اتـــركـــوا الـــيـــمـــيـــن يـــتـــحـــطّـــم

thumb-10-3-660x330
حجم الخط

ممنوع اسقاط حكم اليمين، يجب عض الشفاه واعطاؤه المجال لاستنفاد أيامه حتى آخرها. على المستوى اليومي الوضع سيئ. ولكن من الناحية السياسية قد نتذكر هذه الايام على أنها أجمل سنوات حياتنا. اليمين ينهار من داخل نفسه. من الناحية العملية والفكرية لا توجد لديه اجابات. هذا الاسبوع بدؤوا في الاقتتال. بينيت ضد بيبي وبوجي، «البيت اليهودي» ضد «الليكود». وكما اقترح في حينه بيغن بخصوص الحرب بين العراق وايران يجب تمني النجاح للطرفين. هذه الحكومة قائمة منذ أقل من تسعة أشهر، وهي تبدو مثل حادثة متدحرجة لا تستطيع حتى إدارة نفسها. الوزراء يتبدلون باستمرار، الاشخاص في المكاتب يتبدلون، صفقات تُعقد في الظلام. نتنياهو يحتفظ بخمس وزارات، وفي الشهر الاخير كان اهتمامه منصبا على الانتخابات التمهيدية، حيث صمم على منافسة نفسه. في يوم أداء قسم اليمين للحكومة وعد بـ»السعي الى السلام وتوسيع الائتلاف». وبلغة الشبكات الاجتماعية كانوا سيقولون له: بخ خ خ خ. حملة الملاحقة والهجوم التي يقوم بها اليمين ضد قائمة متبدلة من المشاجب، هي حملة قبيحة ومليئة بالصراخ، وملونة بألوان المكارثية والفاشية. إن إصابته أليمة، لكن انجازاته محدودة. يبدو أنها تقتصر على اعتقال «نشيط من اليسار» في أعقاب «تحقيق» تم بثه في التلفاز. أو محاكمة فنانة لأنها قضت حاجتها على العلم القومي. هذه الحملة المسعورة تؤكد الازمة الوجودية التي يعيشها اليمين. إنه يُذكر بشاب في سن البلوغ صب جام غضبه وخيبة أمله على الواقع المحيط به. ومن اجل فهم ذلك يكفي اجراء تمرين ذهني صغير. لنفترض أن «بتسيلم» ستتفكك غدا و»نحطم الصمت» يتوقفون عن اجراء المحاضرات في الخارج، وألون ليئال يتقاعد، والمستوطن الديني نوعم سولبرغ يصبح رئيسا لمحكمة العدل العليا.. فهل سيتغير شيء في الوضع الجيواستراتيجي الاسرائيلي؟ وهل سيتغير شيء في قيودها التكتيكية في مواجهة تهديد السكاكين في الضفة والصواريخ في غزة؟ وهل سيتغير شيء في مكانتها الدولية المتدهورة؟. قبل أقل من سنة حدثت في اسرائيل معجزة انتخابية. اعتقد الكثير من الكُتاب والمحللين أن نتائج الانتخابات ستكون مختلفة. لقد أصابهم العمى فيما يتعلق بالحاضر وقصر النظر فيما يتعلق بالمستقبل. ومن حسن حظنا أننا اخطأنا. فمن الصعب تخيل ماذا كان سيحدث هنا في ظل واقع بديل. حينما ينشئ هرتسوغ ائتلافا متصدعا بتأييد اعضاء الكنيست العرب، واليمين في المعارضة، بدلا ذلك هو قوي في الحكم مع ائتلاف ضيق وطاهر. لا توجد ورقة تين على شاكلة ايهود باراك وليفني ولابيد، سارق الاصوات المناوب هو كحلون الذي حصل على 10 مقاعد من خائبي الأمل من «الليكود»، لكنه يعتبر، وبحق، جزءاً لا يتجزأ من «الليكود». ها هي الحقيقة البسيطة تتضح. الحلول الآنية التي يقترحها اليسار تنقسم الى ثلاثة: انفصال أحادي الجانب، انفصال باتفاق، أو دولة ثنائية القومية. هذه حلول صعبة وخطرة واشكالية. لا يوجد لليمين أي حل. وهو لا يضع أي شيء على الطاولة، لا ضما ولا تمييزا عنصريا ولا ترحيلا. إنه يعرف فقط كيف يرفض. وفي المقابل يتعرض الجمهور الاسرائيلي للمراوحة الاقتصادية واتساع الفجوات ويأس الجيل الشاب واستمرار الفساد في السلطة القطرية والسلطات المحلية. مسيرة المشبوهين لا تنتهي، وكلها من معسكر واحد. توجد انتقادات ثابتة للذين يصرخون على اليمين: أنتم تستمرون هكذا، ونحن نستمر في الانتصار في الانتخابات. وقد يكونون على حق، لكن بالنسبة للمعسكر الايديولوجي يفترض أن تكون السيطرة على الحكم وسيلة وليس هدفا. اليمين وصل الى الحكم، وهو يتحطم أمام الوضع الامني والسياسي والاقتصادي. وهذا تحطم يجب التفاخر به. محظور أن نشوش عليه.