تقف إسرائيل أمام الأزمة الأخطر منذ قيامها. أزمة داخلية لكنها أخطر على مستقبلها من التهديدات الخارجية. نتنياهو ضعيف، قابل للابتزاز، وخائف من ربقة القانون، يقود حملة هدم ضد الديمقراطية، جهاز القضاء، وقيم وثيقة الاستقلال. نحن بالتأكيد في الطريق الى تغيير النظام في إسرائيل. الحريات الأساس، وحقوق الاقليات، وحماية الفرد من تعسف الحكم، كل هذه لن تعود كما كنا نعرفها. سيتضرر الاقتصاد والأمن، وجودة التعليم والتكافل الداخلي، ووحدة الاهداف، والإحساس بالشراكة والحصانة القومية. لن تكون هذه إسرائيل التي حلمت بها الأجيال الاولى، وقاتلت ودفنت ضحاياها، أجيال أخيرة ونحن منها. كل ما هو عزيز علينا يقف أمام الخطر. وفقط في ايدينا أن نوقف حملة الهدم. علينا أن نصحو وأن نكافح.
هذا كفاح في سبيل البيت. الديمقراطية يجب أن تعرف كيف تحمي نفسها من أولئك الذين يستخدمون الأدوات التي تعطيها والحريات التي تمنحها من اجل هدمها من الداخل. هذا بالضبط ما يفعله روتمان، لفين، ونتنياهو باندفاع مجنون وخوف. لا نريد ولن نسمح بان يجعلونا بودابست او وارسو على اليركون. اذا لم نوقف حملة الهدم على الفور في هذه الأيام تماماً، فإن ظلاماً دامساً سيهبط على إسرائيل، سيتواصل الصراع وسيتعمق. سننتصر فيه لكن من الصعب أن نقدر المدة الزمنية وحجم الضرر الذي سيلحق على مدى الطريق. ولهذا فاني سأحاول أن ابسط في السطور ادناه بعض التشخيصات للواقع وبضع توصيات للعمل:
1. اليوم الحاسم هو يوم الاثنين القادم، ظهراً. مطلوب فيه مظاهرة كبرى حول الكنيست، واضراب واسع قدر الامكان، مع تظاهرات في كل أرجاء البلاد في ذات الساعة. لكن هذا وحده لن يكفي. ما هو المطلوب غيره؟
2. خروج كل المعارضة صباح الاثنين من مقر الكنيست الى مؤتمر صحافي لقادتها يسمون فيه "الانقلاب على النظام" باسمه. بهذه التعابير التي استخدمتها حايوت وبهرب ميارا، ويوضح بان ليس في نيتهم المشاركة في هذا الاجراء الذي يعني اقامة دكتاتورية بالفعل (وهكذا يعطون لـ "الانقلاب" مظهرا تشريعا طبيعيا). يحتمل انه ينبغي المبادرة الى إضراب عن الطعام لنواب من المعارضة حتى وقف كل تشريعات "الانقلاب على النظام".
3. بالتوازي ينبغي أن يرفع، الاحد القادم، الالتماس الذي يطالب بالاعلان عن عدم أهلية نتنياهو. لأنه يقود الحملة لسحق جهاز القضاء وقيم وثيقة الاستقلال بخلاف قسَمه قبل خمسة اسابيع فقط وكمتهم بالرشوة، حتى في ظل تضارب مصالح صارخ حتى السماء. كما أنه الوحيد الذي يمكنه أن يوقف حملة الهدم في لحظة واحدة. وعليه فهو المسؤول عنها وليس غيره.
4. من المعقول ان يكون رد فعل "ثلاثة برل"، بيبي، روتمن، لفين، الإجازة بقراءة عاجلة واولى لـ"قانون تعيين القضاة" والقانون الذي يمنع العليا من شطب قوانين اساس. في هذه المرحلة توجد حاجة للتوجه الى المستشارة القانونية والتماس آخر الى محكمة العدل العليا لمطالبتهما بان يقررا بان إسرائيل توجد في أزمة دستورية عميقة – وبغياب معارضة وامام مبادرات تشريعية اعتبرتها حايوت وبهرب ميارا منذ الآن "محاولات لتغيير الطابع الديمقراطي لإسرائيل" تقرران بان هذه خطوة ليست دستورية ويجب منع استمرارها. وكبديل، الايضاح للجمهور بالطريقة التي يتم اختيارها بان القانونين سيشطبان من العليا اذا ما حاولوا استكمال تشريعهما بمكانة طرف واحد. هذه بالفعل أزمة دستورية صافية.
5. لا شك بانه في هذه المرحلة، او في مرحلة مبكرة اكثر، سيبادر الباحثون عن الحل الوسط والحوار، من رئيس الدولة فما دون ويتساءلون لماذا لا نتوقف للحظة؟ فهذه مجرد قراءة اولى، فهيا نبدأ بمباحثات ونصل الى توافقات واسعة على التعديلات. وهذه نشرعها، فيأتي الخلاص الى صهيون.
هذا خطأ جسيم من شأنه أن يدفن الاحتجاج، ويؤدي الى النتيجة المعاكسة. بمثابة "الطريق الى الجحيم مبلطة بالنوايا الحسنة". لماذا؟ لان الحوار بعد قراءة عاجلة واولى هو من موقف ضعيف من مسدس وُجّه مسبقا الى الرأس. هذا مدخل لتعديلات تجميلية في اقصى الأحوال وليس الى مواجهة مع مجرد التشريع وجوهره الخطير. كما لا توجد اي قدرة على اجبار الحكومة على التراجع عن القوانين. طرف نتنياهو، روتمن، ولفين يكون خلق حينها الأغلبية اللازمة، ويكون بوسعه في كل يوم من مداولات الكنيست ان يجيزها في غضون ست ساعات بالقراءة الثانية والثالثة ايضا. فضلا عن هذا سيستغل نتنياهو السذاجة السياسية لطالبي الحوار كي يبخر الاحتجاج الذي سيصعب عليه المواصلة عندما يكون قادته ورؤساء المعارضة يجرون المباحثات. هكذا بالضبط غرق احتجاج 2011 اثناء مداولات لجنة تريختنبرغ. وعلى ماذا سيتداولون؟ على طول الحبل مع منفذ الإعدام؟ أم على ترتيب هدم الغرف بجرافة D9؟
6. نتنياهو، روتمن، ولفين مصممون ولن يتراجعوا عن أساس التشريع. وهم لن يتنازلوا عن إخصاء المحكمة العليا ولا عن تسييس عموم القضاة وتعيين القضاة في العليا ممن سيجلسون في استئناف نتنياهو. بالنسبة لهم هذا وجودي. هذا هو سبب الاسباب لكل المعمعمان الذي نشهده. الحوار الحقيقي الوحيد الممكن هو في "مخطط حايوت"، اي الوقف التام للتشريع (قبل القراءة العاجلة)، وتشكيل لجنة (لنقل رئاسية)، والتشريع فقط في تلك المواضيع التي بشأنها اجماع واسع وهي تنطبق فقط انطلاقا من الكنيست التالية. هكذا فقط يمكن الضمان بان يضطر الطرفان بالفعل للتوصل الى حل وسط واجماع واسع من جهة ومن جهة اخرى هكذا فقط يمكن الضمان بان هذا سيكون تعديلا حقيقيا ولازما وليس تشريعا شخصيا وباثر رجعي لم يشهد له مثيل في اي ديمقراطية جديرة. يبدو الفرق صغيراً، وسيكون هناك من سيقول صغيرا جدا. ليس صحيحاً. ليس صدفة أن صاغت حايوت شروطها كما صاغتها وأوضحتها بهرب ميارا.
7. وانهي بدعوة. كلنا في قارب واحد. ومن نختلف معهم اخوتنا، حرفياً. الكثيرون منهم وطنيون مستقيمو الطريق مثلنا يريدون الخير. لمصيبتنا وكذا مصيبتهم تقاد الدولة نتيجة نتائج الانتخابات من قبل قيادة يوجد لها وزن وحقوق ماضية لكن تدهورت في السنوات الاخيرة في منزلق سلس من القوة المفسدة، في خدمة مصالحها الخاصة وضد المصلحة العامة، فيما هم انفسهم تقودهم مجموعة متزمتين عنصريين الى اعمال تسحب من حكمهم الحق في المواصلة وتسمية الديمقراطية. وهذه القوةـ وهي تتحول امام ناظرينا الى دكتاتورية، تفرض علينا العمل ضدها بكل سبيل قانوني ممكن.
سنقاتل يداً بيد نحن محبي الحرية وكل الموالين لوثيقة الاستقلال الى أن ننتصر. هذه ايام سيئة ولهذا سنكافح. ليتها تأتي أيام أفضل منها بسرعة في أيامنا. آمين.
عن "يديعوت"
ــــــــــــــــــــ
*رئيس وزراء أسبق.