هارتس : بن غفير يقامر بمواجهة جديدة مع غزة من خلال استفزاز السجناء الفلسطينيين

عاموس-هرئيل.jpg
حجم الخط

بقلم: عاموس هرئيل

 



النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني مأساة متواصلة، لكن بين حين وآخر يبدو كمهزلة. إطلاق الصاروخ من قطاع غزة نحو سديروت، مساء أول من أمس، عاد وذكر بأن هناك مخاطرة لا بأس بها بأن يجر التصعيد الأمني، الذي بدأ في القدس وفي الضفة الغربية، معه أيضا القطاع. المشكلة هي أنه في هذه المرة الأمور غير مرتبطة فقط بالأحداث في الخارج، بل كما يبدو بالتحديد بالوضع داخل السجون.
تزداد العصبية في أوساط التنظيمات الفلسطينية في القطاع بسبب سلسلة خطوات تتخذها مصلحة السجون بتوجيه من الوزير إيتمار بن غفير، لتشديد ظروف السجناء الأمنيين في إسرائيل.
درة التاج، كما سرب من مكتب الوزير النشيط لصحيفة «إسرائيل اليوم»، صباح أمس، هي أنه محظور على السجناء الفلسطينيين إعداد الخبز لأنفسهم.
سارع بن غفير نفسه إلى نسب إطلاق النار لخطواته، وأعلن بأن الصاروخ لن يثنيه عن «مواصلة العمل على إلغاء شروط الاستجمام التي يعيشها المخربون القتلة». سئلت مصادر أمنية في إسرائيل عن ذلك، مساء أول من أمس، حيث وجدت صعوبة في التقدير إذا كان الإطلاق هو رد مباشر على قضية الخبز، لكنها أكدت أن الوضع في السجون متوتر جدا، أيضا على خلفية ادعاءات فلسطينية بشأن التنكيل بالسجينات الأمنيات في سجن الدامون.
هذا لم يكن شهر الوزير الجديد للأمن الوطني على أقل تقدير. في السابق تم اختطافه من مأدبة السبت واضطر إلى الإجابة عن أسئلة صعبة وجهها المصوتون له في مكان العملية في نفيه يعقوب في القدس حيث قتل هناك سبعة مواطنين.
ومنذ ذلك الحين وهو يتجول كمن لدغته أفعى. تحت الضغط لكي يجيب سارع إلى الإظهار مرة أخرى بأنه يقف بشكل حازم أمام «الإرهاب».
قصف الوزير الكابينت بطلبات مثل الخطوات العقابية وحاول إلقاء المسؤولية على المستشارة القانونية للحكومة بذريعة كاذبة، وهي أنها تمنعه من هدم بيوت «المخربين». في غضون ذلك تفاخر في الأسبوع الماضي بإنفاذ القانون ضد البناء غير القانوني في شرق القدس، بعد أن قال يوم السبت إنه تفاجأ من اكتشاف أن «هناك عشرات البيوت التي يمكن هدمها».
أعلن بن غفير أيضا عن مبادرة لتقديم تسهيلات في ترخيص السلاح، وخطة تعتقد  المستويات المهنية في الشرطة أنه يجب تقييدها وحصرها في ذوي التأهيل الميداني المناسب مع الحرص على مستوى أهلية مرتفع في استخدام المسدس والسلاح المعقد في مواقع العمليات الإرهابية.
القسم الأكثر تجربة في الكنيست، الذي يترأسه رئيسا الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع، يوآف غالنت، اضطر إلى التعامل مع وابل من الاقتراحات الشعبوية هذه في الوقت الذي تحاول فيه قوات الأمن وقف موجة عمليات التقليد هذه.
في نهاية المطاف تمت الموافقة على عدة اقتراحات، من بينها إغلاق وهدم بيوت «المخربين» في شرق القدس والمصادقة على إقالة موظفين في القطاع العام، عبروا عن دعمهم لـ «الإرهاب». تفاجأ أعضاء الحكومة السابقة من استعداد الجيش و»الشاباك» لتأييد بعض هذه الخطوات، التي تحفظوا عليها في السابق. ربما تفسير ذلك هو الاتفاق مع محور نتنياهو – غالنت: توزيع الهدايا للمتطرفين على أمل أن يكون بالإمكان العودة للعمل.
يبدو أن بن غفير لا يكتفي بذلك. فبعد أن لم تشعل زيارته الأولى في الحرم المنطقة (لكنه قام بتأجيل زيارة تطلع إليها بلهفة الزوجان نتنياهو في دولة الإمارات)، هو يعود إلى الانشغال بظروف السجناء، الموضوع الذي نشر حوله في السابق وعود في حملته الانتخابية. تقديم تسهيلات مختلفة للسجناء، من الدراسة بالمراسلة (التي تم إلغاؤها الآن) وحتى نوع الغذاء، تشعل منذ سنوات اليمين في إسرائيل. وتصميم «حماس» على أن تعرض طلبات مبالغا فيها لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، الذين قامت باختطافهم، فقط يزيد الغضب هنا. ولكن الوزراء القدامى ورؤساء الأجهزة الأمنية يعرفون جيداً الحساسية الفلسطينية من قضية الأسرى. هذا أحد الصراعات الوحيدة التي يمكن أن تجمع حولها «حماس» و»فتح» و»الجهاد الإسلامي» وتنظيمات أخرى، حتى في حالة المس بظروف هامشية.

مصيدة نتنياهو
في نهاية العام 2019 عين نتنياهو نفتالي بينيت في منصب وزير الدفاع. في الأشهر الأولى في منصبه ظهر بينيت متأثراً بشكل واضح بحجم وقوة الآلة التي تم وضعها تحت مسؤوليته. وضمن أمور أخرى سارع إلى الإعلان أنه سيتبع سياسة متشددة جداً بخصوص جمع جثث «المخربين» من أجل خلق وسيلة ضغط (مشكوك فيها) على «حماس» من أجل إعادة تحريك المفاوضات حول الأسرى.
بعد مرور ثلاثة أشهر، في محاولة لتجسيد توجيهات بينيت تورط الجيش في حادثة محرجة على حدود القطاع. جرت جرافة جثة فلسطيني أطلقت النار عليه وقتل عندما حاول وضع عبوة ناسفة. في الفيلم القصير عن الحادثة تمت مشاهدة مشاهد قاسية على احتقار الميت. رد «الجهاد الإسلامي» بإطلاق 20 صاروخاً نحو الأراضي الإسرائيلي. الدرس تم تعلمه، وأوقف الوزير حث الجيش على اختطاف الجثث.
بينيت، حتى لو انزلق بين حين وآخر إلى تقديم بادرات حسن نية شعبوية، إلا أنه كان سياسياً مسؤولاً ورجل دولة. بن غفير هو شخص غبي، تصعب رؤيته وهو يكف عن اتخاذ خطوات كهذه، لأنه دونها لا يوجد أي مبرر حقيقي لنشاطاته العامة. وكعادة نتنياهو هناك فجوة بين الخطاب الرسمي المتشدد وبين الخطوات نفسها. حتى الآن هو يتبع الحذر في الساحة الفلسطينية. جرت زيارة بن غفير بناء على طلب منه في إطار منضبط، في الوقت الذي سافر فيه نتنياهو إلى الأردن لإرضاء الملك عبد الله بشأن الحرم رغم العلاقات المشحونة بين الطرفين. وهو أيضا، مع غالنت، قام بإخلاء بؤرة أور حاييم الاستيطانية. في المقابل، هو لا يسارع إلى إخلاء الخان الأحمر رغم الطلبات المتزايدة من قبل اليمين.
لكن نتنياهو أيضاً جلب لنفسه المشكلات الحالية بقراره إقامة الائتلاف على بن غفير وشريكه وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش. يصعب أن نحسده على المصيدة التي أوقع نفسه فيها، في إطار جهوده للهرب من المحاكمة.
سرعان ما يمكن أن يؤثر الوضع المتصاعد في «المناطق» بشكل سيئ علينا جميعاً، ما يمكن أن يحدث بالإضافة إلى الانقلاب القضائي، وليس بدلاً منه.

عن «هآرتس»