الأشهر الأخيرة في إرجاء الضفة، كان يجب أن يقود إلى ما حدث في "نفيه يعقوب" وفي سلوان. من المحظور أيضا إخفاء الحقيقة الخالدة وهي أن هذه العمليات نفذت في مستوطنات. بين "نفيه يعقوب" ومدينة داوود وبين "ايش كود" و"حفات لوتسيفر" لا يوجد أي فرق. جميعها توجد في "المناطق" المحتلة، جميعها غير قانونية بالدرجة ذاتها حسب القانون الدولي، حتى لو اخترعت إسرائيل لنفسها عالم مفاهيم خاصا بها.
أيضا ما سيأتي يوجد في يد إسرائيل. من المشكوك فيه إذا كان مارد الانتفاضة قد خرج في السابق من القمقم. ولكن أي عملية انتقام إسرائيلية استعراضية ستزيد شعلة اللهب اكثر. أي عقاب جماعي فقط سيزيد حدة الوضع، حتى لو شبعت شهوة الانتقام لدى اليمين. 42 شخصا من أبناء العائلة تم اعتقالهم؟ من اجل ماذا باستثناء إشباع هذه الشهوة؟ هدم بيت "المخرب"؟ في نهاية المطاف عملية الهدم السابقة في شعفاط، الأربعاء الماضي، التي تضمنت اقتحام ليس أقل من 400 شرطي للمخيم مع زرع الدمار وقتل فتى بريء عمره 17 سنة، بالتأكيد فقط حثت ابن المخيم خيري علقم كي يأخذ المسدس في منتهى السبت ويخرج لقتل يهود في "نفيه يعقوب" ويترك إسرائيل غاضبة فقط من وحشية الفلسطينيين.

عن "هآرتس"